في الانتخابات الرئاسية التي انتهت هذا الأسبوع بالنسبة للمصريين في الخارج. وتبدأ الاثنين القادم بالنسبة لنا في الداخل.. الرهان الكبير ليس علي المرشحين.. لكن علي الناخبين. لا خلاف بيننا في مصر. ولا حتي علي مستوي التوقعات الخارجية لدول العالم. علي من سيفوز بالرئاسة من بين المرشحين المتنافسين: عبدالفتاح السيسي. وموسي مصطفي. فالفارق شاسع. والمباراة غير متكافئة. والنتيجة محسومة لصالح الرئيس السيسي لعشرات الأسباب التي نعرفها جميعا. ويعرفها العالم أيضا. ولا يتحمل الرئيس مسئوليتها. الرئيس السيسي نفسه. أقسم. في حواره التليفزيوني أمس الأول - الثلاثاء - أنه كان يتمني أن يكون هناك عشرة مرشحين أفاضل يتنافسون معه علي مقعد الرئاسة. ويختار المصريون من بينهم. لكن المرحلة - كما قال - صعبة. ويجب أن يكون الموجود له خلفية بحجم التحديات التي تواجه مصر. ولدينا - كما أضاف الرئيس - أكثر من 100 حزب. لكنهم لم يقدموا أحدا. الحياة السياسية والحزبية. رغم التعددية الشكلية فيها. فشلت في تقديم مرشحين علي مستوي المنافسة. أو علي مستوي التحديات التي تواجه مصر.. هذه خلاصة تراكمات ستة عقود مضت أو يزيد. وهي قضية مطروحة بشدة وإلحاح علي العقل المصري. ولابد أن تجد لها الحل الطبيعي الذي يوائم بين صعوبة المرحلة وتحدياتها. وبين الحرية والديمقراطية التي تمثل المناخ الوحيد المناسب لبناء حياة سياسية وحزبية قوية وناضجة. وقادرة علي تقديم عشرات المرشحين المناسبين في كل انتخابات. ولأن هذا الحل لا يتحقق إلا علي المدي البعيد. ومن خلال تطور طبيعي وتدريجي للحياة السياسية والحزبية يحتاج وقتا.. ولأن الرئيس لا يملك حزبا. فقد لجأ إلي حلول بديلة. من خلال البرنامج الرئاسي لإعداد الشباب. ومن خلال أكاديمية الشباب المقترحة علي نمط مدرسة الإدارة العليا الفرنسية التي خرج منها معظم رؤساء الجمهورية ورؤساء الوزراء في فرنسا. وذلك لإعداد كوادر شبابية. سياسية وإدارية يمكنها سد الفراغ بصورة عاجلة. المهم. أن الرهان الآن. في الانتخابات الرئاسية علي المواطن المصري العادي. أي علي الناخبين. الذين يدركون. بوعيهم الفطري. حجم ما يواجهه وطنهم من تحديات داخلية وخارجية. ويستحضرون في اللحظات الصعبة مخزونهم الحضاري غير المحدود. ويتحركون بدافع وطني غريزي. وبصورة عادة ما تبهر العالم. إثباتا لوجودهم. وتصديا لكل ما يهدد وطنهم من مخاطر. أبناؤنا في الخارج سبقونا هذا الأسبوع في تقديم المثل والقدوة. هؤلاء يعيشون خارج الوطن. سواء بصفة دائمة كمهاجرين. أو بصفة مؤقتة بدافع العمل.. هؤلاء معظمهم لا يريد من الوطن شيئا إلا ربما مكانا يدفن فيه. ومع ذلك تحدوا في البلاد التي يقيمون فيها صعوبات الطقس. ومشقة السفر والانتقال مئات الكيلومترات من أماكن إقاماتهم إلي حيث توجد المقار الانتخابية في السفارات والقنصليات المصرية في هذه الدول. وتدفقوا بكثافة. رجالا ونساء في مظاهرة حب لبلدهم ورئيسهم هزت مشاعرنا جميعا. هذا ما سبقنا إليه أبناؤنا في الخارج. وهم. مهما بلغ عددهم بالنسبة للداخل. قليل من كثير. والرهان الآن علينا.. علي أكثر من خمسين مليون مصري مقيدين في جداول الانتخابات ويبدأون التصويت الاثنين القادم في الانتخابات التي تستمر ثلاثة أيام. إن التصويت في الانتخابات حق وواجب في آن واحد. وهو حق وواجب فردي لكل مواطن علي حده. وبلغة الفقه. هو فرض عين لا ينوب فيه الجزء عن الكل. وليس فرض كفاية إذا أداه البعض سقط عن الآخرين. وممارسة المواطن لحقه في التصويت لاختيار من يقود بلده في السنوات الأربع القادمة هي تجسيد لرغبته في المشاركة في بناء وطنه وتقرير مصيره. ومواجهة تحدياته. وتقاسم أعبائه وخيراته. وممارسة المواطن لهذا الحق تعزز دوره. وتؤكد مشروعيته في المطالبة بحقوقه. في مراقبة أداء من فوضه لقيادة بلده. إن العالم يعرف. مثلنا. أن نتيجة الانتخابات محسومة للرئيس السيسي كما قلت. لكنه ينتظر ليري حجم وكثافة التصويت. ونسبة المشاركة الشعبية. لأن هذا يعني الكثير. نحن نخوض حربا ضارية ومستمرة. وشبه يومية ضد الإرهاب. قدمنا ونقدم فيها مئات الشهداء. وآلاف المصابين وبتكلفة مالية باهظة.. وخروجنا للتصويت بكثافة سوف يعكس إصرارنا علي مواصلة هذه الحرب حتي النهاية.. نهاية الإرهاب وسوف يعزز الروح المعنوية العالية لأبطالنا الذين يخوضون هذه الحرب في سيناء وعلي كل الاتجاهات الاستراتيجية. ويوجه رسالة حاسمة للإرهاب ومن وراءه بأنه لا أمل له ولا بقاء علي أرض مصر. نحن نطبق برنامجا وطنيا صارما للإصلاح الاقتصادي. والعالم كله بمنظماته وهيئاته التمويلية يتابع تجربتنا فيه. ومدي تحملنا لإجراءاته الصعبة. وقدرتنا علي الاستمرار فيه. وتأثير معاناتنا علي تمسكنا بقيادتنا. وخروجنا للتصويت بكثافة سوف يوجه رسالة قوية وواضحة بتمسكنا بالاستمرار في الإصلاح الاقتصادي بكل تبعاته. واستمرار قيادتنا لاستكمال خطواته. وهو ما سيعزز ثقة العالم في قدرة مصر وقوة المصريين. إن كل من استفاد من الأربع سنوات المنتهية لابد أن يخرج للتصويت من أجل الحفاظ علي مكتسباته وتعزيزها. وكل من لم يستفد. سوف يخرج للتصويت أملا في أن يحصل علي نصيبه المشروع من إنجازات الأربع سنوات القادمة. ليس فقط فيما يتعلق بالإنجازات المادية. بل أيضا فيما يتعلق بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. حلم المصريين الذي سرقته الجماعة الإرهابية. وحان وقت استرداده.