يخطئ ألف مرة من يتصور أنه يمكن أن يشعل نار الفتنة. بينما لا تطاله النيران.. لأن هذه النار لا تطفئها أنهار العالم.. ولا يسلم منها مسلم أو مسيحي. وإنما تحرق الجميع.. تماماً كما يريد عدو الوطن. وتماماً مثلما أراد من رسم الرسوم المسيئة علي جدران معهد ديني بجوار كنيسة.. وأعتقد أنه ليس مسيحياً.. وإنما يهدف لإشعال نار الفتنة في الوطن مستغلاً حالة الاحتقان. والضيق التي تنتاب فئات الشعب المختلفة. والانفلات الأمني غير المسبوق.. ولأننا في هذه الفترة نُغَيِّب عقولنا تماماً.. ولا نستوعب دروس الماضي والحاضر.. ومخطط تخريب الأوطان مثلما حدث في العراق وليبيا. ويحدث في سوريا من أصابع خارجية وداخلية تستغل ثورات الشعوب المطحونة ضد أنظمة فاسدة وتستغل حالة الاحتقان والفوضي والانفلات عقب الثورات في أعمال تخريب وتدمير للأوطان تحت غطاء الثورة.. فلا أعتقد أن هناك مصرياً ثائراً في دمه ذرة حب للوطن يمكن أن يوقع بين طرفي الأمة مستغلاً المنشآت الدينية المتجاورة.. ولا أعتقد أن مصرياً يمكن أن يستغل حالة الاحتقان لإشعال نار الفتنة التي يمكن أن تحرق الأخضر واليابس بمن فيهم هذا المأجور الذي تدرب في الخارج ويقبض ثمن التخريب والتصعيد وإحراق المنشآت وإشعال الفتن. واستغلال كل الثغرات في المجتمع المهترئ المحتقن.. الذي عاني من القهر والظلم. * * * ولا أبالغ إذا قلت إن الشعب المصري لا يعرف الطائفية بمعناها البغيض.. وما حدث في الخصوص أو دهشور أو قنا. يحدث في الأسرة الواحدة من خلافات بين الأشقاء وخلافات جيرة تقع كل يوم بين مسلم ومسلم. وتنتهي في لحظات.. وبين مسيحي ومسيحي ولا يشعر بها أحد.. لكن لعدم الوعي عندما يحدث خلاف بسيط أو مشاجرة عادية بين جارين مسلم ومسيحي. تؤخذ بحساسية شديدة وبلا تعقل. ويستغل بعض الجهلة والمتعصبين هذا الخلاف العابر ليتحول إلي معركة وفتنة طائفية.. تماماً مثلما حدث في الزاوية الحمراء في عهد الرئيس السادات.. كل يوم تنشر البلكونات غسيلاً. ينقط مياهاً علي الأسفل. وتمر بعتاب سريع والسلام.. لكن لأن غسيل الزاوية كان بين مسيحي ومسلم. تحولت بفعل الجهل والتعصب الأعمي إلي مشكلة.. بينما الواقع الحياتي يؤكد أننا شعب طيب لا يعرف الفتنة.. نعيش معاً مسلم ومسيحي في المدرسة والمنزل والعمل.. نتلقي تعليمنا من مدرسين مسلمين ومسيحيين.. نذهب لطبيب يعالجنا دون أن نسأل أهو مسلم أم مسيحي؟. فتحاور معاً في الشارع والمواصلات دون أن يعرف أحدنا الآخر هل هو مسلم أم مسيحي.. حتي وإن كانت هناك قلة من الجانبين متعصبة. وأعمي الجهل والتطرف بصيرتها. فإن غالبية الشعب المصري ليست كذلك.. وأنا شخصياً من أعز الأصدقاء لدي زملاء مسيحيون. منذ الدراسة الابتدائية في حي العباسية في مدرسة الدمرداش الابتدائية أمام الكاتدرائية التي تحترق بنار الفتنة. وأذكر منهم: ثروت شوقي وعاطف ذكري وعادل متي.. وجارنا في شبرا "الخلفاوي" الدكتور ميشيل. من أنبل الشخصيات التي تعاملت معها خلقاً وعلماً وعملاً. * * * إن نار الفتنة.. وقانا الله شرها.. لا تطفئها أنهار العالم ولا محيطات الكرة الأرضية.. وإذا انطلقت شرارتها سوف تحرق الجميع.. المتطرف. والمسالم.. الناصح. والساكت.. الجاهل. والعاقل.. ولكن يمكن أن تخمد نار الفتنة بوعينا بأن مصر هي وطننا جميعاً. مسلم ومسيحي.. وأن مخطط إسقاط الدولة ينفق عليه ملايين الدولارات يتلقاها البعض لاستمرار حالة الفوضي والانفلات. وإحراق المنشآت والسعي لإشعال الفتن بين الحين والآخر.. وهناك مَن يتربص ويستغل أي تجمعات للحرق والتخريب. وإن لم ندرك ذلك ونعي جيداً ما يحاك ويخطط لمصر. فسوف نسقط بسهولة في فخ المأجورين.