لم يسجل التاريخ القديم أو الحديث لمصر في أفريقيا أي رغبات شريرة أو انتهازية أو غادرة.. بل كانت مصر صاحبة الحضارة. هي أيضاً صاحبة التاريخ الحضاري في أفريقيا.. ولعل مصر كانت صاحبة أقدم بعثات تجارية في التاريخ سواء شمالاً أو شرقاً أو غرباً أو جنوباً في أفريقيا.. ولعلنا نذكر ملكة مصر حتشبسوت منذ أكثر من 35 قرناً.. وقد بعثت عبر البحر الأحمر أسطولها التجاري إلي الجنوب حيث بلاد بنت محملاً بسلع مصر.. ليعود بسلع أفريقية.. ثم تسجل هذه الرحلات علي جدران معبد جتشبسوت.. وتظل عبر 35 قرناً محتفظة بألوان نقوشها كما لو كانت بالأمس القريب.. مسجلة مظاهر الحياة في تلك البلاد بإنسانها. وغاباتها. وأكواخها.. وتسجل أيضاً الأحياء المائية بأسماكها الملونة تحت مياه البحر الأحمر.. مما جعلني أعتبر ذلك الفنان المصري القديم الذي سجل هذه الرحلة بنقوشه ولونها علي جدران ذلك المعبد. هو أول كاتب سياحي في التاريخ. كما ذكرت ذلك في مقال سابق. وليس هيرودوت كما قال البعض. والذي سجل رحلة إلي مصر بعد ذلك بنحو ألف عام. وقد امتدت حضارة مصر إلي الشمال الأفريقي لتترك بصماتها فيما تم كشفه من آثار يعرض بعضها الآن في متاحف دول هذا الشمال الأفريقي.. بل وصل الإنسان المصري إلي جزر الكناري.. في المحيط الأطلنطي.. ولعله كان في طريقه إلي أمريكا.. كما حاول النرويجي ثور هايردال أن يثبت ذلك بقارب البردي الذي أبحر به من ميناء صافي المغربي.. قاصداً أمريكا.. وجزر الكناري هذه.. والتي تعتبر الآن جزءاً من إسبانيا وعلي بعد عدة ساعات منها.. رغم أنها لا تبعد عن المغرب والشاطئ الأفريقي غير نصف ساعة.. في هذه الجزر ترك المصريون القدماء كتابتهم الهيروغليفية.. وتركوا لسكانها طريقة تحنيط موتاهم.. بل أنهم نقلوا لهم لعبة التحطيب.. وهي رياضة مصرية.. ولم تعرف في غير مصر.. مصر كانت ولازالت مشعل نور وحضارة.. شرقاً.. وغرباً.. وشمالاً.. وجنوباً.. في عصور التاريخ الأولي.. وهي كذلك في العصور الحديثة.. عندما امتدت مصر جنوباً في عصر محمد علي وإسماعيل.. تركت بصماتها الحضارية رقياً وتعليماً وبناء وتحضراً.. حتي إن أوغندا في العصر الملكي طلبت أن تكون جزءاً من مملكة مصر والسودان. أما زمن الآباء المؤسسين كما تحدث عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطاب تنصيبه رئيساً للاتحاد الأفريقي يوم الأحد الماضي فلازالت أحداثه في الذاكرة.. يقول الرئيس عبدالفتاح السيسي: لقد مضي أكثر من نصف قرن علي اجتماع الآباء المؤسسين الذين أرسوا سوياً لبنة الوحدة الأفريقية هنا في أديس أبابا في مايو 1963 يومها قال الزعيم الراحل جمال عبدالناصر "ليكن ميثاقاً لكل أفريقيا. ولتعقد اجتماعات علي كل المستويات الرسمية والشعبية ولنبدأ طريقنا في التعاون الاقتصادي نحو سوق أفريقية مشتركة". كلمات كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي مضي عليها أكثر من نصف قرن.. ولكن لايزال صداها ماثلاً أمامنا إلا من طمس الله علي قلوبهم