ارتبطت أجيال الخمسينيات والستينيات بأفلام سينما الأبيض وأسود واحبوا أبطالها. لأنها كانت تقدم حياة طبقات المجتمع المختلفة والمشكلات الاجتماعية التي تعترضهم. وقصص الحب الرومانسية في إطار من القيم والأخلاق التي سادت في ذلك العصر وتربت عليها هذه الأجيال. من شهامة وكرم وتكافل بين الجيران وأواصر العلاقات الأسرية المتينة وإغاثة الملهوف وغيرها من المعاني السامية. وقد رحل عن دنيانا الكثير من فناني هذا الزمن ولم يعد باقيا منهم إلا قلة لا تعد علي أصابع اليد الواحدة. وقد ساعد الفيسبوك مؤخراً علي معرفة ما آل إليه حال بعض من الفنانات المعتزلات التمثيل منذ عقود عديدة بعد أن نشرت صورهن في مرحلتي الشيخوخة والشباب. ومنهن من ظهرت صورهن قبل الوفاة فأثارت جدلاًً واعتراضاً من أسرهن. لأنهن لم يكن يرغبن في تغيير الصورة الجميلة التي عرفها بهن الجمهور مثل الفنانتين الكبيرتين زبيدة ثروت وشادية. أما سميحة توفيق فقد رحبت باللقاء مع الجمهور قبل وفاتها في برنامج صباح الخير يامصر. وظهرت علينا وهي سعيدة وراضية بما صارت إليه في هذا العمر. ولقد شاهدنا للفنانة "كاريمان" صورتيها في مرحلتي الشباب والشيخوخة. ولكن لم تلتق بها أي وسيلة إعلامية لنعرف كيف تعيش أيامها الآن. بينما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي في يناير الماضي صورة الفنانة آمال فريد التي إلتقطها شاب أثناء جلوسها وحيدة علي مائدة في "كافيه" في وسط البلد. ولم تكن كما قالت تشكو من الاحتياج المادي ولكن من الوحدة ومضايقات صاحب العمارة لتترك له الشقة. ثم ظهرت في فيديو علي "اليوتيب" خلال عودتها إلي بيتها في سيارة التاكسي وهي تتحدث مع السائق. ومنذ أيام صارت ضيفة علي الصحف والبرامج التليفزيونية في "العاشرة مساء" علي قناة دريم. وبرنامج "واحد من الناس" علي قناة الحياة بعد انتقالها لمستشفي المعلمين بالجزيرة لإجراء عملية مفصل صناعي بسبب كسر نتيجة سقوطها في الشارع. وهكذا اطمأن الجمهور علي تلك الفنانة التي لم يمتد عمرها السينمائي أكثر من عشر سنوات لم تقدم فيها أي دور تخجل منه أو تندم علي أنها مثلته. لأنها كما قالت في البرنامجين كانت طالبة في المرحلة الثانوية وكان عليها ان تكون قدوة لزميلاتها ومن في مثل سنها. وكانت ناظرة مدرسة العباسية الثانوية قد حذرتها من أنها ستفصلها من المدرسة إذا ظهرت في الأفلام في أي مشهد يخرج عن اللياقة والأدب وهي كانت ترغب في اكمال تعليمها الجامعي. ولهذا كانت تضع محظورات في أدوارها فلا قبلات أو مشاهد إباحية وظلت أدوارها لا تخرج عن الفتاة الرومانسية رمز البراءة. ولقد اعتزلت التمثيل بعد أن انتهت من الدراسة بكلية الآداب وزواجها من مهندس مصري عاشت معه في روسيا. ومنذ اعتزالها وهي بعيدة عن الوسط الفني حتي حدث هذا الحادث الذي اعادها مرة ثانية للجمهور ونبه إليها نقابة ونقيب الممثلين الدكتور أشرف زكي وجعلها محل رعايتهم. فسددت النقابة جزءاً من نفقات العملية الجراحية وسدد مالك المستشفي الدكتور ماهر أبوطالب البقية علي نفقته الخاصة. وقد تعافت الفنانة المعتزلة وعادت إلي بيتها ولكنها كما قال مدير المستشفي مازالت تحتاج إلي تأهيل لإستعادة قدرة عضلات قدميها علي السير مرة أخري دون مساعدة. ولعل النقابة تتكفل بهذا العلاج الطبيعي لتعود آمال فريد إلي ما كانت عليه قبل هذا الحادث الذي لم يكن شراً لها بل كان خيراً مطابقاً لقول الله تعالي: "وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم. وعسي أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم. والله يعلم وانتم لا تعلمون" صدق الله العظيم.