بعيداً عن لب ما جاء في مقترحات التعديلات الدستورية لابد أن يكون لدينا قناعة تامة بالتعديل الدائم والتغيير المستمر للدستور. وفقاً لطبيعة كل مرحلة. والتحديات التي تواجهها. هذا ما يجب أن نتفق عليه ونسعي جميعاً لنشر ثقافة قبول تعديل الدستور إذا كنا نريد تحقيق طموحاتنا السياسية والاقتصادية التي نسعي إليها في المرحلة القادمة بالنهوض الشامل لمصرنا الحبيبة باعتبار أن الدستور يحتاج دائماً إلي أفكار ورؤي جديدة لمواكبة المتغيرات العالمية. كما هو متبع في صناعة السلع والخدمات التي تسعي الدول لتطويرها لزيادة الإقبال والانتشار في أسواق العالم. هذا ما تسعي إليه مصر حالياً في تعديل الدستور وتوسيع قاعدة المشاركة للجميع في تحديد مستقبل الوطن. لابد أن ندرك جيداً أن تقدم الدول ونموها مرتبط تماماً بجودة ومرات تعديل وتغيير الدستور وعدم التعامل معه بمبدأ الكمال والإحكام. وهذا واضح جداً في مقارنة الدول المتقدمة بالدول النامية. فمثلاً نجد أمريكا وهي الدولة التي يطلق عليها القوي العظمي في العالم قد لجأت إلي تعديل الدستور 27 مرة. وكذلك ألمانيا التي تقود الاتحاد الأوروبي صناعياً. عدلت دستورها 36 مرة في 68 سنة. أي بواقع مرة كل عامين. في المقابل نري دولاً أخري لجأت إلي مرات قليلة لتعديل دستورها مثل مصر 7 مرات. والجزائر 5 مرات. وجنوب أفريقيا مرتين فقط. وغيرها من الدول التي لا يتجاوز فيها تعديل الدستور مرة أو اثنتين. من هنا لابد أن نؤمن بأن الدستور يلعب دوراً مهماً في تهيئة المناخ العام لتحقيق استقرار البلاد ونموها. الأمر الذي يتطلب ضرورة التوافق دستورياً ومسايرة التطور وما يقع من تغيرات سياسية واقتصادية يفرضها الواقع ومواكبة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية حفاظاً علي كيان الدولة وأنظمتها المتبعة. وبالتالي علينا جميعاً أن ندرك طبيعة المرحلة ونستمع جيداً لصوت العقل وعدم الانسياق وراء القلة القليلة المغرضة التي تتخذ التعديلات الدستورية ذريعة لتشويه الواقع والنيل من مصر. علماً بأن الشعب المصري هو الوحيد صاحب الموافقة علي تعديل أو تغيير الدستور من عدمه من خلال استفتاء عام يشارك فيه الجميع بحرية كاملة بالرفض أو القبول. لذلك مطلوب منا جميعاً التسلح بالمعرفة الكاملة حول مقترحات التعديل الدستوري. والفهم الجيد لها. وأهميتها لبناء مصر الحديثة. والوعي الكامل بما يحاط بنا من مخاطر.