التطورات الجارية في المنطقة العربية حالياً تتطلب قراءة سياسية ودينية دقيقة وصحيحة وتستدعي جهوداً سياسية متواصلة وحواراً صريحاً بين الحكماء في الأديان السماوية الثلاث "اليهودية والمسيحية والإسلام لتجنيب المنطقة محرقة مدمرة لن تبقي ولن تذر تسمي "هرمجدون" أو معركة الخير والشر. والرؤية الأولية والمتواضعة عندي تقول إن الأحداث التي تشهدها المنطقة بدءاً من الحروب المشتعلة في سوريا واليمن وليبيا وغيرها مروراً بالقرارات المتتالية من جانب واشنطن لتصفية القضية الفلسطينية وانتهاءً بهدم قري فلسطينية تعني أن المنطقة خاضعة حالياً لرؤية المسيحيين الإنجيليين أو المسيحية المتصهينة وهي ترمي إلي إشعال حرب كبري إيماناً بأن العصر الحالي محكوم بالشياطين وأن الوقت قد اقترب من نهاية العالم حينما تغزو جيوش الروس وإيران والعرب والأفارقة والصين دولة إسرائيل وسوف تباد جيوش الغزاة بالقنابل النووية وسيموت الملايين من الإسرائيليين والمتبقي منهم سيتم انقاذه لكي يقبل يسوع كمسيح له وقد أعود لإلقاء مزيد من الضوء علي هذه النبوءة لاحقاً. وينبغي علي المسلمين الآن أن يوطدوا علاقاتهم مع الكنائس الشرقية الأرثوذكسية وأيضاً مع الكنيسة الكاثوليكية وإقامة حوار مثمر بين الجانبين. وأياً كان الأمر فإنه يتحتم علي المسلمين ألا ينظروا إلي ما يجري الآن علي أنه تحد للإسلام إنما هي تحديات للمسلمين أنفسهم. وفي تقديري أن هذه التحديات داخلية وخارجية وأول التحديات الداخلية هو ذلك التمزق الحاصل في المجتمعات العربية نتيجة النهج الاستبدادي والإقصائي مما جعل المعارضة تهرب إلي المنافي وقد تقع في أيدي أجهزة استخبارية متربصة بالمنطقة ومن المنافي تبث عبر فضائيات جاذبة سمومها بين أبناء الشعب الواحد. الإرهاب فهو ثاني هذه التحديات وهو خطير ومدمر وظاهرة معقدة متعددة الجوانب يرتبط فيها الداخل بالخارج. التخلف داخل المجتمعات الإسلامية وهذا التخلف ليس مادياً وحسب وإنما هو تخلف شامل لشتي النواحي العلمية والفكرية والأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية فالمسلمون اليوم ليسوا أكثر من مستهلكين لمنجزات الحضارة المعاصرة وليسوا منتجين لها أو مشاركين فيها. الفهم الخاطيء للإسلام وذلك ناجم عن ضعف رجال الدين فبعضهم يشد الإسلام حسب هواه وهوي السلطان وبعضهم يشده يميناً أو يساراً وفريق آخر يجعل من الإسلام ديناً دموياً ورجال الدين لا يبذلون جهداً كافياً لتوضيح النقاط الشائكة في النصوص الدينية ان استغلال الدين واستخدامه لأغراض دنيوية ينعكس سلباً علي صورة هذا الدين وهذا ما يعاني الإسلام منه اليوم. أما التحديات الخارجية فتتمثل في: الخوف من الإسلام في الغرب.. إبان الحرب الباردة مع الشيوعية استمد الغرب العون من الدول الإسلامية ولكن بعد انتهاء هذه الحرب وسقوط الشيوعية لم يعد الغرب بحاجة إلي الإسلام وراح الغرب يبحث عن عدو بديل فلم يجد سوي الإسلام. صدام الحضارات وهو تحد مرتبط بالخوف من الإسلام والهدف من هذا الصدام هو ضرورة هزيمة الحضارة الإسلامية والإسلام لا يؤمن بالصدام إنما يؤمن بتعددية الأجناس والحضارات. التطورات العلمية الحديثة والعلم هو سلاح العصر ومن يملك العلم يملك القوة أما الدول التي لا تملك العلم فتكون تابعة ومستهلكة لمنتجات الآخرين فأين موقف الإسلام والمسلمين من ذلك؟.