إنهم وبلا شك كاذبون.. وأول من يعرف وبيقين أنهم مضللون.. وأن هذه الأوصاف. والإرشادات. بمصر والمصريين. ليست أكثر من مخطط للتضليل المدبر. لتشتيت وتشويه العقل. والتفكير المصري. فكل هذا الذي تذيعه وتردده. وسائل الإعلام عن عظمة مصر.. وشعب مصر.. وقدرة المصريين التي لا تقهر.. ما هي إلا: خطة. منظمة. ومدبرة. لإلهاء المصريين. ولإشغالهم بعيداً عن الواقع. وحقائقه الصعبة.. وعن التحديات الحقيقية. وضرورة مواجهتها.. بالمعرفة.. وبالعلم.. وبالتعرف العميق للمشاكل. والأزمات. وأسبابها. والعوامل المؤثرة فيها سلباً وإيجاباً.. وأبواب ومنافذ الدخول والوصول إلي لب المشاكل والتحكم والسيطرة عليها. فالواضح.. ولكل عين مبصرة.. أن هناك تحالفاً محلياً. ودولياً.. يعمل بكل قوة.. وبكل الوسائل.. من أجل أن يجهز علي مصر.. أو أن يقعدها عن العمل: * سواء "بدغدغة" عواطفها. والحديث عن تاريخها وعظمتها. * أو سواء بالزج بها. في حديث مزيف ومغلوط. عن الأوضاع والأحوال. والسياسات. وأيضاً الحكايات. التي من شأنها أن تبعدنا تماماً عن الواقع وأحواله وظروفه وأسبابه. وتدخل بنا.. في "عب" صياغات "بليدة".. عن الماضي والحاضر والمستقبل.. دون أن يكون لها ضابط.. ولا رابط. ولا منطق.. واللافت للنظر.. في هذه القصة.. قصة تعرض مصر والمصريين لأزمة صعبة وخطيرة.. أن القصة قديمة.. وليتها قديمة فقط.. ولكنها.. قديمة. ومتكررة. ربما كان الجديد في عرضهم للقصة. أو المشكلة أو الأزمة اليوم. هو أنهم.. يعرضونها.. بصيغة جديدة.. وبأسلوب جديد. سواء كان هذا العرض مرتبطاً. بجوهر الأزمة. أو كان متعلقاً بالحلول المقترحة. * * * ولأنهم "أسري".. وعبيد. مخطط. مسبق الإعداد والترتيب. ولأنهم سجناء لعوامل وأدوات. تتحكم في الأزمة.. بل وتمثل عناصر تكوينها.. وضرورات استمرارها. فإنه محكوم عليهم بالبقاء. داخل دائرة مغلقة. وداخل حقائق ثابتة.. وداخل أهداف لا يمكنهم الخروج بعيداً عنها. فالهدف الأول والأخير.. للأزمة: سواء في "صنعها".. أو اصطناعها.. أو سواء في تضخيمها وانتشار آثارها السلبية.. أو حتي في محاولات حلها أو السيطرة عليها. الهدف.. هو إلهاء مصر.. وإشغالها.. بعيداً عن الواقع اليومي.. وبعيداً عن الأهداف المستقبلية. من هنا.. جاءت فكرة: العيش الدائم في أزمة. وفكرة. الابتعاد الحقيقي عن أي سبيل من شأنه أن يأخذنا إلي حل عملي جاد لما نواجهه. كما جاءت مع هذا أيضاً فكرة.. أن تظل "عناصر الأزمة".. وموضوعها.. بل وروحها.. هي نفسها "الأزمة". هي نفس أزمة الأمس.. واليوم. بل وغداً. وبالتالي.. لا يشعر المواطن بأمر جديد طرأ عليه. بل هو نفس الوضع. ونفس الحال. ونفس روح "البحث البليد".. عن حلول مستحيلة لأزمات. دائمة ومستمرة. * * * والواضح.. أن "تجار الأزمات المصنوعة".. أصبحوا علي درجة عالية من الحرفية.. فأصبحوا قادرين علي استعادة ودفع هذا النوع "المصنَّع من الأزمات".. كل عقد من الزمان.. وبالتحديد فوق الأرض المصرية. الآن.. الأزمة المطروحة علي الساحة المصرية.. هي: الأزمة الاقتصادية.. سواء المتعلق منها بالدولار.. أو ارتفاع الأسعار.. أو الحديث عن ضرائب جديدة.. أو الاستغناء عن عدد من موظفي الدولة.. أو عن التوجه إلي خصخصة.. أو بيع عدد من المصانع. أو