أسدلت محمكة النقض الستار علي أول فصل لمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي وبدأت المحكمة بكتابة مشهد النهاية لجرائم الجماعة بتأييدها حكم محكمة الجنايات الصادر في 21 أبريل 2015 بمعاقبة المعزول والقياديين محمد البلتاجي وعصام العريان و8 آخرين من مساعديه السابقين وأعضاء جماعة الإخوان، بالسجن المُشدد 20 عامًا، لإدانتهم باستعراض القوة والعنف والقبض والاحتجاز المقترن بالتعذيبات البدنية للمتظاهرين وفض اعتصامهم السلمي أمام قصر الاتحادية الرئاسي يومي 5 و6 ديسمبر 2012. وبهذا الحكم الذي أثلج صدور الملايين من المصريين فإن المعزول سيظل قابعًا خلف القضبان حتي 20 أبريل عام 2035 منتظرًا تأييد باقي الأحاكم التي صدرت بحقه في 3 قضايا أخري والتي تصل إلي السجن 65 عاما وإعدام، أو إلغاؤها وإعادة محاكمته من جديد بالإضافة إلي قضية رابعة لم تفصل فيها محكمة الجنايات وفي حالة تأييد الأحكام علي المعزول فإن إجمالي أحكامه حتي الآن يصل إلي السجن 85 عاما وإعدام واحد فقط، وهي العقوبة التي ستكون أقرب إلي التنفيذ في حال تأييدها من محكمة النقض. أحداث الاتحادية وعن تفاصيل أول الأحكام التي أيدتها محكمة النقض علي الرئيس المعزول فإن القضية فُتح التحقيق فيها عقب عزله مباشرة في عام 2012، وأحيلت لمحكمة جنايات القاهرة في عام 2013 وصدرت فيها الأحكام عام 2015 وتقدم المتهمون بالطعن علي الأحكام في نفس العام. وأعدت نيابة النقض تقريرها القانوني في الطعن وقد انتهت في تقريرها الاستشاري الذي قدمته للمحكمة في أولي جلسات نظر الطعن، إلي قبول الطعن من حيث الشكل، وفي الموضوع برفض أسبابه وتأييد حكم محكمة الجنايات الصادر بإدانة المتهمين عن وقائع استعراض القوة والعنف والقبض والاحتجاز المقترن بالتعذيبات البدنية للمتظاهرين وفض اعتصامهم السلمي أمام قصر الاتحادية الرئاسي يومي 5 و6 ديسمبر 2012 . أكدت النقض أن حكم الجنايات توافرت فيه العناصر القانونية للجرائم التي أدين المتهمون الطاعنون بها، وأورد علي ثبوتها ضدهم أدلة سائغة استقاها من أقوال المجني عليهم، وشهود الإثبات، وما ثبت من التقارير الطبية والفنية، وما عرضته النيابة العامة وهيئة المحكمة أثناء جلسات المحاكمة لمقاطع فيديو مسجلة لبعض وقائع الأحداث، وما تم من مواجهات للمتهمين والمجني عليهم في هذا الخصوص. وفي ردها علي أسباب المتهمين في طعنهم علي الحكم، أكدت المحكمة أن الأدلة التي ساقتها محكمة الموضوع سائغة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتبه الحكم عليها من عقوبات في حق المتهمين، وقد جاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوي علي نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملًا، يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لمعرفة الحقيقة. وأكدت المحكمة أنه لا تثريب علي الحكم في كونه لم يفصح عن مصدر بعض تلك الأدلة التي ساقتها ضد المتهمين، لأن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل بفرض حصوله لا يضيع أثره ما دام له أصل ثابت في الأوراق، ومن ثم يكون منحي المتهمين في هذا الصدد علي غير سند من القانون. 