حققت المشاركة المصرية التاريخية في مؤتمر ميونيخ للسياسات الأمنية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي نتائج إيجابية وفوائد كثيرة عادت علي العالم بصفة عامة وأوروبا بصفة خاصة من خلال الرسائل التي وجهها الرئيس والملفات التي عرضها سواء في كلمته بالجلسة الرئيسية كأول رئيس غير أوروبي يتحدث في هذه الجلسة أو في اللقاءات التي عقدها مع كبار المسئولين ورؤساء الشركات والمستثمرين. الملفات التي طرحها الرئيس خلال كلمته والتي يحرص دائماً علي التركيز عليها وهي القضايا الإقليمية والدولية والرؤي والحلول الواقعة للمشكلات والأزمات والقضية الفلسطينية. رغم تجاهل المؤتمر هذه الدورة ذكر قضية فلسطين وسعي مصر الدائم للتوصل لحلول سياسية لمختلف الأزمات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط. وتأكيده علي احترام سيادة الدول علي أراضيها وجهود مصر في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف. كما وجه الرئيس عدداً من الرسائل وهي ضرورة مواجهة الإرهاب ومواجهة الخطاب المتطرف في المنطقة. ودعوته الدائمة للتكاتف من أجل مواجهة الإرهاب الذي أصبح ظاهرة في مختلف دول العالم. ومواجهة الدول التي ترعي هذه الجماعات الإرهابية لبث الفتن في المجتمع. دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي كلاً من ألمانيا وأوروبا بالعمل سويا مع مصر وإفريقيا لمكافحة الإرهاب ووقف تمويله وتدريبه ومساندته في كل مناطق العالم في كلمته التاريخية أمام المؤتمر. وأشار من خلالها إلي أن الإرهاب بات ظاهرة دولية لها مخاطر متعاظمة تؤدي إلي زعزعة استقرار المجتمعات. وهو ما يستلزم من الجميع بذل جهود حثيثة وصادقة. لاقتلاع جذور تلك الظاهرة البغيضة التي تعد التهديد الأول لمساعي تحقيق التنمية. قال "المصريون شعب واحد ونرفض تقسيمنا إلي مسلمين وأقباط".. كما تضمنت الكلمة المعرفة والمعلومات الدقيقة عن مصر وإفريقيا التي تملك مصادر الموارد الطبيعية التي في حاجة لها الدول الصناعية مثل ألمانيا وفرنسا. الاهتمام كان منصباً علي الرئيس السيسي. الذي جلس في الصف الأول وتلقي ترحيباً حاراً من زعيمة الأغلبية الديمقراطية في الكونجرس الأمريكي "نانسي بيلوسي". والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المؤتمر "فولفجانج إيشينجر". بالإضافة إلي الحفاوة الكبيرة والاحترام في الاستقبال الكبير الذي حظه به "رئيس مصر والاتحاد الإفريقي".. وجسدته المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" عندما رحبت بزيارة الرئيس لألمانيا. وأكدت حرص بلادها علي تعزيز علاقاتها بمصر في مختلف المجالات. بما تمثله مصر من ركيزة أساسية للاستقرار والأمن في الشرق الأوسط وإفريقيا. ولمنطقة حوض البحر المتوسط. حقق الرئيس عبدالفتاح السيسي مكاسب كثيرة لمصر وللقارة السمراء علي الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني في مشاركته بمؤتمر ميونيخ للسياسات الأمنية بدعوة شخصية مسبقة من رئيس المؤتمر "فولفجانج إيشينجر". ومن الناحية الأمنية. فقد نجحت الجهود المصرية علي المستوي الخارجي في توضيح الصورة الصحيحة عما يجري داخل مصر وكيف تقف مصر درعاً قوية وحصينة ضد مخططات الشر والإرهاب الأسود الذي يخطط لتفتيت الدول وبث الفتن والفوضي بها لتنفيذ أجندات خارجية من دول راعية للإرهاب وكارهة لمصر ورافضة لاستعادة مصر قوتها ونفوذها علي المستوي الإقليمي والدولي. السيسي جاء إلي ميونيخ.. وسياسة الأمن العالمي والاقتصاد علي رأس برنامجه وكانت له اجتماعات