نعم رُب ضارة نافعة.. فقرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس.. والذي استهتر فيه بالعرب جميعاً.. ولم يستمع إلي اعتراضاتهم.. ولم يهتم بردود فعلهم.. ولا بردود أفعال العالم الإسلامي.. وانحاز تماماً ضد العالمين العربي والإسلامي.. ومضي في اتخاذ قراره الظالم.. وبالغ الضرر والإيذاء للفلسطينيين والعرب في قضيتهم الأولي.. هذا القرار حرّك قضية فلسطين بأكملها.. بعد أن تراجعت كثيراً.. وتراجع الاهتمام بها.. ليس علي المستوي الدولي فحسب. وإنما. وهذا هو المؤسف. علي المستوي العربي بالنسبة لكثير من الدول التي شغلت بقضاياها. أو تلك التي شغلت نفسها بشق الصف الفلسطيني. كما هو الحال مع دويلة قناة الخنزيرة.. علي عكس الحال تماماً مع مصرو التي عملت بكل جهدها علي توحيد الصف الفلسطيني. حتي تتجه كل الجهود والقوي الفلسطينية إلي مواجهة تبعات قضيتهم. وإبطال الحجج التي يثيرها الخصم مدعياً أنه ليس هناك طرف فلسطيني موحد يتعامل معه.. وفي سبيل ذلك تغاضت مصر عن الكثير مما عانته من حماس.. وسعت إلي تحقيق المصالحة بين الفريقين المتنازعين ووضع خطة طريق لهذه المصالحة.. يجري تنفيذها حتي الآن بمتابعة مصر.. التي تتدخل بين الحين والحين لتذليل ما قد ينشأ من عقبات خلال التطبيق.. نعم بفضل هذا القرار الكارثي للرئيس الأمريكي. تحركت قضية فلسطين لتقفز إلي صدارة المسرح العالمي.. ولينتفض أبناء فلسطين دفاعاً عن مدينتهم المقدسة وقضيتهم العادلة.. ولينتفض معهم العالم العربي والعالم الإسلامي رفضاً للقرار المتآمر علي العرب وقضيتهم الأولي.. ويشاركهم العالم كله إدانةً ورفضاً لهذا القرار الذي ينتهك كل القرارات الدولية للأمم المتحدة ومجلس الأمن.. نعم.. تحركت قضية فلسطين.. وتحرك الشعب الفلسطيني ليمسك بقضيته بين يديه.. ويحمل رأسه وروحه علي كفيه.. نداء لقدسه.. ودولته.. انتفض متحدياً ومضحياً.. وأدعو الله أن تتواصل انتفاضاته.. وأن يعينه علي تحمل التضحيات حتي يحقق أمله في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية بإذن الله.. أما أمريكا فقد خسرت بقرارها الكثير.. وفقدت تماماً مصداقيتها.. ولا شك أن الأيام القادمة ستحمل الكثير من دعوات المقاطعة الشعبية الشاملة لأمريكا.. كما أنه لا أحد الآن يستطيع أن يقبل بها وسيطاً نزيهاً.. بعد أن فقدت أهليتها للوساطة.. بانحيازها لأحد طرفي النزاع دون أي اعتبار لحقوق الطرف الآخر.. ونحن نأسف أن جاءت قرارات وزراء الخارجية العرب في اهتمامهم بجامعة الدول العربية علي هذا المستوي الضعيف الذي لا يتناسب وحجم الجريمة التي ارتكبتها أمريكا في حق القضية الفلسطينية والشعوب العربية والإسلامية.. ولكن الأمل قائم في أن يتطور الموقف الرسمي للدول العربية في الأيام القادمة استجابة لضغوط الشارعين العربي والإسلامي.. وأيضاً الفلسطيني.. وليس هناك أقل من أن يجتمع العرب في قمة طارئة.. ليواجهوا القرار الأمريكي بإجراءات تتناسب مع الكارثة.. فالرأي العام العربي والإسلامي والفلسطيني أيضاً.. جميعهم يتطلعون إلي ضغط عربي يتناسب مع ما حدث من أمريكا.. ولا أقل من إيقاف الصفقات الضخمة التي حصل عليها ترامب بمئات المليارات من الدولارات.. وفي أقل الأحوال إن لم يكن الإيقاف ميسوراً.. فلا أقل من تأجيلها حتي تعدل أمريكا