ليس من سبيل المبالغة أو المباهاة وصف الشعب المصري بالعبقرية. فعلي مدي تاريخه الضارب في عمق الزمان اتخذ العديد من المواقف مما يؤكد عبقريته ولعلنا في السنوات الأخيرة ولكثرة أحداثها عايشنا عن قرب وبوضوح بعض هذه المواقف وتفاعله مع الأحداث ولعل أقربها تجاوبه مع قرارات التصحيح الاقتصادي التي تأجلت كثيراً مما شوه الاقتصاد المصري وعرضه لمخاطر يصعب تداركها. لقد ترتب علي التصحيح ارتفاعات بل قفزات في أسعار السلع والخدمات تقبلها المصري بقناعة وأريحية أثارت انتباه الكافة بالتأكيد قناعة المصريين بقيادتهم السياسية كانت عاملاً فاعلاً ومؤثرا لتقبل هذه القرارات كان يجب علي الجهاز الإداري والحكومة بصفة عامة التعامل بسهولة ويسر عند قضاء حوائج المواطنين حتي نعبر هذه المرحلة ونتطلع إلي عوائد التصحيح الاقتصادي. وزارة الكهرباء وأجهزتها وشركاتها تعطي أسوأ مثال لكيفية التعامل فمنظورها الجباية والاذعان لا توجد أسرة مصرية لا تشكو من فواتير الكهرباء ولا حياة لمن تنادي فالدفع أولاً ثم تبحث شكواك مستقبلاً وفي الأغلب يرتضي المواطن ما فرض عليه وهو يحمل كماً من عدم الرضا بل من الاحساس بالجور ذلك نتيجة قصور وعشوائية وخبل الأداء والإدارة وافتقاد المتابعة الجادة والإشراف الحقيقي الإهمال هو الشعار السائد بدءاً من الكشاف الذي يتخلف عن القراءة ثم يعود ليضرب أرقاماً جزافية وحتي ان قرأ ففي أوقات متباعدة يستسهل توزيع المبالغ المستحقة علي فترات لا تمثل حقيقة الاستهلاك لكنها تدخل المواطن البائس الشرائح العليا وعليه أن يدفع قيمة ما لم يستهلكه وإذا حدث وتظلم فقد يعاد تقسيط المطلوب وهو بالفعل لا يمثل الحقيقة من يوقعه سوء حظه في فاتورة من تلك الفواتير الألفية يخرج بقناعة انه لا توجد رئاسات تملك القرار والحسم أو التصحيح. معالي الوزير ما ذكر قليل من كثير والقدرة علي التحمل نفسياً ومادياً ليست مطلقة. أهيب بسيادتكم وكل القيادات بوقفة تصحيحية تنحو نحو الحق والعدل. أذكر سيادتكم بمقال سابق أبديت فيه التجاوب مع قرارات زيادة قيمة الكلفة وأقرنت ذلك بالعمل علي إنهاء ظاهرة سرقة الكهرباء أو الاهدار أو عدم التفريق بين سكان الأحياء الفقيرة والكمباوندات وقري الساحل والمنتجعات بل وأيضاً عدم التفرقة بين قيمة الاستهلاك في المنشآت الصغيرة والمتوسطة مقارنة بالشركات الضخمة والتي لها مطلق الحرية في تحريك أسعار سلعها وهو أمر لم تقترب منه الوزارة بشكل ملموس فالإهدار علي أشده والسرقات مستمرة وهي في الحقيقة تمثل نسباً عالية إذا تم تلافيها يمكن تخفيف العبء علي المواطن البسيط. أملي كمواطن مصري أن يؤخذ ما ذكر مأخذ الجد وان هناك مجالات في هذا القطاع لعمل الرقابة الإدارية والأجهزة المعنية بصفة عامة. نرجو أن تعطيها مزيداً من الاهتمام وسوف تكتشف الكثير والكثير مما يحاسب عليه القانون.