بين الإسلام والغرب قصة طويلة لها بداية ولكن ليس لها نهاية حتي كتابة هذه السطور.. دخل العرب كغُزاة فاتحين أوروبا عام 672 ميلادياً وتلاهم بعد ذلك العثمانيون ومنذ ذلك التاريخ وحتي الآن مازال التفاعل مستمراً بالإيجاب حيناً والسلب أحياناً أخري والملاحظة الجديرة بالاهتمام هنا أن الغرب تفاعل في باديء الأمر مع العرب الفاتحين فنفر منهم. لذلك لم ينتشر الإسلام بالصورة المتوقعة رغم بقاء العرب نحو ثمانية قرون أي 800 عام في شبه الجزيرة الإيبرية إسبانيا والبرتغال أما الآن فالبادي للعيان أن الغرب بدأ يتفاعل مع الإسلام كعقيدة ودين. ورغم الصورة النمطية والإنسانية المزرية التي يقدمها العرب. إلا أن الإسلام ينتشر ويتوسع ويتمدد عن ذي قبل وهو ما يثير قلق بعض الأوروبيين البيض والدوائر الأنجلو صهيونية التي تستخدم للأسف بعض العرب كأداة لضرب الإسلام وتشويهه ووقف انتشاره أو حتي بقائه في أوروبا وهي بلاد جديرة بما تتمتع به من حضارة زاهرة وانضباط في العمل والإنتاج أن تتنافس عليها الأديان والإسلام واحد منها. وإذا أردنا نحن المسلمين العرب أن نخدم قضايانا ونحفظ هويتنا ووجودنا في هذه المنطقة حالياً ومستقبلاً. فينبغي أن نفكر في الأمور برؤي استراتيجية عميقة وأن نقرأ التاريخ قراءة متأنية لنستفيد منه في خدمة حاضرنا وفي هذا الإطار. فإن ما حدث من هجوم علي المسجدين في مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا وما تلاه من أحداث ليس إلا فصل واحد من قصة طويلة ممتدة بين الإسلام والغرب وأهم ما أكدت عليه هذه الأحداث أن الإسلام موجود وأن هذا الوجود له أعداء من بعض الفئات مثلما يحظي بالقبول والرضا من فئات أخري في المجتمعات الأوروبية. ومن حُسن الحظ ويمن الطالع أن الفئات المعادية للإسلام في الغرب ومن اليمين الأبيض المتطرف وهي فئات عنصرية تؤمن بتفوق العنصر الأبيض وتكره وتحتقر ما عداها بما في ذلك اليهود والملونين والسود وبرغم النمو المطرد في عدد هذه الجماعات ووجود أحزاب وتمثيل برلماني لها في المجالس التشريعية والرقابية ببلاد الغرب إلا أنها تواجه رفضاً عالمياً ومحلياً أيضاً وبإمكان العرب تلطيف حدة عنصرية هذه الجماعات بالتعامل الذكي والاستراتيجي معها واحتوائها وليس من خلال تأليبها علي المسلمين الذين مازالوا فئات ضعيفة ومستضعفة ومهيضة الجناح في الغرب تحتاج إلي الدعم والتوعية لكي يستقروا في أوروبا ويثبتوا وجودهم. إن الإسلام جدير بأن يكون له موطيء قدم في أوروبا مثل باقي الأديان السماوية وغير السماوية ومثلما ستستفيد أوروبا وأمريكا من الإسلام نظراً لحاجتها لهذا الدين فإن المسلمين سوف يستفيدون من وجود جاليات قوية ومتعلمة وعلي درجة من الوعي.. أمام الإسلام فرصة بأن يصبح إسلاما أكثر حرية وانفتاحا علي الآخر وأكثر عصرية. نحن نحلم بإسلام قوي بلا مذهب وهدا لن يأتي إلا من أوروبا.