لا أذكر تاريخاً. إنما أستشهد بأحداث تاريخية لكي أفسر بها الواقع العربي الراهن أو لكي أثبت أن التاريخ يعيد نفسه. خاصة مع الضعفاء. في عام 92ه الموافق 711م قاد المسلمون تحت راية الدولة الأموية حملة عسكرية ضد مملكة القوط الغربيين في شبه جزيرة أيبريا "أسبانيا والبرتغال حالياً" أو الأندلس حسب المسمي الإسلامي. قاد الحملة طارق بن زياد. كان الجيش الإسلامي يتألف في معظمه من البربر. الذين دخلوا الإسلام حديثاً. وكانوا يتوقون إلي الغزو والجهاد. نزل طارق بن زياد بجيشه في المنطقة المعروفة الآن باسم "جبل طارق" ثم توجه شمالاً والتقي بجيش ملك القوط رودريك في معركة تعرف باسم وادي لكة. حيث حقق طارق نصراً ساحقاً ومؤزراً واستمرت الحملة حتي 107ه واستولت علي مناطق واسعة من أسبانيا والبرتغال وفرنسا المعاصرة. كان هذا الفتح الذي يسميه الأوروبيون غزواً إسلامياً بداية لوجود إسلامي استمر نحو 800 عام في الأندلس. أسس خلالها المسلمون حضارة عظيمة حتي اعتبرت الأندلس منارة أوروبا في العصور الوسطي. يقول المؤرخون إن مملكة القوط الغربيين سقطت بكل يسر وسهولة. ليس بسبب قوة جيش المسلمين الذي لم يكن يزيد تعداده علي 7 آلاف رجل. قبل أن يلحقه موسي بن نصير علي رأس 18 ألف مقاتل. إنما سقطت بفعل عوامل الضعف التي بلغت ذروتها عام 91ه أي قبل الفتح بعام. وأبرز هذه العوامل الحرب الأهلية والصراع علي السلطة وشدة ظلم الحكام القوط. وإعلان العصيان من جانب بعض المقاطعات مما جعل كل طرف يستنجد بالمسلمين علي الجانب الآخر. لذلك لم يستغرق الفتح سوي ثلاث سنوات. وصل خلالها المسلمون إلي فرنسا. ومن شدة ترحيب الأيبيريين بالمسلمين. أطلق بعض المؤرخين علي الفتح اسم "فجر الأندلس". أليس هذا ما يحدث في البلاد العربية التي تمزقت بفعل الحرب الأهلية والصراع علي السلطة. خاصة سوريا.. لقد كانت الحرب الأهلية في سوريا وعدم استجابة بشار الأسد لنداء الثورة المقدمة للتدخل الخارجي في هذا البلد الشقيق وتحول الكثير من مدنه إلي أطلال وتشريد نحو 7 ملايين سوري في بلاد شتي. وبعد سبع سنوات أو يزيد أصبحت المشاهد صادمة وأكثر إيلاماً. فسوريا اليوم يتقاسمها أطراف الصراع دون سند قانوني أو أساس شرعي. فنصف سوريا تحت سيطرة روسيا وإيران وحزب الله. وهي الأطراف الداعمة لنظام بشار. وربع الأراضي السورية تحت سيطرة الولاياتالمتحدة وحلفائهما الأكراد. والربع الثاني تحاول تركيا فرض سيطرتها عليه والوضع في سوريا علي هذا النحو ينبئ بكوارث قادمة للمنطقة لأن تقسيم سوريا ليس سوي مقدمة لتقسيم كل بلدان المنطقة.. فهل ننقذ سوريا أم ننتظر حتي يطلع علينا فجر أندلس جديد.