عن قرارها.. فهل يستطيع العرب أن يفعلوا هذا؟. ولا شك ان القضية برمتها سوف تنتقل إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماع طارئ.. لأنه من الواضح أن مجلس الأمن سوف يفشل في اتخاذ قرار في مواجهة الفيتو الأمريكي المتوقع ضد أي قرار قد يتخذه مجلس الأمن.. ولكن.. ومع هذا.. فلابد من التوجه إلي مجلس الأمن أولاً.. لكي يسهم الفيتو الأمريكي في تعرية أمريكا أمام من لايزال يعتقد أن أمريكا قد تتراجع.. أو قد تعود إلي اتخاذ موقف منصف أو عادل.. إذاً فعرض القضية مرة أخري علي الأممالمتحدة في جلسة طارئة لجمعيتها العامة. أصبح أمراً ملحاً.. ليس فقط لإدانة القرار الأمريكي.. والحصول علي قرار جديد يؤكد أن القدسالشرقية هي عاصمة دولة فلسطين المستقلة.. وإنما للحصول علي اعتراف كامل بدولة فلسطين دولة مستقلة.. بدلاً من وضع المراقب.. دولة مستقلة وعاصمتها القدسالشرقية.. وإدانة استمرار الاحتلال الإسرائيلي حتي الآن.. ليكون الاحتلال الوحيد الباقي في العالم كله بعد أن انتهت من العالم كل صنوف الاحتلال.. يبقي هنا أن نحيي موقف الأزهر الشريف وشيخه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.. وإدانته للقرار وتحركه الفوري والواسع لعقد مؤتمر دولي لمواجهة القرار الأمريكي وتبعاته المؤسفة.. كما نحيي أيضاً رفض الإمام الأكبر استقبال نائب الرئيس الأمريكي في زيارته القادمة التي نأمل أن يلغيها ويبقي في بلده.. فذاك أفضل له.. ولنا.. فلا أحد في العالمين العربي والإسلامي يرحب بمثل هذه الزيارة التي تحاول أمريكا من خلالها تبرير جريمتها أو التخفيف منها.. كما نحيي أيضاً موقف البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية.. الذي اقتدي بموقف الإمام الأكبر ورفض أي لقاء مع نائب الرئيس الأمريكي.. ولابد هنا أيضاً أن ندعو إلي تشكيل وفود شعبية تتوجه إلي أهم الدول التي أعلنت رفضها للقرار الأمريكي. لتقديم الشكر لهذه الدول.. ودعوتها إلي الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. كما لابد أن نحذر من الضغوط المتوقعة التي قد تمارسها أمريكا وإسرائيل علي بعض الدول التي يمكن أن تستجيب لهذه الضغوط.. وتحذو حذو أمريكا في نقل سفارتها.. علينا أن نتحسب لهذه الضغوط.. وعلينا أن نحذر أي دولة تستجيب لها.. هذه معركة.. لا بديل لنا فيها غير تحقيق الانتصار.. ولن يكون هذا سهلاً ولن يأتي بغير تضامننا جميعاً.. وتضحياتنا جميعاً.. وجهودنا معاً جميعاً.. ** آخر الكلام: أعتقد انه من واجبي.. رغم أن الأمر يخصني.. أن أصحح خطأ وقع فيه أحد الزملاء حين نسب إلي زميل آخر راحل بدأ صفحات التعليم علي صفحات "الجمهورية".. في التسعينيات.. وهو أمر يجافي الحقيقة تماماً.. ويحذف من تاريخ "الجمهورية" نحو ثلاثين عاماً.. حيث كان لي شرف بداية صفحات التعليم "الجمهورية" في عام 1968.. توسعت بعد ذلك حتي وصلت إلي أربع صفحات يومياً.. واستمر ذلك حتي منتصف السبعينيات.. أيضاً بدأت في عام 1968 رحلة أوائل الثانوية العامة.. التي استمرت حتي الآن بفضل الله.. هذا تصحيح للتاريخ.. لا يضير أحداً.. بقدر ما يؤرخ للون جديد من الصحافة.. كان لي فضل بدايته في مصر.. في عام 1968 وليس في التسعينيات كما ذكر بالخطأ أحد الزملاء.. وعلي صفحات "الجمهورية" للأسف..