9 متهمين والمتهمون المتقدمون بالطعون هم الرئيس المعزول محمد مرسي، وأسعد الشيخة، وأحمد عبدالعاطي، وأيمن عبدالرؤوف هدهد، وعلاء حمزة، ومحمد البلتاجي، وعصام العريان، وعبدالحكيم إسماعيل، وجمال صابر. وقال دفاع المتهمين إن محكمة الجنايات خالفت النصوص الدستورية والقانونية في حكمها وطالب الدفاع أن تتصدي محكمة النقض لما ورد بحكم الجنايات من أخطاء ولا تكتفي فقط بنقض الحكم وإعادة محاكمة المتهمين من جديد، مشيرًا إلي أن محمد مرسي لم تزل عنه صفة رئيس وكان يجب أن يحاكم أمام محكمة خاصة وفقًا لما نص عليه الدستور. فيما عرض الدفاع الدفع الخاص بعدم الاختصاص ولائيًا بنظر محاكمة مرسي، مشيرًا إلي أن تقرير محكمة الجنايات أزال هذه الصفة عن مرسي مما يعد خطأ قانونيا ومخالفا للدستور، إذ كان لابد أن تشير في حكمها إلي الأسباب القانونية التي دعتها للاستناد إلي ذلك. الهروب ومن المنتظر أن تحدد محكمة النقض مصير المعزول في باقي جرائمة خلال الأيام القادمة فقد عقدت جلستها منذ أيام للنظر في طعنه علي الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة في 16 مايو 2015 ضده بالإعدام في قضية الهروب واقتحام السجون خلال أحداث ثورة يناير . وأكدت محكمة الجنايات في أسباب حكمها أنها اطمأنت إلي الأدلة الدامغة التي تفيد ارتكاب المتهمين لما هو منسوب إليهم من اتهامات بالوقوف وراء اقتحام السجون والمنشآت الأمنية وارتكاب جرائم قتل 32 من قوات التأمين والمسجونين بسجن أبوزعبل، و14 من سجناء سجن وادي النطرون، وأحد سجناء سجن المرج، وتهريبهم لنحو 20 ألف مسجون من السجون الثلاثة المذكورة، فضلًا عن اختطاف 3 من الضباط وأمين شرطة من المكلفين بحماية الحدود واقتيادهم عنوة إلي قطاع غزة. وأضافت المحكمة أنه ثبت لديها من واقع التحريات التي أجراها جهازا المخابرات العامة والأمن الوطني، والشهادات المتعددة للشهود سواء من رجال الشرطة أو السجناء الذين عاصروا عمليات الاقتحام المسلح للسجون الثلاثة (وادي النطرون والمرج وأبوزعبل) والأحراز المصورة بالقضية، أن الجرائم التي احتوتها أوراق القضية، تمت وفقًا لمخطط ممنهج تزعمته جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي بالتعاون مع جهات أجنبية، وأن تلك الجرائم وضعت جميعًا تحت عنوان واحد هو »جريمة ارتكاب أفعال من شأنها المساس باستقلال البلاد وسلامة أراضيها» والمتمثلة في دخول عناصر مسلحة إلي البلاد والتعدي علي المنشآت الأمنية والحكومية بالشريط الحدودي بين مصر وفلسطين، وإجبار قوات الشرطة علي التراجع إلي مدينة العريش، وبسطهم نفوذهم علي كامل الشريط الحدودي ومدينتي رفح والشيخ زويد وفرضهم حظر التجول بهما. أمن البلاد وأضافت المحكمة أن الأفعال الإجرامية الماسة بأمن البلاد وسلامة أراضيها تمثلت أيضا في الاعتداء علي 3 من أقوي السجون المصرية وأشدها تحصينا، وتهريب من بها من مساجين خطرين وهي سجون المرج وأبو زعبل ووادي النطرون، واختطاف 3 من الضباط وأمين شرطة حال تأدية عملهم بقصد مبادلتهم بتابعيهم المودعين بالسجون المصرية، فضلا عن وقوع جرائم أخري كانت لازمة ومصاحبة