أيام قليلة تفصلنا عن الاحتفال بذكري عودة كامل تراب سيناء الي السيادة المصرية. تلك الأرض الطيبة التي تمثل 6% من مساحة مصر الاجمالية. ويسكنها ما يقرب من مليون ونصف نسمة في محافظتي شمال وجنوب سيناء. ولعل البعض يسأل لماذا قدم المصريون ما يقرب من 100 ألف شهيد لاستعادتها من براثن المعتدين؟ ولماذا يستمر الجيش المصري الي الآن في تقديم المزيد من التضحيات للحفاظ عليها حرة أبية. يشهد التاريخ ان المصري لم يتنازل في يوم من الأيام. علي مر العصور. عن شبر احد من أرض مصر. تحت أي ظرف. وعندما تعرضت سيناء في العصر الحديث لاعتداءات صهيونية. تبرع المصريون فقراء وأغنياء بذهبهم. وأواني الطهي لازالة آثار العدوان. فلا شيء أغلي لدي المصريين من الأرض. هكذا كانت سيناء وهكذا ستظل. مثلا ونموذجا لشرف المصري. جيشا وشعبا. سيناء هي الأرض الوحيدة التي استمعت لصوت الله عز وجل عندما تكلم الي موسي في واديها المقدس طوي. والي واحد من أشرف جبالها تجلي. فخر الجبل. وعلي أرضها حملت السيدة العذراء مريم ابنة عمران وليدها المسيح عيسي في رحلتهما المقدسة الي مصر. فرارا من الملاحقة. ولعل وجود العديد من الآثار الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والاسلامية. لخير دليل علي كونها جزءا أصيلا وغاليا من أرض مصر. عندما انسحبت اسرائيل من كامل سيناء احتفظت بمنطقة طابا. وتشبثت بها. لكن الوثائق التاريخية أثبتت بما لا يقبل الشك انتماء طابا الي الجسد المصري. لتعود نهائيا الي السيادة المصرية يوم 25 ابريل عام 1982 بعد تحكيم دولي استمر عدة سنوات. ليعلن يوم 25 ابريل من كل عام عيدا لكل المصريين للاحتفال بذكري هذه المناسبة العزيزة علي قلب كل مصري. ومنذ سنوات اختبأ في جبالها ووديانها صناع الارهاب الأسود. وعاثوا فيها فسادا. وتحولت شمال سيناء الي ساحة قتال تبلي فيها قواتنا المسلحة بلاء حسنا. بعد أن هدمت ولاتزال تهدم آلاف الأنفاق التي حفرها الفئران لثمر منها الأسلحة والمتفجرات والارهابيين منذ عام .2006 ان أمن سيناء هو شرط أصيل لأمن مصر كلها باعتبارها بوابة مصر الشرقية منذ مطلع التاريخ. ولاشك أن هذا الأمن لن يتحقق عبر الحلول الأمنية فحسب. بل أصبحت تنمية سيناء أمرا ملحا وضرورة أمن قومي لاستقرار سيناء. إذ تحقق التنمية العدل لأهلها الذين دفعوا ضريبة باهظة في كل مرة تعرضت فيها سيناء للعدوان. وكان بدوها دائما نموذجا للوطنية المصرية. صبرا علي الاحتلال. وعونا للقوات المسلحة. وتحملا لإهمال طويل تعاقب عليهم مع تعاقب العقود الماضية. فهل تحمل الأيام المقبلة قدرا من الانصاف لهذه الأرض الحبلي بالثروات البترولية والمعدنية. والسياحية. التي يمكن أن تعود علي أهلها. وعلي مصر كلها بخير كثير؟!