دعوتنا للسلام العالمي ليست دعوة ضعف. إنما هي دعوة قوة. دعوة عقيدة. دعوة يقين. دعوة إيمان بأن الأديان كلها في حقيقتها إنما جاءت للسلام وبالسلام. فالسلام اسم من أسماء الله الحسني. حيث يقول سبحانه : "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ" "الحشر : 23". والجنة دار السلام. وتحية أهلها فيها السلام. "وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابي سَلامى عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَي الدَّارِ" "الرعد : 23. 24". وتحية ديننا هي السلام. وتحية الأنبياء والمرسلين هي السلام. يقول الحق سبحانه وتعالي علي لسان سيدنا يحيي "عليه السلام" : "وَسَلامى عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا" "مريم : 15". ويقول سبحانه علي لسان سيدنا عيسي "عليه السلام" : "وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" "مريم : 33". ويقول سبحانه علي لسان سيدنا إبراهيم "عليه السلام" في مخاطبته لوالده في أشد لحظات غضب والده عليه وتهديده له بالرجم : "سَلامى عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا" "مريم : 47" . فالسلام عنوان الإيمان. حيث يقول الحق سبحانه : "وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَي إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا" "النساء : 94". ويقول سيدنا عبد الله بن سلام "رضي الله عنه" : قدم النبي "صلي الله عليه وسلم" فأتيته فعرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب. فكان أول ما سمعت منه : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ . أَفْشُوا السَّلَامَ . وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ . وَصِلُوا الْأَرْحَامَ . وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامى . تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامي" "سنن ابن ماجه". وقال "صلي الله عليه وسلم" : "لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّي تُؤْمِنُوا. وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّي تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَي شَيْءي إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ. أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ " "صحيح مسلم" . وإفشاء السلام نشره. ولا يكون ذلك بمجرد القول أو إلقاء التحية. وإنما بتطبيقه علي أرض الواقع. سلاما مع النفس. وسلاما مع الآخر. وسلاما مع الكون كله : إنسانا وحيوانا وجمادا. سلاما لا يفرق بين الخلق علي أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق. سلاما قائما علي إعلاء وترسيخ أسس الإنسانية الراقية التي بينها لنا الرسول الكريم "صلي الله عليه وسلم" في قوله : "كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي علي أعجمي ولا أحمر علي أسود إلا بالتقوي¢. وعندما حملت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لواء الإنسانية ودعوة المجتمع الدولي إلي تبني قضايا العيش المشترك ونشر السلام العالمي. ونبذ كل ألوان الكراهية والعنف والإرهاب. حملته عن عقيدة صادقة ويقين تام بأنه لا أمان للإنسانية كلها إلا بالسلام العادل الشامل الذي لا ظلم فيه لأحد ولا استعلاء فيه لطرف علي آخر . وأخيرًا يأتي حادث نيوزيلندا الإرهابي الذي تألم له الأحرار والشرفاء في العالم كله ليؤكد بُعدَ نظر مصر وقيادتها في التأكيد علي حاجة العالم كله إلي السلام العادل الشامل. ونبذ كل ألوان التطرف والإرهاب. فالخطر داهم علي البشرية جمعاء ما لم نتكاتف في نبذ العنف ودحر قوي الإرهاب والشر. وتبني لغة الحوار والتعايش السلمي وفقه العيش المشترك بديلا للصدام والاحتراب والاقتتال. وما زلنا وسنظل ندعو إلي كلمة سواء استجابة لتعاليم ديننا. وحقنا لدماء البشرية. وعملا علي تحقيق سلامها وأمانها وسعادة أهلها جميعًا. وإنْ أرجف المرجفون.