أيام تفصلنا عن الذهاب إلي صناديق الاستفتاء للإدلاء بالرأي في التعديلات التي تمت ببعض مواد الدستور. التي صارت حديث البيوتات المصرية وشغلها الشاغل. والتي كانت فرصة سانحة لكل من كان لا يعرف عن الدستور إلا اسمه وهذا خطأ. لأن هذا الدستور وضعه المشرعون لتنظيم الحياة بما تعنيه الكلمة بين الشعب والسلطة كي يعرف كل منا ماله وما عليه. وكذلك ما ينبغي فعله. فقد انتهي مجلس النواب من صياغة التعديلات والموافقة عليها نداءً بالاسم في الجلسة العامة كي يكون الجميع علي بينة من أمره. وأنه كان شاهدا عليها سواء بالنسبة للأغلبية أو المعارضة وهذا حق كفله الدستور. لذا ستتم الدعوة إلي الاستفتاء خلال أيام كي يصدق الشعب عليها بالموافقة أو بالرفض المهم الذهاب إلي الصناديق فالصوت أمانة والمشاركة المجتمعية مطلوبة لكافة الاطياف. أشار د. علي عبدالعال رئيس مجلس النواب إلي أنه كلما كانت هناك حاجة إلي تغيير بعض المواد. فالمجلس جاهز طالما ستكون في صالح الشعب والوطن. وقد سألني بعض الاصدقاء عن مسألة التعديلات التي تمت أو التي يمكن النظر إليها فيما بعد فقلت إنها ليست بدعة وإنما سبقتنا الكثير من الدول إلي ذلك. فمثلا أدخلت الولاياتالمتحدةالأمريكية علي دستورها 26 تعديلاً وهو رقم كبير في دولة ديمقراطية. وفي فرنسا 15 مرة ما بين دساتير مؤقتة وتعديلات. أي أن بعض الدول قامت بتغيير الدستور بأكمله أي "نسفته" وأتت بغيره. وهذا لا عيب فيه. فالدستور ليس قرآنا وانما من وضع البشر ويحق التغيير كلما اقتضت الضرورة للصالح العم وفي تونس المعروفة بأنها أول بلد أعلن دستوراً عام 1865. قامت أكثر من مرة ليس بتعديل بعض المواد وإنما بتغييره كاملاً وهناك أيضاً سوريا التي عرفت أول دستور لها 1950. ورغم التأخر في ذلك إلا أنها قامت بوضع دستور جديد بعدها بثلاث سنوات بعد انقلاب أديب الشيشكلي تلاه التغيير أكثر من مرة إلي أن استقر الوضع الدستوري في 1973 والذي تعرض أيضاً إلي بعض التعديلات أخرها عام 2000. وكذلك الحال بالنسبة للعراق التي عرفت الدستور 1958 ورغم ذلك جري الغاؤه واصدار دستور مؤقت وظل الحال حتي استقرت البلاد بعد سقوط صدام حسين حيث تم وضع دستور جديد. وكذلك الحال في مصرنا الحبيبة والتي عرفت أول دستور لها عام 1923 أيام الاحتلال البريطاني فقد تم اسقاطه في 1930 بعد انقلاب دستوري برئاسة اسماعيل صدقي باشا وجري وضع دستور جديد. وفي 1936 ثم إعادة العمل بدستور 23 حتي ثورة يوليو 1952 حيث صدرت سلسلة من الدساتير المؤقتة أولها عام 1953 ثم الدستور المعلن في 1956 ثم دستور الوحدة المصرية السورية في 1958 ثم الاعلان الدستوري عام 1962 ثم المؤقت في مارس 1964 وفي سنة 1971 صدر الدستور الدائم ورغم ذلك شهدت السنوات التالية ادخال عدد من التعديلات خاصة علي دستور الإخوان المسلمين وهكذا إلي أن صدر دستور 2014 الذي قام البرلمان أيضاً بتعديل بعض مواده التي نحن بصددها الآن وسيتم الاستفتاء الشعبي عليها خلال أيام صراحة أدي البرلمان ما عليه من واجبات تشريعية وتصدي لبعض المواد التي بها عوار أو التي تحتاج إلي تعديل بعد تمحيص وتدقيق ومراجعة متأنية. كما أدت وسائل الإعلام المختلفة ما عليها بتخصيص مقالات وإفراد صفحات كثيرة وبرامج عن التعديلات والقيام بشرحها وتفصيلها وتبسيطها منها جريدة الجمهورية. وبقيت الكلمة الآن للشعب كي يدلي بدلوه بالنزول للمشاركة في الاستفتاء. ومازالت هناك الفرصة لمن لم يقرأ جيداً عن تلك المواد المعدلة القيام بذلك لأن التعديلات تم وضعها من أجله انزلوا وشاركوا.. وكونوا إيجابيين لصالحكم ولصالح الوطن والاجيال المقبلة.