شكك تحليل سياسي موسع نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” في قدرة جيش الاحتلال الصهيوني على تحقيق النصر في الحروب القادمة سواء كانت ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة أو حزب الله في الجنوب اللبناني. وطالب التحليل اليهود بالبحث عن وطن بديل عن فلسطين التي باتت غير آمنة. التحليل كتبه كبير المحللين في الصحيفة “رون بن يشاي” حيث كشف النقاب أنه “بعد أيام قليلة من دخول الجنرال أفيف كوخافي لمقر قائد الجيش الإسرائيلي، عقدت هيئة أركان الجيش ورشة عمل استمرت عدة أيام لتعريف النصر العسكري في المواجهة المقبلة، وانشغل المتباحثون من كبار الجنرالات والخبراء في كيفية إنهاء الحرب القادمة بانتصار كاسح حاسم». ويرى أن ما أسماه بالمحور المعادي لإسرائيل فهم أنه لا يمكنه محو “إسرائيل” بضربة واحدة؛ لذلك يخوض ضدها حرب استنزاف إستراتيجية طويلة المدى تجعله أقرب إلى تحقيق أهدافه العسكرية بإبادة “الكيان الصهيوني”؛ ويرى أن ذلك يتطلب أن يتمكن “الجيش من تحقيق انتصارات حاسمة على أعداء “إسرائيل”. ويرى كبير المحللين بالصحيفة أنه رغم كل ذلك، فإنه على ثقة كاملة بأن إسرائيل لن تنتصر بصورة واضحة في الحرب القادمة”. وفي تحليله، يتساءل كبير المحللين العسكريين الإسرائيليين: “لماذا لا تنتصر إسرائيل في الحرب القادمة؟”، ليرد على نفسه عازيا السبب إلى خشية الصهاينة ومخاوفهم من فقدان جنودهم في ساحة المعركة، وتسييس المؤسستين الأمنية والعسكرية، والحساسية المبالغ فيها من مسألة اختطاف الجنود من ساحة القتال، والتدخل المتزايد لأهالي الجنود في عمليات الجيش”. هذه النتيجة التي توصل إليها “بن يشاي” لاتتعلق بجهة معينة للحرب بل تغض النظر عن ساحة المعركة القادمة سواء كانت مع حماس، أو حزب الله، أو سوريا، أو جميعهم معا، مؤكدا أن “إسرائيل” لن تخرج منها منتصرة، صحيح أنها لن تهزم فيها، لكنها في الوقت ذاته لن تنتصر”. بل يذهب كبير المحللين الإسرائيلين إلى الإقرار بأن هذا الأمر ينطبق على حرب غزة الرابعة، أو حرب لبنان الثالثة، أو حرب الشمال الأولى بمشاركة لبنانوسوريا معا، ليؤكد أن إسرائيل من المتوقع أن تنهيها دون حسم واضح، حين يخرج العدو من بين الأنقاض، ويرفع إصبعيه في إشارة لعلامة النصر”. “بن يشاي” الذي تربطه علاقات وثيقة مع كبار الجنرالات يذهب إلى التأكيد على أن جيش الاحتلال حتى لو حقق انتصارا فلن يكون “في أحسن الأحوال، ردعا أمام أعدائها” لافتا إلى أن هذا النصر لن يصمد سوى عدة سنوات فقط، بحيث سيتم إنهاء الحرب بوساطات دولية ستكون مقبولة علينا، لكن غياب النصر العسكري الواضح سيكون نتيجته تقصير فترة التهدئة تحضيرا لمواجهة عسكرية أكبر في المرة القادمة”. ويعزو التحليل أسباب عدم قدرة جيش الاحتلال على لحسم إ لى العامل الاجتماعي رغم القدرات العالية للجيش وقدرته على شن حرب على ثلاث جبهات في وقت واحد، وأشار إلى أن البعد الاجتماعي يضع ثقله على الجيش بصورة واضحة، لا سيما منذ حرب أكتوبر 1973 حين فقدت إسرائيل خسائر بشرية هائلة”. وينتقد التحليل عدم قدرة الكيان الصهيوني على لجم الدوافع الاجتماعية التي تخشى على جنودها فيدفعون الأثمان الباهظة مقابل استعادة الجنود الأسرى لدى العدو وجثامين الجنود القتلى، ما أوجد لدى الأعداء دافعية لقتل وأسر المزيد من الجنود والمستوطنين، وإدارة معركة مساومة مهينة ومستنزفة بالضغط علينا في الخاصرة التي تؤلمنا كثيرا”. ويؤكد أن صفقة “جلعاد شاليط” الذي أسرته حماس في 2006 وتم تحرير أكثر من ألف من أسرى المقامة في 2011م، جعل أسر الجنود هدفا ذا قيمة عالية لدى حماس وحزب الله؛ لأنه ثبت أن استعادة جثمان جندي واحد كفيلة بتفعيل ضغط، وتحقيق انتصار كبير في الوعي للفلسطينيين على إسرائيل، ما قد يجعل الإسرائيليين يبحثون عن مكان أكثر أمنا وهدوءا تحت الشمس بعيدا عن إسرائيل”. وينتهي “بن يشاي” إلى أن “الإشكال الذي يواجه إسرائيل في حروبها القادمة تلك الحساسية المبالغ فيها تجاه القتلى والمصابين والمخطوفين والمفقودين، وهذا الضرر الاستراتيجي الصادر عن المجتمع الإسرائيلي تتلقفه المجتمعات الأخرى في المنطقة، وترى أن المجتمع الإسرائيلي بات ضعيفا، ما يمس بالصورة الردعية لإسرائيل، ويمنح أعداءها أملا استراتيجيا على المدى البعيد بأنه يمكن محو إسرائيل من خارطة الشرق الأوسط”.