لا يبدو أن عام 2019 سيكون أفضل من العام الذي رحل.. ثمة نبوءات فلكية بأن زلازل وبراكين وفيضانات سوف تقع هنا وهناك والعام الجديد سيشهد حوادث مؤلمة كسقوط الطائرات والاغتيالات.. نحن نقول »كذب المنجمون ولو صدقوا« ومع ذلك نقرأ تنبؤاتهم من باب الفضول. سياسياً رسمت دراسة نشرتها مجلة »فورن بوليس« الأمريكية المتخصصة صورة واقعية للنظام الدولي الجديد القائم علي تعدد الأقطاب ورصدت عشر دول للصراعات المحتملة خلال العام الجديد الذي بدأ للتو. استوحت الدراسة صورة النظام الدولي الجديد من أحداث 2018 وما قبلها واعترفت ان الهيمنة المطلقة للولايات المتحدة تخبو وتتضاءل وتتلاشي وقد استعمل كاتب الدراسة الفعل Fade في زمن المضارع الذي في العربية علي التجدد والاستمرار، رصدت الدراسة أسباباً لتآكل النفوذ الغربي أولها أن هناك قوي صاعدة كالصاروخ »والأيام دول« وثانياً صراع أوروبا مع البريكسيت أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ثالثاً وهو الأهم سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القائمة علي العنصرية والتحرش بالاقليات والمهاجرين خاصة المسلمين واحتقاره لحلفاء واشنطن التقليديين وجرأته في الخروج من اتفاقيات دولية مثل الاتفاق النووي مع إيران واتفاق باريس للمناخ وعزمه الانسحاب من اتفاقية الصواريخ النووية متوسطة المدي. سياسة ترامب شجعت الدول الأخري علي التجاوز واختيار النظام الجديد (فمن أمن العقاب أساء الأدب). فمثلاً اقدمت ميانمار علي طرد 700 ألف من الروهينجا المسلمين من أراضيهم ورئيس إسرائيل بنيامين نتنياهو قوض أسس حل الدولتين وبوتين ضم القرم واثار تمردا بمناطق داخل أوكرانيا. والصين بدأت محاولاتها لفرض السيطرة علي بحر الصين الجنوبي.. خلاصة الدراسة ان النظام الدولي في حالة فوضي والقواعد التي تضبط سلوك الدول والقادة تتضاءل ومؤسسات أو آليات الأمن والعمل الجماعي والمحاسبة مثل مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية »مشلولة« وتقابل بالاستخفاف. ما هي الصراعات المتوقعة وأين تقع؟ 1- الصين والولايات المتحدة.. هنا تحذر الدراسة من تداعيات جيو سياسية خطيرة إذا استمر الصراع التجاري مع ذلك تستبعد حدوث صدام مباشر وتتوقع توصل الطرفين لاتفاق تجاري. 2- اليمن سيشهد كارثة إنسانية محققة إذا لم يتم اغتنام الفرصة التي قدمها المبعوث الخاص الدولي مارتن جريفث لتثبيت وقف النار. 3- سوريا: قد تشهد 2019 صراعاً دموياً بين تركيا وحلفائها السوريين من جهة واكراد سوريا وجيش الأسد من جهة ثانية خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية.. الحل اقناع تركيا بعدم شن هجوم علي وحدات حماية الشعب الكردي مقابل تخفيض أسلحتهم. 4- إيران.. حذرت الدراسة من نشوب مواجهة بينها والولايات المتحدة وإسرائيل وبعض دول الخليج سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو حتي الخليج أما الصراعات المحتملة الأخرى فهي أفغانستان وجنوب السودان والكاميرون وأوكرانيا وفنزويلا. أما الحرب الأخرى المحتملة التي لم ترصدها الدراسة ويمكن ان تندلع في أي لحظة فهي الحرب بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية المتمثلة في حزب الله.