الرومان الطلاق بمنح الزوج سلطة قتل الزوجة، إلي أن تراجعت ديانتهم فأباحت الانفصال كجزء من الزواج، ومن لا يقبل به يبطل عقده، وعندما ازدهرت الحضارة اليونانية كان الطلاق شائعا، وكان معروفا أيضا في الجاهلية حيث كان الرجل يغضب علي امرأته فيطردها خارج بيته فتقيم عند والدها، بينما الطلاق في الإسلام هو أبغض الحلال، فالأديان السماوية الثلاثة اهتمت بالتفاصيل الصغيرة المتعلقة بالعلاقة بين الرجل والمرأة، لذلك أصبح الطلاق من الأمور الرئيسية في الديانات الثلاث التي اهتمت بتوضيح موقفها منه. ويعد الإسلام من أهم الديانات التي عالجت موضوع الطلاق باستفاضة من أجل ضمان استقرار الأسرة، إذ يؤكد د. علي صلاح، أستاذ الدعوة والفكر بجامعة الأزهر، علي أهمية الصبر علي الزوجة وذكر محاسنها قبل عيوبها فالله تعالي يقول في سورة النساء: }وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً{، بمعني أن الزوج لابد أن يحتمل ما يكره من زوجته وعلي الزوجة أن تعمل علي إرضاء زوجها بما عندها من حيلة وتستوعب غضب زوجها وتحتوي انفعالاته، أما في حالة الوصول إلي طريق مسدود فيباح للزوج اللجوء لوسيلته الأخيرة وهي الفراق بالمعروف أو الطلاق، فقد أجازه وهو الحلال المبغوض إلي الله بوصفه رخصة شرعت للضرورة عند استحالة العشرة، ويشير إلي أن الشريعة الإسلامية وضعت قيودا عديدة لتنفيذ الطلاق، وحرّمته بغير ضرورة تقتضيه واستنفاد كل الوسائل والحلول. وعلي جانب آخر يري د. سامي حسين، أستاذ اللغة العبرية والديانة بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر أن اليهود يدونون كتاب الطلاق علي أوراق الزيتون أو علي قرون البقرة أو علي جلدها بحلاقة الشعر، علي أن تعطي البقرة للمرأة الطالق، كما يدون علي يد العبد علي أن يسلم العبد أيضا للمرأة الطالق، ويجوز في هذه الحالة تدوين الكتاب بطريقة الوشم علي يد العبد الذي يسلم للمرأة، كما يجوز تدوينه علي إناء ذهبي يقدمه الزوج للزوجة كمستحقاتها عن الطلاق، ولا يجوز تدوينه علي شيء ثابت في الأرض وإلا لابد من اقتلاعه وتسليمه للمرأة، ويدون كتاب الطلاق بالحبر أو بالجير أو بالصمغ أو بصدأ النحاس أو بأي مادة ثابتة ولا طلاق في اليهودية بدون وثيقة مكتوبة. ويتابع حسين: مارس اليهود الطلاق علي نطاق واسع، وخولت القوانين العبرية القديمة للرجل أن يطلق زوجته، ولم تسمح للمرأة بطلب الطلاق من زوجها، ولم تحصل علي ذلك الحق إلا في عصور متأخرة، إذ أباح كل من القرائين والربانيين للزوجة طلب الطلاق بوجود سند شرعي موجب يقنع القاضي ليحكم بالطلاق مثل: إذا تزوج الزوج عليها دون علمها، أو تقصيره في واجباته الشرعية، أو مرضه بمرض مزمن ميئوس من شفائه، وإذا كان عقيما، أو امتناع الزوج عن الإنفاق علي زوجته دون مبرر، إذا كان غير نظيف. وللرجل الحق في تطليق زوجته في حال وجد فيها عيوباً خلقية مثل: العمش، والحول، والحدب، والعرج، والعقم، وعيوب الاخلاق مثل: الوقاحة، والثرثرة، والشكاسة، والعناد، والإسراف، والنهمة، والزني أقوي الاعذار عندهم فيكفي فيه الاشاعة، ويمنع علي الرجل العودة والزواج من طليقته مرة ثانية إلا بعد زواجها من شخص آخر، كما أتي في كتاب "دفريم" التشريعي، وأخذت بقية قوانين الطلاق من التوراة عبر النقل الشفوي لهذه القوانين والأعراف ما يعني عدم وجود نصوص توراتية مكتوبة تنظم عملية الطلاق من الناحية الشرعية. وتجري عملية الطلاق ذاتها في مقر الحاخامية ذات الصلاحية الحصرية في منح الطلاق والمصادقة عليه في إسرائيل، ويقوم الزوج بالتوقيع منفردا علي وثيقة الطلاق ويكون الطلاق بالتراضي وموافقة طرفي العلاقة وفي حال اتفق الزوجان علي الطلاق، وحين يكون من العسير التعرف بالضبط علي شخصية وأسماء الزوجين الراغبين في الطلاق فيكون ذلك من الحالات التي توجب الشريعة اليهودية القيام بعملية طلاق مزدوجة "مرتين" وإذا كان الإسلام واليهودية قد أجازا الطلاق فإن المسيحية حرمته إلا في حالة علة الزني، ويعترف القس بولا منير أن المسيحية هي الديانة التي شذت عن الديانات الأخري في عملية الطلاق فقد جاء في الإنجيل علي لسان المسيح تحريم الطلاق وتحريم زواج المطلقين والمطلقات "من طلق امرأته إلا لعلة الزني فقد جعلها زانية ومن تزوج مطلقة فقد زني"، وفي إنجيل مرقس "من طلق امراته وتزوج بأخري يزني عليها وإذا طلقت المرأة زوجها وتزوجت بآخر ارتكبت جريمة الزني" وقد علل الإنجيل هذا التحريم القاسي بأن "ما جمعه الله لايصح أن يفرقه الإنسان". وقد حددت المسيحية شروطاً صعبة للطلاق تكاد أن تصل إلي المستحيل وهو ما يجعل الأمر معقدا، وكان من نتيجة هذا التشدد في المسيحية في أمر الطلاق تمرد بعض المسيحيين علي دينهم وهروبهم من وصايا أناجيلهم رغبة في التخلص من التشريعات التي تعوقهم، في حين يعتمد المسيحيون في الغرب علي قوانين مدنية تبيح لهم الطلاق كما يحدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية وغيرها من البلدان وهو ما جعل المحافظين يشكون من هذه الفوضي التي أصابت هذه الرابطة المقدسة ويرون أن المسألة تهدد الحياة الزوجية ونظام الأسرة بالانهيار حتي أعلن أحد قضاة الطلاق المشهورين هناك أن الحياة الزوجية ستزول من بلادهم وتحل محلها الإباحة والفوضي في العلاقة بين النساء والرجال في زمن قريب إذ لا دين ولا حب يربطهما بل الشهوات والتنقل في وسائل المسرات. ورغم أن الإنجيل استثني من تحريم الطلاق ما إذا كان السبب "علة الزني" فإن أتباع المذهب الكاثوليكي يؤوِّلون هذا الاستثناء ويقولون:" ليس المعني هنا أن للقاعدة شذوذا أو أن هناك من القضايا ما يسمح فيه بالطلاق، فلا طلاق في شريعة المسيح والكلام هنا (في قوله إلا لعلة الزني) وفي هذه الحالة يحل للرجل أن يترك المرأة. في حين يري أصحاب المذهب البروتستانتي إجازة الطلاق في أحوال معينة منها حالة زني الزوجة وخيانتها لزوجها وبعض حالات أخري ولكن يحرمون علي المطلق والمطلقة أن ينعما بحياة زوجية بعد ذلك. أما أتباع المذهب الأرثوذكسي قد أجازت مجامعهم الملية في مصر الطلاق إذا زنت الزوجة كما نص الإنجيل وأجازوه لأسباب أخري منها العقم لمدة 3 سنين والمرض المعدي والخصام الطويل الذي لايرجي فيه صلح، وهذه أسباب خارجة علي ما في الإنجيل، وهو الأمر الذي أنكره المحافظون من رجال هذا المذهب اتجاه الآخرين إلي إباحة الطلاق لهذه الأسباب كما أنكروا إباحة الزواج للمطلق أو المطلقة بحال من الأحوال.