هذا ما يوضحه دكتور خالد لاشين استشاري العلاقات الأسرية والتربوية الخاينة مرض مجتمعي قديم قدم الزواج. ولا يتم الالتفات إليه أو محاولة طرحه للحوار البناء بهدف الوصول إلي جذور المشكلة أو تقديم حلول أكثر إيجابية. وبالأخص المجتمعات العربية.أغلب الآراء تتحدث عن فراغة العين أو دوافع مرضية أو الطبع الغالب وما إلي ذلك.. هل الخيانة عبارة عن علاقة عابرة. قصة حب. غرف الدردشة. رسائل عبر التطبيقات الحديثة. أم كل تلك الأمور مجتمعة أو منفردة. لعل أشمل تعريف للخيانة هو العلاقة الموازية للزواج. ولكن لماذا انتشرت تلك العلاقات في العلام كله مع اختلاف ثقافاته. بين المثقفين والجهلة. الأغنياء والفقراء. العالم المتقدم والمتخلف. المنفتح والمحافظ في نسب قد تتراوح بين 25 إلي 75% في الدول القادرة علي عمل مثل تلك الاحصائيات. رخصة علي مر العصور والرجال لديهم ترخيص وهمي بالخيانة بدعم بعض النظريات البيولوجية والتطورية أو الأعراف المجتمعية. مع عواقب بسيطة. فدائما ما تعامل الخيانة بالمعايير المزدوجة فالرجال يفعلون ذلك ويعتمدون علي إخلاص نسائهم في نفس الوقت. ولكن عن ماذا يبحث الخائن حقيقة. هل عن العاطفة والألفة حتي وإن كان نتيجتها عبئاً نفسي كبير كالذي تفرضه الخيانة كعلاقة سرية. ولنحاول أن نتخيل حجم الضرر الذي تلحقه بالحياة الزوجية فلكل منا مثالية رومانسية نتوجه بها إلي شخص واحد فقط لإشباع قائمة لا نهائية من الرغبات. ستكون صديقي المفضل والوالد الأفضل والند الذكي. ونتصور أنفسنا علي أننا شخص لا غني عنه. لا بديل له. ثم تأتي الخيانة لتدمر كل ذلك. فالخيانة دائما مؤلمة لأنها تهدم ذاتنا وتكسر كبريائنا فيتحول الأمر إلي أزمة هوية. من أنا؟ ومن أنت بالنسبة لي؟ هل يمكنني الوثوق بك مرة اخري؟ بل هل يمكنني الوثوق بشخص آخر؟. ولعل انتشار هذا المرض لا يعتمد علي ظهور رغبات جديدة في العصر الحديث. لكنه يعتمد علي شعور مكتسب حديثاً وهو أنه من حقنا أن نتبع رغباتنا. تلك الثقافة التي تجعلنا نشعر بأننا أكثر استحقاقاً للسعادة. والتي تبلورت في وجود عدة اضطرابات. التربوية والنفسية والدينية كالأنا العليا التي تبحث عن رغباتها ولو علي حساب الآخرين. وغالباً ما تعاني نقصاً في التطور فتقف عند حدود الأنا الطفولية كأن افعل ما أريد وقتما أريد. والرغبة في كسر سلطة المحرمات التي نتصور إن فعلنا عكس ما تخبرنا به نشعر وكأننا نفعل ما نريده حقاً. مع مزج كل ذلك بالآلية الأساسية للرغبات وهي احتياجك إلي ما لا تملك. واذا كان الكثير من حالات الخيانة بدوافع مرضية فهل كل هؤلاء مرضي؟ فعلي عكس ما يعتقد الكثيرون فإن هذه العلاقات الموازية. وبكم هائل تعبر عن الرغبات. كالرغبة في الاهتمام. في الإحساس بالتميز. الإحساس بالأهمية. رغبة في وجود شخص ما ينتظرك ويريدك ويحتاجك. مثالية ولكن إذا كانت الحياة الزوجية المثالية إن وجدت. تستطيع أن تقدم حماية من الخيانة. إذن لماذا يخون من هم سعداء؟ مع أن أكثرهم يؤمنون بالحياة الزوجية والوفاء والإخلاص. وليسوا من هواة التغزل في الآخرين ولم يسبق لهم ذلك حتي يجدان أنفسهم في صراع بين قيمهم وسلوكهم. تعدوا الحدود ولو لمرة واحدة. إما بدافع البحث عن جديد أو الحرية الاستقلال أو الرغبة في استعادة الأجزاء المفقودة من أنفسهم. كالانتقام مثلاً أو ضعف تقدير الذات. أو في محاولة لإعادة الحيوية في مواجهة خسارة أو مأساة ما أو عن الحياة التي لم يعيشوها من قبل. فظاهرهم أنهم يبحثون عن علاقات اخري وهم لا يبحثون إلا عن أنفسهم. ولعل ذلك يساعد في تفسير أن كثيراً من حالات الخيانة يسبقها نوع من الفقدان. كأحد الوالدين صديق مقرب. خبر سيئ عند الطبيب. وكأن هناك علاقة بين تلك الأحداث وظهور أسئلة كثيرة علي السطح. كسؤال هل الحياة كذلك فقط؟ هل سأمضي عدد سنوات اخري علي نفس النحو هلي سأعاني تلك الأحاسيس مرة اخري؟ هل تكون مثل تلك الأحاسيس هي الدافع لتجاوز الحدود في محاولة لمواجهة ضعف الصمود أمام الأزمات. وبالتأكيد لسنا هنا لتجريم الخيانة. المحرمة في كل الأديان والأعراف المجتمعية لكننا في محاولة للفهم. فالعلاقات الإنسانية ليست قابلة للقولبة. أبيض وأسود. خير وشر فكل حالة علي حدة بها الكثير من العظات والعبر والدروس ولعل أهمها أننا إذا وجدنا 10% فقط من الجرأة والخيال والحيوية والحماس وتفهم الآخر في حياتنا الزوجية فلن تكون هناك خيانة علي الأرجح. ويبقي سؤآل عن مدي امكانية الشفاء من حالات الخيانة. والإجابة نعم متي أردنا ذلك. فبعض من حالات الخيانة تكون بمثابة شهادة الوفاة لزواج اثبت فشله. والبعض الآخر سوف يقودنا نحو حقائق جديدة. حقيقة أن كثيراً من الأزواج الذين عايشوا هذه العلاقات لم ينفصلوا. وأكملوا حياتهم. بل سيكون بإمكانهم تحويل الأزمة إلي فرصة والتركيز هنا علي الشريك المخدوع ولسان حاله يقول. هل تعتقد أني لم أرغب في المزيد؟ ولكني لم أفعلها. حقيقة اخري وهي أنه ليس فقط ما تم اكتشافه هو تلك العلاقة السرية. بل اكتشاف حياتهم مع بعضهم البعض. ستكون محادثتهم أكثر عمقاً وتتصف بالأمانة والانفتاح. وكأن شيئاً كالخوف من الضياع سيقوم بإحياء الرغبة وافساح الطريق نحو نوع جديد من العلاقة. ولعل بداية التعافي تكون بعد إنهاء العلاقة الموازية في الشعور بالذنب والندم علي إيذاء الآخر. الغريب أن الكثيرين قد يشعرون بالذنب تجاه الآخر ولا يشعرون بالندم تجاه العلاقة. والتمييز هنا مهم. فعلي الأقل يجب عليه أن يشعر بالذنب وأنه عليه اصلاح ما افسده. وعلي الآخر القيام بأمور تساعد علي استعادة الثقة بالنفس كأن يحيط نفسه بالحب والأصدقاء والأنشطة التي تعيد السعادة ومعني الحياة والهوية. لعل ما ذكر سابقاً وبعد مطالعة الكثير مما كتب عن الخيانة واستنباط المعلومات من كثير من الحالات. لا يعد إلا قراءة متأنية بهدف الحد من تلك المشكلة المجتمعية. وتقديم المعلومة للأزواج الذين ليسوا في حاجة لإنتظار مثل تلك الأزمات القاتلة لإعادة تعريف حياتهم مع بعضهم البعض.