أسهم فيها.. أو غير ذلك كله من احتمالات وأفكار. وإذا عدنا قليلاً إلي الوراء. إلي عام 2011/2012 نجد الأزمة بتفاصيلها.. وآثارها. وتبعاتها. ونجد الكثير من "أبطال هذه الأزمة".. وصانعيها. ومؤججيها. متقدمين الصفوف.. وعلي رءوس الأشهاد. ربما يكون. قد حدث تغيير بسيط أو كبير. في مواقعهم. وفي مكانتهم. لكنهم جميعاً.. كانوا هناك بالأمس. وهم هنا ومعنا اليوم. لكن "المثير للدهشة".. هو أحد كبار هذه "اللعبة الجهنمية".. لعبة صناعة الأزمات.. وخلقها.. وفجأة. أو بالتدريج. هذا "النجم".. أو هذا "الحاضر".. دائماً مع الأزمة. حينما يتقرر الدفع بها.. لا يتأخر عن.. القيام بدوره الفاعل. "كمدير". وموجه. وقائد للأزمة. الأكثر غرابة في الأمر.. هو: أن دوره القيادي للأزمة.. يتغير: فمرة هو المتحدث باسم ضحايا الأزمة.. والجماهير أو الناس المتأثرة بنتائجها. ومرة أخري.. هو المتحدث باسم أصحاب الحل والعقد.. وهو المتفاوض علي منح القروض. وشروطها. وفوائدها. وأمامنا.. وكما ذكرت.. "المثل الحي". * الدكتور "الببلاوي".. كان رئيساً للوزراء.. ومسئولاً عن التصدي للأزمات. وعلاجها.. ومسئولاً عن التفاوض.. والقبول. أو الرفض للقروض وفوائدها.. وباسم شعب مصر.. وكان ذلك منذ فترة. ثم مرت الأيام.. وعادت الأزمة عينها من جديد.. ورأينا "الببلاوي" علي رأس الأحداث. لكن هذه المرة متحدثاً باسم "صندوق النقد الدولي" الذي أصبح الرجل الثاني فيه. بعد أن خرج من رئاسة الحكومة المصرية. بالأمس كان يتحدث باسم مصر كرئيس للحكومة. واليوم يتحدث باسم الصندوق الدولي ضد مصر. والمسألة أو المشكلة.. ليست مع مَن. وضد مَن.. ولكن المسألة.. هي هذا العبث "الصبياني".. والتكرار الممل. * * * قد تهون. أو تقبل. فكرة أن ينتقل "الببلاوي" أو غيره من مكان أو منصب لآخر.. وهذا صعب وطنياً. خاصة في مثل هذه الظروف. ولكن ما لا يمكن التهوين من شأنه.. أو بالقبول به.. هو: استمرار هذه الدائرة المفرغة.. وهذه الصيغ "الحاكمة" والمسيطرة علي عقولنا.. وباستمرار دون تغيير أو محاولة للتغيير. ولماذا لا تجتهد مصر.. وتجتهد الحكومة المصرية.. ويجتهد الخبراء والمتخصصون المصريون. في البحث عن حلول.. لما يعترضنا. ويعيق مسيرتنا من أزمات؟!! لماذا تتجه أبصارنا وعقولنا.. نحو "القروض".. وفوائد القروض؟!! لماذا لا نتجه إلي الإنتاج المحلي.. بفتح مجالات جديدة.. وبزيادة معدلات الإنتاج النائم بالفعل؟!! لماذا لا نعلن التعبئة العامة.. علي كل أرض مصر؟!! فلا نترك شبراً من الأرض إلا وزرعناه.. ولا قطرة ماء إلا حافظنا عليها.. وتم استغلالها. ولماذا لا نعلن حرباً حادة وحقيقية علي الاستيراد غير المطلوب. ونقضي عليه؟!! ولماذا لا نحول الصناعات الصغيرة. ومتناهية الصغر. إلي مورد دائم لدخل البسطاء.. ونطورها ونجني ثمارها؟!! ولماذا.. ولماذا.. ولماذا؟!! هذا.. هو الأمان البديل.. كما يعرضونه ويقدمونه اليوم من خلال صندوق النقد.. أو الحكومة.. تخفيض الدعم.. والأجور.. وزيادة الأسعار للسلع والخدمات. وتخفيض الجنيه.. وبيع الأصول.. وغيرها وغيرها.. من أهداف الخطة الدولية التي تعمل من أجل القضاء علي مصر. فإما أن نعمل. ونفكر. ونقدم الحلول.. وإلا ساهمنا في مخطط الهيمنة.. والحصار الزاحف نحونا.