أكيد فيه حاجة غلط .. حين تفاجئنا صفحات الحوادث كل اسبوع بجريمة جديدة من نوعية الابن الذي يقتل أبويه . أوالأم التي تقتل أطفالها . أوالأب الذي يغتصب ابنته ثم يقتلها .. إذاً هناك بالتأكيد حاجة غلط .. وأن هناك تغيرا مرعبا في المنظومة الاخلاقية .. وخللا خطيرا في القيم الاجتماعية .. وكل جرائم القتل الاخيرة تؤكد وتجزم بذلك .. بداية من جريمة الرحاب التي قتل فيها الاب زوجته واولاده الثلاثة . ونهاية بالابن الذي قتل ابويه في مذبحة اوسيم . مرورا بجرائم قتل الاطفال التي حدثت في المريوطية وكفر الشيخ والمرج مؤخرا . فغالبية هذه الجرائم ليست عادية .. وليست كما كنا نعرفها زمان .. حين كان القتل إما في مشاجرة او للدفاع عن النفس أو العرض او الشرف او الممتلكات .. او حتي حين كان قتلا بسبب عادة سيئة توارثتها الاجيال في الصعيد تسمي جرائم الثأر .. وكلها رغم بشاعتها - كان القاتل فيها والمقتول غرباء او بمعني ادق خارج الاسرة الواحدة .. لكن الان القتل بين افراد الاسرة اصبح شيئا مألوفا . نوعية الجرائم الحالية تحتاج الي وقفة عاجلة .. ودراسة شاملة ووافية من خبراء واساتذة علم الاجتماع . ومن معاهد البحوث والدراسات الاجتماعية .. تحدد الاسباب وتضع الحلول وخريطة تنفيذها .. واعتقد ان المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية لديه هذه الخبرات التي تمتلك القدرة علي تحليل الاسباب التي أدت لتزايد هذه الجرائم الغريبة علي مجتمعنا . قد تكون الفوضي التي اجتاحت البلاد عقب ثورة 25 يناير . قد أحدثت شرخا كبيرا في الشخصية المصرية . وأفرزت نوعيات جديدة من الجرائم لم تألفها مصر من قبل . وهي جرائم ليست - كما يحاول البعض تفسيرها - مرتبطة بالفقر أو المعاناة الناتجة عن تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي . لكنها مرتبطة بتغير نوعي في ثقافة المصريين . واكتسابهم جرأة وقسوة . غريبة عليهم . في ارتكاب الجريمة دون خوف من وازع ديني أو رادع قانوني أو أخلاقي .. لكن مهما كان الامر . فإن مخزون القيم الدينية والاخلاقية وصفات الود المحبة والعطف لدي المصريين قادر علي التصدي لتلك الجرائم . بشرط ان يجد هذا المخزون من يستخرجه وينفض عنه الغبار الذي اصابه . وهي مسئولية يجب ان تتشارك فيها كل أجهزة الدولة وجميع فئات المجتمع . من مثقفين ومفكرين وفنانين وكتاب واعلاميين ودعاة مسلمين ومسيحيين .. لأن مواجهة الجريمة ليست مسئولية جهاز الشرطة وحده . بل هي مسئولية المجتمع ككل . ولايمكن أن يتنصل المجتمع من مسئوليته ويترك للشرطة وحدها عبء التصدي للجرائم الجنائية وايضا محاربة الارهاب والتطرف والجماعات المأجورة من الخارج . إننا في عصر الرئيس السيسي نؤسس لدولة جديدة حديثة بدأت تظهر ملامحها في مشروعات قومية عملاقة .. وانا اعتقد ان بناء شخصية وهوية مصرية سليمة لايقل ابدا اهمية عن بناء هذه المشروعات الجديدة .