تفتحت عيناي علي نكبة فلسطين في سن مبكرة من حياتي منذ عام 1970 وأنا في الصف السادس الابتدائي. كنت أنصت باهتمام لمدرس اللغة العربية وهو يشرح درساً عن فلسطين. وقد أصابته المرارة والأسي لأننا بسبب فلسطين والعرب تلقينا هزيمة عام 1967 ولم يكن قد مر عليها آنذاك سوي ثلاث سنوات. لا أعرف لماذا أتذكر هذه الانفعالات التي شاهدتها منذ أكثر من 47 عاماً كلما أمسكت ملف القضية الفلسطينية. إن فلسطين هي قضية الفرص الضائعة.. وفلسطين ضاعت لأن بعض العرب تاجروا بها والنفط قلب الموازين في العالم العربي وملف القضية الفلسطينية معقد يختلظ فيه الديني بالدنيوي بالسياسي فاليهود جاءوا إلي فلسطين بالتوراة وهم يخوضون معنا صراعاً دينياً ونحن المسلمين نرفض ذلك ونعتبر الصهاينة في فلسطين استعماراً استيطانياً عنصرياً توسعياً مثل ذلك الذي كان في جنوب إفريقيا والجزائر وهو يحذو حذو الاستيطان الأمريكي علي حساب الهنود الحمر. وهذا الملف تختلط فيه أيضاً الحماقة العربية بالدهاء الصهيوني فالعرب هم الذين رفضوا قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الأممالمتحدة في نوفمبر 1949. وإسرائيل توظف في صراعها مع العرب رؤي توراتية ويقف وراء هذا التوظيف كنائس بروتستانتية أصولية في أمريكا تأثرت بالصهيونية وتعرف في الأدبيات العالمية باسم "المسيحية الصهيونية" مما جعل بعض الأمريكيين أكثر تعصباً لإسرائيل من اليهود أنفسهم. ويقول الدكتور يوسف الحسن في كتابه "البعد الديني في السياسة الأمريكية": إن المسيحية الصهيونية هي معتقدات صهيونية انتشرت بين مسيحيين خاصة أتباع بعض الكنائس البروتستانتية هدفها تقديم تأييد مطلق لإسرائيل.. ويقول الأب ديفيد نوي هاوس في ندوة عقدت بالأردن إن المصطلح يشير إلي نوع من الفكر المسيحي الذي هو أقدم من الصهيونية ويوجد في كنائس غير تقليدية خاصة في المناطق الأنجلو ساكسونية وشمال أوروبا. إن وضع الأشقاء الفلسطينيين في مدينة القدس بالغ الخطورة رغم أنهم مازالوا يشكلون 44 في المائة من سكانها فنسبة البطالة بينهم تصل إلي 70 في المائة والاحتلال الظالم يمنح الفلسطينيين وضع "مقيم" يمكن طرده لأتفه الأسباب.. وبالمثل بات حل الدولتين غير واقعي بعد أن ملأت إسرائيل الأراضي الفلسطينية بالمستوطنات ولم تجعل للأشقاء جغرافية متصلة يقيمون عليها دولة وإسرائيل تزداد قوة كل يوم وباتت اليوم قوة عسكرية وتقنية واقتصادية وتمتلك أدوات ردع لا تتوافر للعرب وهي مع أمريكا قوة لا تهزم بينما العرب متفرقون يحارب بعضهم بعضاً في حروب ساخنة وباردة. إن نكبة فلسطين في نظري هي الحلم لو كنا قد نجحنا في تحريرها. لكن هذا الحلم تحول إلي كابوس بعد أن طال أمدها دون أن تلوح في الأفق بوادر لحل عادل وإطالة أمد هذه القضية يعني استمرار أمريكا وإسرائيل في تدمير الدول العربية وتفتيتها. لذا أنصح الفلسطينيين ألا يتخلوا عن مسار السلام والنضال السلمي وأنصح الحكام العرب أن ينقلوا شعوبهم ودولهم بسرعة إلي قلب الحضارة عن طريق الأخذ بالعلم وتقديم العلماء وتكريمهم وليس تكريم الراقصات وتخفيف حدة الاستبداد وعدم إقصاء جماعات في المجتمع وأنصح الشيوخ بمجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن وإلا سوف تشهد مدننا وقرانا المزيد من الدمار وسقوط الضحايا وعندها لن تنفعنا روسيا ولا الصين فأنتم ترون الاعتداءات المتكررة علي سوريا رغم محيطها العربي ورغم ما بها من قواعد روسية وقوات لإيران وحزب الله.