هاجم علماء الدين ورجال الإعلام عدم التزام وسائل الإعلام والقائمين عليها بمواثيق الشرف المهنية.. كما حذروا من ضياع الأخلاق والقيم واشتعال نار الفتنة في جسد الوطن إذا استمر الوضع الحالي الذي يحمل في طياته عوامل هدم وتدميره.. وهذا ما حدث مؤخرا في أحداث الهلالية والدابودية بأسوان.. وطالب الخبراء بضرورة توجيه الإعلام إلي المشروعات الجادة للنهوض بالمجتمع وجعله يتعافي من مشكلاته المزمنة. القيم الأخلاقية .. في البداية يقول الشيخ علي أبوالحسن - رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر الشريف - الصور التي ينقلها أو تنقلها بعض القنوات الفضائية لبعض الأحداث أمر غير مرغوب فيه خاصة ما حدث مؤخرا في أحداث أسوان بين قبيلتي بني هلال والدابودية ونقل صور القتلي بالصورة التي تم بثها علي الهواء مباشرة كانت صورة فظيعة عندما تم وضع الجثث علي عربة كارو. وأوضح ان الإعلام المصري سواء الخاص أو العام في مأزق أخلاقي ومهني غير مسبوق حيث انعدمت منه الشفافية واختفت الموضوعية وضاعت المصداقية فهو لا يكف عن بعث أخبار متضاربة ولا يكلف خاطره لتحري الصدق فيما يعرضه علي الناس.. كما انه للأسف لا يعير أي اهتمام لما قد يترتب علي إذاعة مثل هذه الأخبار المغلوطة.. وهو بهذا ينحدر بالمجتمع لأقصي درجات الدونية ويعود بنا إلي مجتمع ما قبل الثورة الذي يجمل كل شيء من حوله والناس تعاني الأمرين وهو في غفلة عنها. وقال الشيخ أبوالحسن انه لاشك ان هذا النوع من الإعلام الكاذب والمضلل لن يفلح في اقناع أحد وسيكتشف الجميع كذبه ونفاقه في أقرب وقت لأن الناس أصبحت تمتلك من الوعي ما يمكنمها من فهم ما يدور حوله. من ناحية أخري تساءل الشيخ أبوالحسن قائلا: لمصلحة من يتم تغييب عقول الناس بهذا الشكل.. أين الضمير في العمل؟ وأين حب الوطن الذي حدثنا عنه سيد الخلق - صلي الله عليه وسلم -؟ هل هؤلاء الإعلاميون الذين يصبون البنزين فوق النار يحبون وطنهم ويعملون لمصلحته؟...وأكد أبوالحسن علي ضرورة أن يلتزم الإعلام بكل أنواعه ليست القنوات الفضائية فقط بل والصحف أيضا بالقواعد والمعايير المهنية.. وضرورة معاقبة كل من يخالف هذه القواعد والمعايير حفاظا علي أمن واستقرار المجتمع المصري الغالي علينا جميعا. يهدم نفسه بنفسه .. أما الدكتور ربيع شعبان - أستاذ الإعلام التربوي بكلية التربية النوعية بجامعة عين شمس - فيؤكد ان الإعلام اليوم يكرس لما قبل الرة لكنه يشدد علي أن عقلية الجماهير قد تغيرت وأصبحت تمتلك من الوعي والجرأة ما يمكنها من لفظ هذا الشكل المتدني من الإعلام جملة وتفصيلا.. فالناس لن تصبر كثيرا علي هؤلاء الإعلاميين الذين يزيفون الواقع ويغيرون الحقائق.. ولاشك ان هذه القنوات تعمل لصالح أفراد وجهات معينة ولا تعمل لصالح الوطن لذا لن تستمر طويلا وسيكتشف الجميع زيفها وخداعها له. وأكد د.ربيع شعبان ان هذا التضليل الإعلامي الذي نراه علي شاشات الفضائيات لن يستمر طويلا إنه يهدم نفسه بنفسه ويسطر شهادة وفاته بيده.. ولهذا لابد من إيجاد أجندة لدي كل قناة تنطلق من المصلحة الوطنية وتنحي الخلافات والمصالح الشخصية جانبا إذا أردنا فعلا إعلاء قيمة الوطن والعمل علي بنائه ونهضته. هدف قومي .. وعن أهم القواعد والقوانين التي يجب مراعاتها عند ممارسة الإعلام يقول الدكتور هاني فايز محمد - أستاذ الصحافة بآداب المنيا - لابد أن يكون للإعلام هدف قومي يتبناه ليكون أكثر فاعلية في بناء مصر الجديدة.. ويكون أكثر عمقا وموضوعية في طرحه للقضايا والمشكلات المختلفة.. وأن يتبني الإعلام القضايا القومية التي تهم جميع أبناء الشعب المصري كقضية سد النهضة وغيرها من القضايا القومية التي تساعد علي خلق رأي عام. وأشار د.هاني فايز إلي انه من أهم أهداف الإعلام أن يحفز الناس علي العمل والبناء.. ويقوي الانتماء لهذا الوطن.. لكن للأسف عزوف القنوات الخاصة والرسمية عن مثل هذه القضايا ومناقشة الأمور السطحية.. فهذا لن يفيد بل إن ضرره سيكون أكثر وأكبر مما يتوقعون. وقال إنه للأسف الشديد الإعلام لدينا إما رأسمالي يسعي بكل قوة إلي الربح ولا يهمه سوي المال.. وإما حكومي يفتقد ثقة الناس به.. ولن نستطيع تغيير هذين النمطين.. لكن يمكننا إعادة رسم الخريطة البرامجية ووضع برامج هادفة وبناءة تتبني مشاكل قومية وتزيد من وعي الوطن والمواطن البسيط وتشركه في اتخاذ القرار ليصبح قوة إيجابية داخل المجتمع تبني ولا تهدم. وضوح الصورة .. وقال الدكتور عبدالرحمن جمال محمد - أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر - انه من المفترض أن يظهر الإعلام الصورة بشكل واضح ومتكامل.. الإيجابي منها والسلبي.. ويرشد لحل المشكلات التي يعرضها ويبث التفاؤل في نفوس الناس لكنه للأسف الشديد لا يفعل ذلك وهذا يعتبر خللا إعلاميا كبيرا لا يمكن غض الطرف عنه.. وقال: أنا كإعلامي في مجال أكاديمي عزفت تماما عن مشاهدة البرامج واتجهت إلي القراءة بكل حواسي للتحقيق من المعلومات والتأكد من الأخبار.. وهذا هو حال معظم الخبراء والمتخصصين لكن المشاهد البسيط مازال أسيرا للإعلام يفعل به ما يشاء لذا شعرت الغالبية العظمي من الناس بالإحباط بسبب الجرعة السلبية التي تبث ليل نهار في وسائل الإعلام المختلفة. أشار إلي أنه طالما كان للتمويل اليد العليا وهو المسيطر علي أغلب وسائل الإعلام فلن يتحقق التغيير بسهولة.. هذا فيما يتعلق بالإعلام الخاص.. أما الإعلام الرسمي فحدث ولا حرج لأنه يحاول جاهدا التغيير ولكنه لا ينجح في ذلك لأنه يعجز عن جذب الناس إليه التي عزفت عنه وهجرته لفقدان الثقة به وهو اليوم يحاول استعادة هذه الثقة لكن دون جدوي.