أبت عيناها أن يغمضا.. ظلت طوال الليل تتقلب في فراشها.. تدفن رأسها تحت الغطاء لعلها تغفو.. تزاحمها الأفكار فتنهض.. تارة تقلب في "ريموت" التليفزيون بحثا عن فيلم كوميدي قديم من أفلام الزمن الجميل وتارة تتصفح "الفيس بوك".. تتابع "بوستات" الصديقات وظلت علي الحال تطاردها كلمات محامي طليقها أمام محكمة الأسرة في الجلسة السابقة.. يتهمها بأنها إمرأة سيئة السمعة.. "ماشية علي حل شعرها" وليست أمينة علي تربية طفليها ويطلب ضمهما للأب حفاظا عليهما. ظلت علي هذا الحال تتذكر تلك العبارات باكية تجفف دموعها المتساقطة حتي حان موعد صلاة الفجر وأنطلقت أصوات المؤذنين في مساجد المنطقة فنهضت من فراشها وتوضأت وصلت وأنتظرت حتي السابعة صباحا لترتدي ملابسها للذهاب إلي المحكمة لمتابعة الجلسة الثانية. استوقفت سيارة "تاكسي" طلبت من سائقها الذهاب بها إلي محكمة الأسرة بميدان "الكيت كات" بالجيزة وظلت طوال الطريق شاردة تفكر في كيفية الدفاع عن نفسها فهي في قرار ذاتها زوجة مخلصة وأم راعية تحملت عذابات الزوج ونجله وحماقاته ولم تتوقع يوما ان يتهمها مثل هذه الاتهامات التي هي منها براء حتي يتهرب من دفع النفقة لها ولاطفالهما. جاء محاميها.. توجها إلي القاعة.. وقفا امام بابها يطلعان علي رقم القضية في "الرول" واكتشفت أن قضيتها رقم 18 فأستأذنها المحامي في الذهاب إلي بوفيه نقابة المحامين بالمحكمة لحين اقتراب موعد جلستها وطلب منها إنتظاره في القاعة. عندما حل عليها الدور.. ارتدي محاميها "الروب" وتوجه إلي المنصة.. قدم لرئيس المحكمة ملفا يحوي بعض الأوراق التي تؤكد أن طليقها يعمل مديرا للمبيعات باحدي شركات الأدوية وراتبه يتجاوز ال10 الاف جنيه. وبينما محاميها يتحدث.. انتفضت من مقعدها وتوجهت للمنصة.. وجهت كلامها لرئيس المحكمة.. "من فضلك اسمعني ياسيادة المستشار.. عندي كلام كتير" باغتها محاميها بنظره وكأنه يريد اسكاتها لكن القاضي طلب منها مواصلة الحديث. قالت "حسبي الله ونعم الوكيل" أنا ست شريفة ياسعادة البيه.. عمري ما خنت ولافكرت أخون.. من يوم زواجنا وأنا مستحملاه علي الحلوة والمرة.. رغم بخله الشديد.. خمس سنين يابيه وراني العذاب ألوان. قاطعها رئيس المحكمة.. "أدخلي في الموضوع" عايزه ايه. ردت عايزه حق ربنا.. عايزاه ومحاميه يراعي ربنا وبلاش النهش في سيرة الولاية علي الفاضي والمليان.. وفجأة إنحشرت الكلمات في فمها.. وغالبتها الدموع التي تساقطت وتوقف الكلام.. لكن أحداث الجلسة لم تنته.