مع رجال أعمال ورؤساء شركات ألمانية كبري. بالإضافة إلي عقد صفقات استثمارية مختلفة أمام شركات "بافاريا" الألمانية. وكانت لقاءاته الثنائية مع رؤساء الدول والحكومات. تأتي تمهيداً لقمة شرم الشيخ العربية الأوروبية في الرابع والعشرين من فبراير الجاري. والتي ستشهد حضور عدد من الزعماء العرب والأوروبيين وعلي رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. التي لبت دعوة الرئيس السيسي. رغم ضيق الوقت. ولكن لعلاقتها الطيبة مع رئيس مصر والاتحاد الإفريقي لبت الدعوة. وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي في المؤتمر تحذيراً: "أقول للأوروبيين انتبهوا جيداً لما ينشر في دور العبادة ولا تسمحوا للمتطرفين بتوجيه الناس باتجاه التطرف. وكنت أول رئيس دولة مسلمة يطالب بإصلاح الخطاب الديني". وقال للحاضرين في المؤتمر من ميونيخ علي الهواء مباشرة من خلال التليفزيون الألماني. الذي نقل خطابه وحواره المباشر مع رئيس المؤتمر الألماني "فولفجانج إيشينجر" ورئيس رومانيا ورئيس المجلس الأوروبي للدورة الحالية التي تنتهي في مطلع يوليو المقبل.. "في مصر لا فرق بين مسلم ومسيحي.. أكثر من 30 مليون مصري خرجوا للشارع رافضين الحكم الديني المتطرف.. وحذرنا من المقاتلين الأجانب بسوريا".. وهنا يقصد الرئيس السيسي دواعش أوروبا من نساء ورجال وأطفال الموجودين حالياً في سجون العراقوسوريا ويطالبون برجوعهم لبلادهم وتقديمهم أمام العدالة وهذه مشكلة قائمة ولم يصل المسئولون الأوروبيون والألمان إلي حل حتي الآن ولكن تركيز وسائل الإعلام الأوروبية المختلفة والألمانية بشكل خاص يؤثر علي سرعة اتخاذ قرار بهذا الشأن. في الوقت الذي طالب فيه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الأوروبيين وخص منها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا "باستعادة" مقاتلي دولهم "دواعش أوروبا". الذين تم أسرهم في شمال سوريا والمحتجزين لدي أكراد سوريا وإلا سيطلق سراحهم وعددهم أكثر من 800 متطرف سيعودون إلي أوروبا. قائلاً في رسالته عبر شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر": "قاتلنا لفترة كافية ضد "الإرهابيين" والآن حان دوركم".. وهذا ما ترتب عليه من فراغ السلطة في المنطقة. بعد الحرب التي قادتها الولايات المتحدةالأمريكية وحليفتها بريطانيا علي العراق في 2003. وهذا هو السبب في انتقاد الولايات المتحدة بسبب بناء معسكر "جوانتانامو" في كوبا بعد 11 سبتمبر. وفي نهاية المطاف تقديم العديد من المواطنين الألمان والبريطانيين والفرنسيين المحتجزين في شمال سوريا إلي العدالة في بلدانهم الأصلية. لأن الدول مسئولة عن مواطنيها. سواء كانوا "قديسين" أو "إرهابيين".. وهذا هو السبب في أن ألمانيا تؤخر الأجانب الجانحين في بلدانهم الأصلية والتباطؤ في اتخاذ القرار لعودتهم وتركهم كمواطنين ألمان أو أوروبيين يقدمون نفسهم للعدالة في بلدانهم. وما يثير الدهشة. هو بيان وزارة الخارجية الألمانية انه لا أحد لديه معرفة خاصة بالمواطنين الألمان في السجون السورية.. وفي العام الماضي فقط. أثار وزير الدفاع الأمريكي "جيمس ماتيس" مطلب الولايات المتحدة وناقش خبراء الأمن الألمان في بروكسل هذه المشكلة وكان هناك حديث عن حوالي 100 من أنصار "داعش" السابقين وأطفال من ألمانيا ولم تختف المشكلة منذ ذلك الحين. الأسئلة كثيرة.. أولها: أين تكمن أهمية مؤتمر ميونيخ للأمن؟ مؤتمر ميونيخ للأمن يعد منصة فريدة في العالم للنخب الدولية في السياسة الأمنية. وليس هناك مكان آخر في العالم يجمع هذا العدد من ممثلي الحكومات وخبراء الأمن. ويعتبر أهم مؤتمر أمني في العالم لأنه بوتقة للتواصل بين الفاعلين السياسيين للتعارف وتبادل وجهات النظر ولرسم الخطوط الحمراء.. ولا يعد مؤتمر ميونيخ للأمن الأهم في هذا المجال في العالم فحسب. بل هو مناسبة سنوية لحضور ساسة بارزين وفرصة لدبلوماسية "الأبواب المغلقة". أعربت واشنطن وقوي أوروبية بمؤتمر ميونيخ للسياسات الأمنية عن مواقف متباينة بشكل كبير بشأن قضايا تبدأ بالأمن في الشرق الأوسط وصولاً إلي التجارة. ما يكشف التصدعات العميقة بين ضفتي الأطلسي في عهد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب". ثلاث أيام من حواجز الطرق وسط مدينة ألمانية. و4400 من رجال الأمن الألمان في الخدمة. وعدة ملايين من أموال دافعي الضرائب لدعم المؤتمر بخدمات النقل. واحتياطات السلامة. وأكثر من ذلك بكثير. .. وماذا جعل مؤتمر ميونيخ الخامس والخمسين أمناً قابلاً للقياس؟ .. وهل أوكرانيا أو سوريا أو اليمن أقرب إلي السلام من ذي قبل؟ .. وهل ستصبح سياسة المناخ أو مكافحة أسباب الهروب في إفريقيا أكثر فعالية الآن؟ .. وهل الأرض أكثر أماناً أو أكثر سلماً من ذي قبل؟ توصل المضيف الألماني "فولفجانج إيشينجر" رئيس المؤتمر السنوي منذ أكثر من 9 سنوات إلي استنتاج مرير: "بعض الضيوف لم يأتوا إلي العاصمة البافارية "ميونيخ" لتشكيل قطع من النظام العالمي. ولكن لكسرها إلي أجزاء أصغر". والقواعد المتفق عليها اليوم "أكثر لحماية الديكتاتوريين أساءت من حماية الناس الذين استخدموا". والأمثلة المضادة الإيجابية نادرة. مثل الاتفاقية في نزاع الاسم بين اليونان ومقدونيا. وحصل رئيس الوزراء اليوناني "أليكسيس تسيبراس" و"زوران زاييف" رئيس شمال مقدونيا الاسم الجديد علي جائزة "إيوالد كليفست" في المؤتمر. يقول مجلس إدارة وكالة إعلانات دولية: "في كل عام. تصبح "ميونيخ" مسرح السياسة العالمية.. مؤتمر الأمن هو علامة تجارية ألمانية وصورة لاتقدر بثمن لألمانيا.. يقارن فيه المشاركون المجتمعون مثل الفحص الطبي لدي الطبيب بقياس ضغط الدم من أجل اكتشاف التغيرات في الصحة. إفحص إذا كانت الأمراض تتقدم أو علي طريق الشفاء". .. وماذا عن.. النظام العالمي؟ علي مدي عقود. هيمنت الولايات المتحدة علي السياسة الدولية كقوة فردية ومن خلال تحالفها مع أوروبا. هذه الهيمنة لا تزال تتآكل كل عام. ويرجع ذلك أساساً إلي صعود الصين. وروسيا تفقد النفوذ وتتمتع أمريكا بميزة نسبية. فهي تمتلك حلفاء ولا تستطيع الصين وروسيا أن تقولا ذلك. لكن هل هذه الميزة من حكومة ترامب مدركة؟ غالباً ما يتصرف من جانب واحد. كما قالت "ميركل" في كلمتها أمام المؤتمر لا ينطوي علي الحلفاء جيداً. ويعرض لهم الأمر الواقع وينتظر الموافقة. ولذلك يشكو الأوروبيون من هذه التصرفات. فالخلافات بين الأطراف المتعددة الأطراف التي تؤمن بمنافع النظام القائم علي القانون والذين يسعون إلي تحقيق مصالحهم الوطنية ضد القواعد المتفق عليها آخذة في التزايد.. وبالطبع. يجب علي المرء أن يفرق بين أولئك الذين يروجون لأحزاب متعددة أو أحادية الجانب. وأولئك الذين يفعلون ذلك.. أنجيلا ميركل بشرت بالتعددية في ميونيخ وتؤمن بها. ومايك بنس يؤمن بالأحادية. وكان "يانج جيتشي" الصيني يعظ بالتعددية. لكنه لا يصدقها "تشير بكين إلي القواعد التي تفيده فيها. ولكنها تتجاهلها حيث تضر.. لقد كان "سيرجي لافروف" يشيد بأحادية الجانب. لكنه لا يصدق ذلك. وروسيا أضعف من أن تبقي في مواجهة مع الصين أو أمريكا.