الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضع نفسه في مأزق بقبوله دعوة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون عقد قمة بينهما قبل نهاية مايو المقبل.. فإما أن تنجح هذه القمة في تفكيك أسلحة كوريا الشمالية النووية أو يجد ترامب نفسه أمام خيارات صعبة لن يكون بمقدوره الإقدام عليها لأن كوريا الشمالية لا تقع ضمن الخريطة العربية وليست محاطة بعواصم عربية. وفي اعتقادي أن النجاح الذي حققته أمريكا بزرع الفوضي والتمزق والحروب والدماء في المنطقة العربية ستجنيه خيبة وحسرة وندما وندامة في شبه الجزيرة الكورية ولأن الأيام دول فإنه سبحانه سيخلق من الضعف قوة ومن الوهن عزيمة وهمة ونشاطاً وستظهر دول تؤدب أمريكا وتجعلها تنكفئ علي نفسها لتعيش داخل حدودها وكفي من سنن الله في الأرض تداول الأيام وتعاقب الحضارات. إن أمريكا ارتكبت خطأ عمرها بغزو العراق عام 2003 وتمزيق المنطقة العربية فقد استوعبت كوريا الشمالية درس غزو العراق وتحولت إلي قوة نووية متكاملة الأركان وها هي أمريكا تنقل بيونج يانج من موقع الدولة المارقة إلي مكانة الدولة الند ولكي لا نظلم كوريا الشمالية فإنها بالفعل كذلك. ويخدع ترامب نفسه إذا توهم أو تصور أنه سيقنع الزعيم كيم بتفكيك أسلحته النووية أو إزالة صواريخه بعيدة المدي عابرة القارات فالكوريون الشماليون وصلوا إلي هذا المستوي من القوة علي حساب بطونهم وفي ظل حصار متواصل وبجهد متصل لا يكل ولا يمل من علمائهم وأنصح الرئيس الأمريكي أن ينسي هذه الكلمة الإنجليزية المركبة والمكونة من 15 حرفا وهي denuclerization لأنها ببساطة غير موجودة في قانون الكوريين الشماليين وربما لا يفهمونها وليس من العدل أن تطالب دولة بنزع أسلحتها النووية بينما أنت تحتفظ بأسلحة من نفس النوع أشد فتكا وتدميراً وتطالب بمضاعفتها عشر مرات. والله خلقنا متساويين والتقدم إرادة وجهد بشري من حق الجميع ولا ينزع من أحد. ومن خلاصة القول إن واشنطن لن تجازف بضرب كوريا الشمالية كما فعلت في العراق وسوريا واليمن وافغانستان وربما إيران إذا استوجب الأمر ذلك واشنطن يمكن أن تجازف بضرب أي بلد عربي حليف أو غير حليف وذراعها طويلة علي الدول العربية متي استشعرت الحاجة لذلك لاختبار أسلحة جديدة أو لردع من تجاوز حدوده وبات يمثل تهديدا لمصالحها أو مصالح الحليف الإسرائيلي تلك هي القاعدة وغير ذلك استثناء لا يحدث.. خيارات واشنطن واضحة وهي: لكوريا الشمالية الحلول السلمية وللأزمات العربية المزيد من التصعيد والمزيد من الخراب والدماء.