وعيونهم.. فعميت قلوبهم قبل أبصارهم. عن إدراك ما فعلته مصر لأفريقيا بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.. من دعم ومساندة في مواجهة الاحتلال حتي تحررت كل دول القارة.. ومواصلة الدعم بعد الاستقلال وإتاحة الفرص لأبنائها ليتعلموا في مصر ويعودوا ليسهموا في بناء بلدانهم وتقلد مناصب القيادة فيها كما رأينا في كل دول القارة. هذه هي مصر التي تتولي الآن قيادة القارة الأفريقية لمدة عام برئاسة رئيسها الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي استطاع في سنوات قليلة استعادة علاقاتنا مع الاتحاد الأفريقي من المقاطعة التي لم تصمد أمام جهد مصر لايضاح الحقائق.. ثم تواصل الجهد الدءوب للرئيس مع دول القارة.. الذي أوضح صورة مصر الحقيقية.. رسول سلام وبناء وتنمية.. ومواجهة للإرهاب والهدم والتدمير.. ممن يتآمرون علي أفريقيا.. بدلاً من مصر.. وعلي رأسهم قطر الدويلة المارقة في الخليج.. وتركيا الحالمة باستعادة امبراطورية آل عثمان تتحالفان علي الشر والخراب وتغدقان المال والسلاح ومرتزقة الإرهاب علي عملائهما في ليبيا.. وينقلان إلي ليبيا من تبقي من داعش إلي هذا البلد المنكوب بجماعة الإخوان الإرهابية وبحلفائها في المجلس الرئاسي.. ويوماً بعد يوم تقع سفن السلاح المهرب من تركياوقطر في أيدي الجيش الوطني الليبي بقيادة الفريق خليفة حفتر.. الذي يقف في وجه المؤامرة التي لا تستهدف ليبيا ومصر فقط.. وإنما تمتد إلي أفريقيا عبر تشاد والنيجر.. وتشارك فيها قيادات جماعة الإخوان الإرهابية وقيادات التمرد التشادي.. فضلاً عن التآمر علي وحدة ليبيا.. ومحاولة إقامة دولة إرهابية في الجنوب الليبي.. يطلقون الإرهاب منها إلي كل أفريقيا.. كل هذا أصبح واضحاً يعرفه كل الأفارقة.. وقد دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي تماسك المؤسسات الوطنية في الدول الأفريقية.. مؤكداً أن تعزيز التعاون الأمني بين الدول الأفريقية سيؤدي حتماً إلي دحر الكيانات الإرهابية بالقارة الأفريقية. تحقيقاً لرؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي ليس في دحر الإرهاب وحسب وإنما في دحر النزاعات المحلية والإقليمية.. وإسكات البنادق قبل عام ..2020 لتنعم القارة بالسلام.. مع التنمية التي سيعمل الرئيس السيسي علي دفعها خطوات إلي الأمام.. فمصر خلال رئاسة الرئيس السيسي للاتحاد الأفريقي سوف تكون خلال هذا العام رسول سلام وبناء وتعمير وتنمية.. وسيري العالم كله.. وأشقاؤنا في أفريقيا خاصة.. كيف ستدفع مصر التنمية في أفريقيا خلال هذا العام.. لنكون جميعاً شركاء نجاح هذه التنمية.. التي ينعكس خيرها علي الجميع.. وتنطلق مشروعات كثيرة يحلم بها الجميع.. ما بين طرق تربط القارة.. واستثمارات لابد أن تجد طريقها إليها.. لقد ظلمت أفريقيا كثيراً وطويلاً.. واستنزفت دول الغرب الاستعماري خيراتها.. وحرمت أبناءها من التنمية.. ولكن إرادة دول القارة في البناء سوف تعوض سنوات طويلة من الاستنزاف بإذن الله.