ونستمر مع الأزمة القطرية التي ستطول وتطول. ولن يكون هناك حل قريب لها قبل انعقاد القمة الخليجية في ديسمبر القادم ولا بعدها..! ودولة الكويت "الشقيقة" هي وحدها من يري أن هناك أملاً في نجاح الوساطة وتقول إن دورها كوسيط في الأزمة لم ينته.. وتنظر إلي الأزمة علي أنها خلافات بين "أشقاء"... ونائب وزير الخارجية الكويتية خالد الجار الله يقول في هذا الصدد إن ثقة بلاده كبيرة بتجاوز هذا الخلاف وأن تكون هناك بداية لصفحة جديدة في العلاقات. الكويت الشقيق مازال يتعامل في هذه القضية علي أنها مجرد خلاف في وجهات النظر. أو أنه خلاف مؤسف يمكن تداركه بجلسة أو جلستين من الحوار والكلمات الطيبة... وهو ليس خلافاً حول قضايا عادية. وليس خلافاً يتعلق بوجهات النظر يمكن التوفيق بينها. ولكنه خلاف حول تهديد أمن بعض الدول وإثارة الأزمات فيها وتشجيع الإرهاب علي أن يتحرك داخلها ويوجه ضرباته لها. وهو خلاف علي وجود دول وسيادتها وأمنها واستقرارها. والخلاف يبدأ وينتهي بمواقف دولة قطر التي لا تحمل روح "الإخوة" و"الأشقاء" بقدر ما تحمل نوعاً من التحدي القائم علي أبعاد وأهداف سياسية لقوي خارجية لا تضمر لهذه المنطقة خيراً ولا تبحث لها عن الهدوء والاستقرار. وإذا كان هناك حديث عن الوساطة فإنه يجب أن يبدأ بتحديد المشكلة ومسئولية أطراف الخلاف دون أن تتحول الوساطة إلي وسيلة لاستهلاك الوقت ومنح الفرصة لمن أخطأ لإيجاد تبريرات وأعذار والهروب بجريمته. ولا أحد يمكن أن يقف عائقاً أمام وساطة بين "الأشقاء".. ولكن الوساطة علي ماذا.. ومن أجل ماذا..! *** ويموهت الزعماء ولكن سيرتهم تبقي باقية وحاضرة.. ومنهم من نلعنه لأن التاريخ قدمه لنا شيطاناً.. ومنهم من نظل نطلب لهم الرحمة لأنهم قدموه إلينا ملاكاً بلا سيئات. ومن المعارك الخالدة. كل ما يتعلق بالزعيم جمال عبدالناصر. الشخصية التاريخية الكاريزمية التي يصعب تكرارها. فبعد أن أعاد عمرو موسي لنا الذكريات بحديثه عن عبدالناصر وإثارته للمعارك مع الناصريين بسبب ما ذكره في مذكراته عن عبدالناصر. فإن المعركة الجديدة تدور الآن بين المهندس عبدالحكيم جمال عبدالناصر ابن الزعيم الخالد وبين محمد يوسف نجيب حفيد محمد نجيب أول رئيس لمصر. فعبدالحكيم اتهم نجيب بأنه كان مضطلعاً في مؤامرة اغتيال عبدالناصر في حادث المنشية الشهير بالاسكندرية. وحفيد نجيب لم يسكت بالطبع وإنبري يرد علي عبدالحكيم نافياً التهمة عن جده. وملقيا بقنبلة علي عبدالحكيم قائلاً "الشعب كله عارف أن حادثة المنشية دي ملفقة ومدبرة كويس جداً"..! ولأنه لا توجد وثيقة واحدة محايدة تتحدث عن محاولة اغتيال عبدالناصر في حادث المنشية بوضوح ودقة وموضوعية فإن حادث المنشية سيبقي سراً دائماً. وسيظل التعامل معه من منطلق التكهنات والاستنتاجات والاستدلالات. ولكنه لا يجب أن يكون بابا ومنطلقاً لاجتهادات خاطئة حول الزعيم وتاريخه الذي لا يمكن إنكاره. ويصبح لزاماً علي أبناء الزعيم أن يتوقفوا عن اطلاق الاتهامات. والتشكيك في نوايا كل من يتحدث عن عبدالناصر ويتناول تاريخه ومرحلة حكمه. إن التاريخ لن يعيد نفسه. ولكننا نتعلم منه العظات والعبر. والدروس المستفادة من التجربة الناصرية كثيرة. وأهم ما فيها هو البعد الاجتماعي الضروري لاستقرار الدولة. وهو بعد يعني الإبقاء علي الطبقة المتوسطة قوية متماسكة. وهي طبقة العمال والفلاحين والموظفين. فهؤلاء هم أساس الدولة ومصدر قوتها وأمنها وأمانها.. وليس مهما بعد ذلك أي حديث أو تقييم آخر. *** ويقول الدكتور خالد فهمي وزير البيئة إن "عمال النظافة بيسيبوا الشغل ويروحوا يجمعوا قطن وبلح لزيادة دخلهم"..! ويا دكتور عمال النظافة لا يتركون أو يهملون عملهم من أجل القطن والبلح.. عمال النظافة في الشوارع تحولوا إلي "شحاذين" في مواقع عملهم.. والشحاذة أكثر دخلاً من المرتب. وكل واحد أمسك "بالمقشة" في يد وفتح اليد الأخري للتسول..! وبلح إيه وقطن إيه.. الشحاذة أفضل وبجهد أقل..!! *** وأكتب عن هذه القضية الهامة من واقع رسالة معاناة تلقيتها من إحدي السيدات اللاتي تعرضن للإصابة بسرطان الثدي. تقول هذه السيدة في رسالتها الباكية إن المعاناة التي واجهتها قبل جراحة إزالة الثدي وأثنائها وفي مرحلة العلاج الكيماوي والاشعاعي حولتها إلي امرأة بائسة يائسة محطمة..! وتمضي هذه السيدة لتقول إن النظام العلاجي في التعامل مع مرضي السرطان من أي نوع نظام محبط مدمر لا يأخذ في الاعتبار الآلام الهائلة التي يواجهها المريض. وبينما كنت أقرأ ما تقوله هذه السيدة عن تجربة ورحلة المعاناة كنت أقرأ خبراً عن إصابة الممثلة العالمية جوليا لوي دريفوس بسرطان الثدي وحيث كتبت علي موقعها الإلكتروني تقول "الخبر السار هو أن لدي تأميناً صحياً رائعاً". ونعم الخبر السار هو أن يكون هناك من يساندك ويسدد التكاليف عنك ويقدم الخدمة الممتازة لك.. وأن يكون لديك تأمين صحي جيد. وهو بالطبع أمر غير متوافر لدينا.. ويجعل الأخبار السارة تأتي نادراً.. وبالصدفة إن أتت..! *** وأخيراً.. رسالة خاصة من عادل عبدالحكيم محمود من إمبابة يطالب فيها الدولة بصرف معاش شهري لذوي الاحتياجات الخاصة مع علاجهم علي نفقة الدولة.. والاقتراح وجيه وإنساني ويستحق الدراسة والتنفيذ العاجل.