يوم الإثنين الماضي التاسع عشر من شهر ديسمبر الجاري صادف الذكري الواحدة والستين لإعلان استقلال السودان من داخل البرلمان.. ففي مثل هذا اليوم من عام 1955م تجلت عبقرية الشعب السوداني. وتفتق عنها موقف لم يكن يخطر علي بال بشر. ومعلوم أن الناس في السودان كانوا يتقاسمون الانتماء لتيارين. أحدهما يدعو للوحدة مع مصر. تمثله الأحزاب الاتحادية بقيادة الحزب الوطني الاتحادي. ويرعاه مولانا السيد علي الميرغني مرشد الطريقة الختمية. ويقوده سياسياً الزعيم إسماعيل الأزهري رئيس الحزب الوطني الاتحادي والتيار الثاني يدعو للاستقلال التام وتمثله الأحزاب الاستقلالية بقيادة حزب الأمة. ويرعاه السيد عبدالرحمن المهدي إمام الأنصار. ويقوده سياسياً السيد محمد أحمد محجوب رئيس حزب الأمة. وبينما كان الناس علي هذين الولاءين المتباينين. نهض النائب البرلماني عن حزب الأمة عبدالرحمن دبكة. وتقدم بمقترح لإعلان الاستقلال من داخل البرلمان. فهب النائب الاتحادي مشاور جمعة سهل وثني المقترح الذي أجازه البرلمان بالإجماع. والتف حوله أهل السودان جميعاً. بمختلف تكويناتهم وانتماءاتهم. ويوم الإثنين الماضي أرادت المعارضة أن تجعل من يوم الذكري مناسبة تحشد فيها الجماهير للاعتصام من أجل إسقاط الحكومة. وسعت الحكومة لقلب السحر علي الساحر بإفشال دعوة الاعتصام. وبرغم أن الحكومة قد تحقق لها ما أرادت. إلا أن إرادة الشعب كانت هي الأغلب. فأكثر الذين تمردوا علي دعوة العصيان فعلوا ذلك استجابة لنداء الوطن قبل مناداة الحكومة. والقلة التي اعتصمت فعلت ذلك لتقديم رسالة للحاكمين. وليس موالاة للمعارضين. وليت الحاكمين المعارضين يعون هذا الدرس قبل فوات الأوان.