ما أصعبها من لحظات عندما تستيقظ من نومك ، ولا تجد رفيقة حياتك، سرقها منك الزمان في غمضة عين، تعالت الصرخات وارتفعت الصيحات على فراق الضحية "منى" بعد ان صعدت روحها الى بارئها اثناء تسوقها لتدهسها سيارة لوري يقودها طفل فى الثالثة عشر من عمره ! المتهم الحدث لم يقتل منى وحدها بل قتل أيضا جنينها بعد أن تكسرت عظامه داخل أحشائها ! لم يكن ما بيننا مجرد علاقة بين زوج وزوجته بل كانت شقيقتى وأمى وكل شيء بالنسبة لى .. ولكنه قضاء الله وقد اختار زوجتى وطفلى الذى لم يكمل شهره السادس بعد ان انتظرته طويلاً .. فمنذ ان وقعت عينى عليها وأنا أتمنى من الله ان تكون رفيقة حياتي، وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة لدعائى لتتم بالفعل مراسم الزواج وبداية مشوار من الكفاح أختي وأمي هكذا تحدث زوج الضحية "محمد.ش" عامل وهو يروي لنا تفاصيل الجريمة، تلونت عيناه بلون الدماء حزناً على فراق زوجته وضاع حلمهما في طفل تمنياه من الله، لكن شاء القدر أنه بعد أتم شهره الخامس يلقى مصرعه قبل أن ترى عيناه النور، ويقول محمد: عاملاً فى إحدى الشركات الخاصة وامتلك محلاً لتجارة اكسسوارات الهواتف لمحمولة ليعيننى على ظروف الحياة، لم تطلب منى زوجتى اكثر مما يكفيها من متطلبات الحياة اليومية وحرصها الدائم على ايقاظى مبكراً حتى لا اتأخر عن العمل .. كانت بمثابة كل ما املك فى الحياة وفى غمضة عين ذهب كل شئ واصبحت انا وطفلتى سلمى التى لم استطع ان انظر الى وجهها لإنى ارى فيها ملامح زوجتى .. فمجرد ان تقع عينى عليها لا استطع ان اتمالك نفسى من الدموع مهرولاً الى غرفتى لأدخل فى وصلة طويلة من البكاء على ما اصابنى الله من ابتلاء . الوداع الأخير قبل نهار الحادث بيومين كنا عند الطبيب للإطمئنان على حالة الجنين الذى تحمله زوجتى "الضحية" واخبارنا بأنه بفضل الله فى احلة جيدة وقد اتم شهره الخامس وعليها ان تلتزم الراحة لبضعة ايام حتى لا تتعرض للإرهاق .. ولكنها كانت على اصرار تام على ان تؤدى ما عليها من واجبات فى حقى وحق طفلتى "سلمى" .. نصحتها كثيراً ان تلتزم بما قاله له الطبيب ولكنه كانت تباغتنى بإبتسامتها المعهودة قائلة انها فى حالة جيدة ولا تشعر بشئ يعرضها للقلق .. وفى ذلك اليوم المشئوم كعادتها استيقظت مبكراً واعدت الى الطعام والشراب استعداداً لذهابى الى عملى .. فى تلك اللحظة بدأ الأمر وكأن هناك شئ غير مألوف سيحدث فضلاً عن شعورى باضطراب شديد فى قلبى بعد ان فوجئت بزوجتى على غير العادة وهى تمسك بى طالبة منى ألا اغادر الى العمل وان امكث معها هذا اليوم وألا اتركها .. لم اكن اعلم انه الوداع الأخير الذى لن ارى فيه زوجتى بعد الآن .. ولكنى بحسن نية اخبرتها بضرورة الذهاب الى العمل حتى لا اتأخر او اتعرض لثمة عقوبات .. لم تلقى بالاً لما اقول وهى تزداد فى الحاحها علىّ وهى تطلب ان اقضى معهم اليوم بمثابة اجازة من العمل .. وبعد اصرار منى تركتنى بعد ان وعدتها بأنى سأعود مبكراً من العمل من اجلها مطالباً اياها بأنه ليس هناك ضرورة للتسوق اليوم خوفاً عليه وعلى الجنين . ويواصل محمد قائلا: بعد ان ذهبت الى العمل اتصلت بى وأخبرتنى بأنها ستذهب لتوصيل سلمى الى الحضانة وأنها ستذهب الى السوق من أجل شراء بعض المستلزمات الضرورية للبيت، كانت هذه الكلمات هى الأخيرة بينى وبين رفيقة حياتى بعد أن ذهبت وقامت بتوصيل سلمى الى الحضانة وهى تودعها الوداع الأخير، بعد ذلك انتقلت "منى" الى منزل والدتها على غير العادة لتمكث معهم بضع دقائق حتى اخبرت والدتها انها ستذهب الى التسوق .. لم تتركها والدتها بمفردها حتى لا تتعرض لحالة اغماء او خلافه دون ان يكون معه احد .. بالفعل ذهبا معاً للتسوق وهى تنظر الى كل من حولها وكأنها على علم بإنها تلك النظرات هى الأخيرة فى حياتها مودعة كل من حولها .. لم تخيب الظنون ما كان يباغت تفكيرها لتأتى سيارة الموت لحظة وقوفها بجوار امها لتدهسها اسفل عجلاتها الكبيرة بعد ان اخبرتنى اسرتى ان السيارة التى صدمتها سيارة نقل ثقيل "لورى" .. جائنى الإتصال وانا فى عملى وكأنه كابوس تمنيت لو افيق منه ولكنه الواقع المرير الذى سقط على رأسى .. هرولت مسرعاً من مكتبى الى مستشفى ابوالنمرس العام ولكنها كانت فى حالة متأخرة للغاية بعد ان تحطم قفصها الصدرى وتهتك فى احشائها .. اخبرنى الأطباء ان الجنين توفى، أخبرتهم عن حالته فهى الأهم بالنسبة لى ولكنى وجدت علامات الصمت على وجوههم ليخبرونى بأن نسبة نجاتها من الموت ضعيفة جداً . سلمى تبكي على الفور ذهبت مسرعاً الى قسم شرطة ابوالنمرس وقمت بتحرير محضر بالواقعة ضد سائق السيارة الطائشة وكانت المفاجأة الأخرى ان قائد السيارة طفل لم يتعدى عمره الثلاثة عشر عاماً ولكنه تمكن من الهرب وقيام الأهالى باحتجاز السيارة بعد ان دمروها بالكامل وقيام قوات الأمن بالتحفظ عليها داخل المركز، وحدث ما كنت أخشاه بعد ان تلقيت اتصالاً هاتفيًّا يخبرنى بوفاة زوجتى بعد ان فشلت كل المحاولات لإسعافها، تلقيت الإتصال كالصاعقة لأسقط على الأرض مغشياً عليّ ولم اشعر بنفسى إلا وانا فى المنزل .. استيقظت من صدمتى وأنا أصرخ بأعلى صوتى وانا انادى على زوجتى لعلها تسمع ندائى ولكن دون استجابة . زاد على الأمر بعد ان سمعت طفلتى سلمى وهى تسأل عن أمها من اجل ان تذهب معها لتوصيلها الى الحضانة ولكنها لم تعلم انها لن ترى والدتها مرة أخرى بعد ان ذهبت ضحية للإهمال من اصحاب سيارات الصرف الصحى وإسناد قيادتها لأطفال دون ان يعلموا ماذا يفعلون او من يسيطر على افعالهم لتكون هذه هى النتيجة بعد ان دفعت زوجتى الثمن .