الساحة الإعلامية.. الدولية.. والإقليمية.. والمحلية. مليئة هذه الأيام.. بالأنباء.. والتعليقات.. والتوجهات.. المثيرة.. والغريبة. بل والمتناقضة. فالولايات المتحدةالأمريكية.. تدعو موسكو لوقف العنف. واحتوائه.. وتركز اهتمامها علي حلب.. وتطالب بشدة بوقف قصف "المدينة السورية"!!.. في نفس الوقت.. تشير أنباء أخري. موازية. أو مصاحبة. إلي أن واشنطن تمد. في نفس اللحظة "قوات سوريا الديمقراطية" بشحنات ضخمة من الأسلحة.. وللعلم.. فإن قوات "سوريا الديمقراطية" هذه.. عبارة عن عشرات الآلاف من المرتزقة. والعصابات المسلحة.. والجماعات المأجورة. التي تم تجميعها.. وتأهيلها.. وحشدها.. ثم دفعها إلي الأراضي السورية.. لضرب النظام السوري الرسمي. الذي يرأسه بشار الأسد. وهذا الحشد.. الذي أتت به أمريكا. وحلفاؤها الغربيون.. ومن كل أنحاء الأرض.. أي من أكثر من 82 دولة.. لا علاقة له بالمنطقة.. ولا ينتمي إليها.. إنما هو.. جانب من التخطيط الاستعماري. الذي وضعته أمريكا.. ومن معها من الحلفاء. ومن العملاء.. بهدف ضرب الشرق الأوسط.. وتدمير دوله وكياناته.. ثم تقسيمه وتفتيته.. للسيطرة في النهاية علي المنطقة.. وبعد أن تقضي بالكامل علي أي سلطة وطنية. أو قوة ساعية. لاستعادة سيطرتها من جديد.. وإعادة دولتها المستقلة الراغبة في بناء قادر علي التقدم والإنتاج.. وفتح الأبواب أمام شعوبها.. لتعمل. وتسعي لحياة أفضل لأبنائها ولشعوبها. علي الجانب المقابل.. أو المعارض.. يخرج علينا "دنييس روس" المبعوث الأمريكي الأسبق للشرق الأوسط. وخبير شئونه.. بتصريحات مضادة. ومعاكسة لهذا الذي تمارسه واشنطن.. في دعم الإرهاب.. وتسليح القوات المناهضة للمنطقة. ودولها. يدعو "روس" بلاده إلي ضرورة تقديم "دعم عسكري" أكبر وأضخم.. "لمصر".. حتي تتمكن من استمرار مواجهتها الفاعلة والمؤثرة ضد الإرهاب.. ومن يمارسونه. وهو الموقف الذي تبنته بعض الصحف وأجهزة الإعلام الأمريكية. في مواقع أخري.. ووصفت فيه "القاهرة" بأنها "الحليف الاستراتيجي" لأمريكا.. في معركتها الخاصة بمحاربة الإرهاب. الملفت للانتباه.. في نفس الوقت.. أن جناحاً إخوانياً.. ممن يقيمون في الخارج الأوروبي والأمريكي.. انضموا إلي هذا التوجه.. وخرج فصيل من بينهم.. يدعو عصاباته بأن "يجمدوا نشاطهم المعادي لمصر" بعض الوقت.. خوفاً من الرئيس الأمريكي الجديد "ترامب".. الذي تعكس تصريحاته.. تجاوباً. وتفاهماً. مع سياسة مصر.. ولذلك قام أحد قادة الجماعة الإخوانية. المدعو "إبراهيم منير" والهارب إلي لندن.. والممثل لتيار القيادة التاريخية الإخوانية.. خرج الرجل يدعو "للمصالحة". مع النظام المصري.. فأطلق عليه. تيار "القيادة الشبابية الإخوانية".. ووصف العميل. المرتبط بأجهزة المخابرات المصرية. * * * وبينما نتابع هذه التوجهات