يخطيء ألف مرة من يتصور أن رأس مال الإنسان هو الرقم البنكي الذي يدخره في حسابه أو ما يمتلكه من الآلاف والملايين.. ويخطيء مليون مرة من يتصور أن سعادته في امتلاك عدة ملايين بأي وسيلة وبكل السبل.. ويطلق العنان لأطماع النفس البشرية.. فتسوقه معصوب العينين إلي رشوة.. أو التربح بالنفوذ وعلي حساب البسطاء الغلابة.. ويلقي بضميره من الطابق العاشر.. فيصور له الشيطان أنه يحسن صنعاً. أو أن ما يكوش عليه من مال هو حقه ورزقه.. وأن "طاقة القدر" قد صادفته وأنه قد آن الأوان ليصبح من أصحاب الملايين ويعيش في القصور. ولو صبر الإنسان.. وعاش بما يرضي الله.. لجاء الرزق يطلبه.. فالرزق في اللوح المحفوظ.. مكتوب مع الأجل.. ولو حاول الإنسان الهروب من رزقه هروبه من الموت.. لأدركه رزقه كما يدركه الموت ولو كان في بروج مشيدة. *** ومن رحمة الله تعالي بعباده.. وهو أرحم سبحانه وتعالي بعبده من الأم علي وليدها.. من رحمته بعباده وخلقه أن جعل الرزق والأجل بيده وحده.. هو الرازق وهو يحيي ويميت.. ومن رحمته بعباده ألا يقبض روح بشر إلا أن يستوفي كامل رزقه وأنفاسه. "الرزق والأجل" بيد الله وحده.. لا يملك أحد نفعك أو ضرك إلا بما كتبه الله لك.. وما كان لك.. لم يذهب إلي غيرك وما كان لغيرك لن يأتي إليك ولو ركضت.. ركض الوحوش في البرية لن تنال منها إلا ما كتبه الله لك.. علينا السعي برضا الله وليس علينا إدراك النجاح. *** هذه المقدمة ولو طالت.. أساسي لراحة النفس البشرية وثقتها في الله سبحانه وتعالي واعتمادها عليه فيما لا تملك وما تملك.. وصحة الإنسان هي رأس المال الحقيقي.. ومن عاش معافاً في بدنه آمناً في بيته يمتلك قوت يومه.. فقد حيزت له الدنيا بما فيها.. الصحة.. رأس المال الحقيقي.. ولا قيمة لملايين بلا صحة.. ولا متعة لمليارات بين يدي مريض.. ومن أكبر نعم الله علي عبده "الصحة".. وكما نردد دوماً أن الصحة تاج علي رءوس الأصحاء.. لا يراه إلا المرضي. *** من هنا كان الحديث خلال مقالين سابقين عن المرضي والمستشفيات وإنسانية الأطباء والممرضين ودورها الأساسي في تقديم الخدمة الإنسانية نحو مريض في أضعف مراحل حياته وفي أمس الحاجة إلي يد حانية تخفف آلامه.. أو نظرة إنسانية تفتح له باب الأمل أو ابتسامة طبيب إنسان تبعث الطمأنينة لديه. *** ومن هنا بات اهتمام الدولة بالمستشفيات العامة في غاية الأهمية.. وضرورة تطبيق منظومة العلاج علي نفقة الدولة بصورة إيجابية يدخل المريض المستشفي بلا تسويف وتتولي المستشفي عمل التقرير وإرساله للوزارة لتدبر نفقات العلاج بلا وساطة.. أو بحث نائب يتولي إنهاء الإجراءات وغير ذلك من أساليب الفساد التي يجب أن تنتهي بلا رجعة.