مهما تكلمنا عن فضل الأب ومكانته فلن نوفيه القليل من حقه. ولن ندرك حق الجزاء الذي علينا أن نقوم به تجاهه. روي أن ولداً باراً بأبيه كان صالحاً وكان يبذل جهده لينال رضا الله. ويكتسب محبة والده. وفي يوم من الأيام أعجبه بره بوالده. واغتر بكثرة إحسانه إليه. وجميل فضله عليه. فقال لأبيه: إني أريد أن أصنع بك من البر والخير أضعاف ما فعلته بي في صغري من الجميل. والاحسان ووالله لا تطلب شيئاً مهما كان عسيراً إلا يسرته لك. أو بعيداً إلا قربته منك.. وكان الوالد حكيماً مجرباً. فلم يشأ أن يصدم ابنه في مشاعره أو يجرح إحساسه ووجدانه فقال له: يا بني لست أشتهي شيئاً في هذه الحياة إلا رطلاً من التفاح أسرع الابن وأحضر له أرطالاً من التفاح ووضعها بين يديه. وقال خذ منها حاجتك أو خذها كلها فإذا فرغت من تناوله أحضرت لك أضعاف أضعافه. فأنا أقدر علي كل شيء تطلبه. وقال الأب: إن في هذا القدر من التفاح كفاية لنفسي. وسداً لحاجتي ولكن لا أريد أن آكله هنا. ولا تطيب نفسي إلا بتناوله فوق قمة هذا الجبل. فاحملني إليه يابني إن كنت باراً بي فهش الابن لمطلبه وقال: لك هذا يا أبي ثم وضع التفاح في حجره. وحمله علي كتفه وصعد به الجبل حتي وصل إلي أعلاه. وأجلسه في مكان مريح. ووضع التفاح بين يديه وقال له: يا أبتاه خذ حاجتك منه. فإن نفسي طيبة بذلك. فجعل الوالد يأخذ التفاح لا ليأكله. ولكن ليرمي به إلي أسفل الجبل. فإذا فرغ منه أمر ابنه أن ينزل فيجمعه له وتكرر ذلك ثلاث مرات. وكلما قذف به الأب. يعيده الابن. وفي المرة الرابعة نفد صبر الولد وضاق صدره وأخذ يغمغم مغتاظاً. ففطن الأب إلي الغضب في وجهه فروح عن نفسه. وربت علي كتفه وقال له: لا تغضب يابني ففي نفس هذا المكان ومن فوق هذا الجبل كنت ترمي بكرتك فأنزل مسرعاً لأعيدها. ما أخذني الملل ولا أجهدني التعب حرصاً علي إرضائك وأنت صغير. هذه القصة تبين لنا أننا لا نستطيع أن نقدم لآبائنا ما قدموه لنا فلنبرّ بهم. لأنه يعتبر جميل لما فعلوه تجاهنا ونحن صغار عندما كنا نتعب ويصيبنا من المرض ما يصيبنا لم نجد أحن من الوالدين علينا والوالد هو مفتاح الجنة لأي أسرة لا يجد ويتعب ويصيبه من هموم الدنيا ما لا يطاق بسبب توفير الراحة والطمأنينة إلي قلبك وتيسير أمورك. فالأب أكبر من كل الكلمات. وأعظم من جميع العبارات. وأروع الهدايا من الله هو حب الأب. فمن كان له أب علي قيد الحياة فليحسن صحبته. ويتقرب منه. ويطلب رضاه. ويضعه تاجاً علي رأسه لأن الأب لا يعوض. ومن كان له أب تحت التراب. فليكثر من الدعاء له. وليبرَّه في موته مثلما كان في حياته. وليكثر من الصدقات علي روحه. ويدخل الفرح له لينال بره في موته أيضاً.