والتصريحات.. بتناقضاتها.. المتعددة.. تفاجئنا "تل أبيب" بحكاية طويلة.. متعددة الأبعاد. والأهداف.. وتتحدث وكأنها "حمل وديع". مهمته الدفاع عن الغرب وعن المنطقة. وتقول: "إن جهاز الأمن العام الإسرائيلي الشاباك قد توصل إلي مؤامرة كبري تحيكها جماعة الإخوان.. وحركة حماس الفلسطينية.. وأن هذه المؤامرة تقول: إن تحالفاً سرياً بين الجماعة وحماس.. قد قام بالفعل. ويتولي عملية "تجنيد" فرق وجماعات مسلحة. تتولي تنفيذ: حملات إرهابية. وعنيفة في مختلف دول العالم.. مستخدمين في ذلك.. مراكز الأبحاث التابعة للإخوان والمنتشرة في أنحاء العالم.. ومستخدمين مقارات الجماعة أيضاً.. والمتواجدة في العديد من الدول. والتي يصل عددها إلي أكثر من 80 موقعاً ومقراً.. ويقومون بمد هذه الجماعات والأفراد بالمال. وبالسلاح. وبالخطط.. وأن الأولوية للهجمات. سوف تستهدف في البداية عدداً من المدن الأوروبية الكبري وعواصمها.. مثل ألمانيا. وفرنسا. وانجلترا. والنمسا. وغيرها. في نفس الوقت يتضمن المشروع. أو الخطة.. تجهيز ميليشيات مسلحة تقوم بتهريب أعضاء هذه المنظمات. المقبوض عليهم. والموجودين داخل السجون.. وقد حددوا تاريخاً لبدء هذه "الهجمات". والاعتداءات وهو 25 يناير القادم. * * * ورغم هذا التخطيط العام.. وبكل تناقضاته.. وانحرافاته.. وحتي أكاذيبه.. إلا أن الهدف يظل دائماً. وباستمرار.. هو المنطقة.. منطقة الشرق الأوسط ودولها. ولا شك أن "مصر" هي صاحبة الاهتمام الأول.. وهي الهدف الأكبر للتآمر.. وللعدوان.. ولمخطط الفوضي.. والتخريب. ولهذا تتعدد. وتتنوع. البرامج.. والعمليات. لا تستبعد.. القتل.. ولا التخريب.. ولا إشاعة الفتن.. والأكاذيب.. والوقيعة. * * * هذه الأساليب الإجرامية بتعددها.. تستهدف: كيان الشعب المصري نفسه.. فتعمل علي نشر الفتنة بين أهالي النوبة.. مثلما يجري هذه الأيام.. وتدفع بجماعات مأجورة.. أو جماعات مضللة. وجاهلة. للقيام بمظاهرات. واجتماعات.. تتحدث عن النوبة.. وحق النوبيين في أراضيهم.. وحقوقهم. وممتلكاتهم.. بينما أن الغالبية العظمي من هؤلاء "الغاضبين" لا يعيشون في النوبة.. بل لا يعيشون حتي داخل الأرض المصرية.. ويتحدثون عن "بيع توشكي" لغير النوبيين.. وكأنه قد تم بالفعل. تقسيم أرض الوطن علي أساس عرقي.. وليجعلوا من هذه الافتراءات. والفتن. موضوعاً حياً وملموساً.. يجهزون السيارات ويملأونها بالعملاء. سواء من النوبة أو وهو الأكثر عدداً من خارج النوبة.. ويدفعون بها إلي المناطق "الأزمة" التي يحاولون تفجيرها. ولهذا.. وبهذا السلوك يضربون المشروعات الكبري التي تم التخطيط والتنفيذ فيها.. مثل زراعة المليون ونصف المليون فدان.. ويختلقون عناوين مثيرة مثل: الدولة تبيع توشكي لغير أصحابها.. وكأن توشكي أرض غريبة.. وكأن من يطبق عليهم مشروع تمليك الأرض.. يخص