لتنفيذ تلك الجرائم ونتيجة حتمية لها، والتي تتمثل في قتل مجندي السجون والسجناء والشروع في قتل آخرين من الضباط والمجندين والمساجين، ووضع النار عمدا في مباني تلك السجون وسرقة محتوياتها وتخريب الأملاك والمباني العامة وتمكين مقبوض عليهم من الهرب، والتعدي علي القائمين علي تنفيذ القانون وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائرها. وذكرت المحكمة أنه ثبت لديها أن تخطيط المتهمين لارتكاب الجرائم، كان بإيعاز ودعم ومساندة من تنظيمات إرهابية خارج البلاد، موضحة أنه شارك في التآمر علي مصر وتنفيذ المخطط الإجرامي كل من حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني وبعض العناصر الجهادية من بدو سيناء، ودليل ذلك أن اجتياح الحدود الشرقية للبلاد وتفريغ الشريط الحدودي من قوات الشرطة والاعتداء علي المنشآت الشرطية والحكومية والوصول إلي أقوي السجون المصرية وأشدها تحصينا واقتحامها، جاء بصورة منظمة وممنهجة وفي أوقات متزامنة، وما تم علي إثر ذلك من تهريب من بها من سجناء خطرين إلي خارج البلاد، وهو أمر لا يمكن لجماعة الإخوان -ومن بينهم المتهمون في القضية الماثلة- أن تقوم به منفردة دون الاستعانة بجهات خارجية. وأكدت المحكمة أنه استقر في وجدانها واطمأنت في ضوء ما اطلعت عليه من الأوراق والمستندات وتقارير وأدلة، وما استخلصته من أحداث ووقائع وجرائم، بما لا يدع مجالًا للشك، أن القضية الماثلة جمعت بين متهمين من داخل وخارج البلاد ارتكبوا عمدا أفعالا تؤدي للمساس باستقلال البلاد وسلامة أراضيها تزامنا مع اندلاع تظاهرات ثورة 25 يناير 2011 لإحداث حالة من الفوضي للبلاد، حتي يستفيدوا من انشغال البلاد بتأمين داخلها وحينها ينقضوا عليها من الخارج. وأشارت المحكمة إلي أن أوراق القضية كشفت عن »ارتباط تنظيمي» بين جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي (بمصر والخارج) وبين حركة حماس التابعة للتنظيم الدولي للإخوان وبين حزب الله اللبناني (لبنان) وبين جهاديي شمال سيناء، موضحة أن تحريات الأمن الوطني والمخابرات العامة أثبتت أن حركة حماس هي أحد أفرع التنظيم الدولي للإخوان وبمثابة الجناح العسكري لها، وثابت ذلك أيضا من خلال ما نصت عليه المادة الثانية من ميثاق الحركة والتي نصت علي أن »حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمي وهي كبري الحركات الإسلامية في العصر الحديث». التخابر وتنظر المحكمة خلال أيام طعن المعزول في الحكم الصادر ضده أيضا في 16 مايو 2015 بالسجن المؤبد لإدانته بالتخابر مع حركة حماس واشتراكه معهم في أحداث التخريب التي أعقبت ثورة يناير. وكان دفاع المعزول قد تقدم بطعن منذ أسابيع علي الحكم الرابع الصادر بحقه في قضية التخابر مع قطر، وكانت محكمة جنايات القاهرة في 18 يونيو الماضي قد عاقبته بالسجن المؤبد والسجن 15 سنة عما أسند إليه في القضية ليصل مجموع أحكامه في هذه القضية إلي 40 عاما . ويتبقي لمرسي قضية واحدة، لم يصدر فيها حكم حتي الآن أجّلتها محكمة جنايات القاهرة لجلسة 6 نوفمبر لاستكمال مرافعة الدفاع ويحاكم فيها مع 24 آخرين بتهمة إهانة القضاء.