ذهب الرئيس جمال عبدالناصر إلي دار "الأهرام" للتهنئة علي الدار الجديدة في شارع الجلاء.. وخلال طابور المستقبلين وجد أمامه المرحوم سعيد عبدالغني الممثل المشهور في ذلك الوقت.. فقال له عبدالناصر مداعباً: أنت صحفي والا الممثل؟؟.. ضحك الجميع خاصة حينما كان رد المرحوم سعيد: سبع صنايع ياريس!! فارتفعت أصوات الضحك.. المهم في هذه السنوات كان هناك قانون يحظر موظفي الحكومة بين وظيفتين. بعد الاحتفال الكبير برئيس الجمهورية.. سأل نجيب المستكاوي المرحوم عبدالغني: ماذا كنت ستقول لو قال لك عبدالناصر أنك مخالف للقانون؟؟ قال عبدالغني: الأهرام ده وظيفة ولكن التمثيل دي هواية مش وظيفة يا سيادة الريس. قال له المستكاوي: برافو عليك.. أنا الوحيد في مصر الذي لم أجد مخرجاً من هذا القانون واستقلت من إدارة اللجنة الاولمبية لاحتفظ بالأهرام. **** كان سعيد عبدالغني علي طريقة جميل راتب وعزت أبوعوف في الحياة.. أناقة وترفع في كل شيء.. ملبسه أنيق.. كلامه أنيق بالصوت والمواضيع.. أنيق في صداقاته وفي علاقاته وفي عمله وفي أسلوبه في الكتابة.. وكان هذا واضحاً بعد مماته.. اثنان من الفنانين فقط سارا في جنازته كمال أبوريه ومجدي بدر.. حتي نصيبه في الصحافة والإعلام الفني صفر.. أثنان بحكم موقعهما قالا السطور التقليدية في مثل هذه المناسبات وهما الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة والدكتور أشرف زكي رئيس النقابة. الحكاية كلها كانت.. سطوراً بعدد اليد الواحدة في الصحف باسم الوزيرة والنقيب.. بلا ريبورتاج يستحقه رجل له ثقله في وزنه.. ولا عمود أو أعمدة التي كثرت هذه الأيام في كل شيء مطبوع علي ورق سواء كانت جريدة أو مجلة أو حتي حائط!! وهذا شيء طبيعي لكل شخص يحترم نفسه ويبتعد عن كل ما هو ليس فناً بل تهريج وأكل عيش!! **** كان المرحوم سعيد عبدالغني فناناً حقيقياً مرهفاً رقيق القلب لأبعد الحدود.. عندما تخرج في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية عمل مباشرة في جريدة الأهرام فعمل في قسم الحوادث.. اعصابه وقلبه لم يحتملا نقل أخبار القتل والسرقة وغيرهما.. فطلب ان ينتقل إلي قسم آخر فعمل مراسلاً عسكرياً وقام بتغطية حرب 1967.. فأصيب بصدمة قلبية شديدة حينما رأي جثث بعض زملائه.. فانتقل إلي القسم الفني فعمل مع يوسف شاهين وغيره وتألق في العديد من الأدوار وهو يعاني مرض القلب حتي لقي وجه كريم رحمه الله رحمة واسعة.