جنساً. من المصريين.. دون باقي أبناء الوطن. وإذا تركنا حكاية.. توشكي.. والنوبة.. وزراعة مليون نصف مليون فدان. يقوم بها المصريون العاملون في الأراضي. والذين يعيشون فوق ترابها.. تفريط في أرض مصر.. لأناس ليسوا من أهل مصر. إذا تركنا النوبة والأرض.. نذهب إلي "الدواء".. حيث يتولي مجموعة من المحتكرين.. والمهربين.. بل واللصوص. الاستحواذ علي عمليات "الاستيراد".. والتخزين غير الشريف.. وفرض حالة من الغياب. لعدد من الأدوية الشعبية.. وبالتالي فرض أسعار تتجاوز كل حدود للحق والعدل والمنطق.. وهو ما يقود إلي حالة من التذمر والغضب العام. وربما كانت حكاية.. ثلاثة من رجال الأعمال الهاربين.. تكشف جانباً ولو بسيطاً من انحراف العديد من رجال الأعمال. الثلاثة الذين نتحدث عنهم.. صدرت ضدهم أحكام تتجاوز ال858 عاماً من السجن.. وعليهم مديونيات تصل إلي ما هو أكثر من 40 مليون جنيه. والأمثلة المشابهة لهذه الحالة بالمئات إن لم تكن بالآلاف.. ورغم هذا.. لا يتوقف البعض عن استخدام مثل هذه النماذج ضد الدولة آملين أن تتراجع السلطة أمام حملاتهم.. وتتركهم يمارسون هذه السرقات. والتجاوزات. والجرائم. * * * الغريب.. بالنسبة لهذه الحالة التي تعيشها مصر.. ويعيشها شعب مصر.. أن القوي الخارجية.. والعملاء المحليين. مازالوا قادرين علي تضليل جماهير الشعب.. من خلال حالات ونماذج وتصرفات خسيسة.. هم فاعلوها. وصُناعها. فالوضع.. من أجل إرضاء أصحاب المؤامرات ومخططيها.. هذا الوضع أو النظام.. لم يتمتع بالحكم أو السلطة.. إلا أكثر من عامين بقليل.. وأن من صنع هذا "الخراب" أو هذه الأزمات والمشاكل الضخمة التي تعاني منها مصر.. هي في الواقع.. حصيلة نظام سابق ظل مسيطراً ومهيمناً.. ومستغلاً للشعب وللبلاد أكثر من أربعين عاماً. وحتي بعد أن قام الشعب بثورتيه.. ودون أن يكون لديه قادة حقيقيون.. وأصحاب رؤية.. ليأخذوا البلاد إلي الطريق السليم. عاد الاستعماريون وعملاؤهم.. واستولوا علي السلطة.. ومكنوا الإخوان.. وأسقط الشعب نظام الإخوان. لكن ظلت القوي المعادية قادرة علي الفعل.. وعلي التحكم. وعلي أخذ البلاد لطريق صعب.. طريق شاق. والمؤكد.. أن مصر وشعب مصر.. لم يستطيعا بعد أن يتخلصا من حبائل التآمر والخراب. التي أحاطوه بها. خاصة بعد أن حرموا البلاد من كل مقومات البناء والتقدم. خاصة بعد أن باعوا مصانع ومؤسسات القطاع العام. وبعد أن أوقفوا زراعة القطن. وبالتالي صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة. وبعد أن أغلقوا مصانع الدواء.. ومستلزمات الإنتاج. ثم كان علي مصر الجديدة.. ومنذ عامين ونصف العام فقط أن تعيد الأمور إلي نصابها.. وأن تعيد بناء المصانع والمؤسسات.. وبعد أن تطهر الوطن وشعب هذا الوطن من الأمراض والآفات والانحرافات التي زرعوها داخله.. وبين أبنائه.