تحل اليوم الذكرى ال11 لتأسيس حركة شباب 6 أبريل التي انطلقت في أعقاب تصاعد المد الاحتجاجي في مصر الذي بدأ سنة 2004 م مع حركة كفاية وجماعة الإخوان المسلمين؛ حيث تشارك الطرفان في تنظيم فعاليات احتجاجية مؤثرة ضد استبداد نظام الريئس المخلوع محمد حسني مبارك، وصولا إلى الإضراب الكبير الذي نفذه عمال غزل المحلة في ذات اليوم سنة 2008م والذي اتخدته الحركة بداية انطلاق تواصلت بين مد وجزر حتى انتهى بها الحال تنظيما محظورا من جانب قضاة الانقلاب العسكري في مصر. وبحسب الدكتورة دينا شحاتة، الباحثة في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، فإن “6” إبريل مثلها مثل العديد من الحركات الاحتجاجية التي ظهرت في العقد الأخير، في مواجهة الأطر الرسمية لقوى المعارضة التقليدية مثل الأحزاب والنقابات والجمعيات. وقد ارتأى مؤسسو هذه الحركات أن هذه الأطر غير قادرة على تحقيق أي تغيير حقيقي، بل إن وجودها يصب في نهاية المطاف في تجميل واضفاء شرعية ديمقراطية زائفة على نظام استبدادي؛ لذلك رفضت هذه الحركات الانخراط داخل هذه الأطر واختارت النشاط من خلال تأسيس حركات غير رسمية ذات طبيعية أفقية لامركزية قادرة على استيعاب النشطاء من كافة الأجيال والتيارات السياسية. وفيما يخص المطالب استبدلت هذه الحركات الخطاب الإصلاحي لقوى المعارضة التقليدية والذي ارتكز على فكرة الإصلاح من الداخل بخطاب راديكالي يقوم على فكرة التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجذري. ووفقا لمبادئ الحركة وتصوراتها فإن هذا التغيير يتحقق من خلال حراك شعبي واسع ضد فساد واستبداد السلطات الحاكمة، ومن خلال تحالف فئات الشعب المختلفة وخاصة الشباب والعمال في مواجهة ومن أجل إسقاط النخبة الحاكمة؛ ولعل هذا ما يفسر تبني الحركة الآليات الاحتجاجية مثل تنظيم التظاهرات والمسيرات والاعتصامات كوسيلة لانتزاع حقوق ومساحات جديدة، ومن أجل تعبئة الشارع في مواجهة النظام الحاكم. وقد تأسست حركة 6 أبريل في عام 2008 بهدف الربط بين الحراك السياسي الذي بدأ مع تأسيس حركة كفاية من ناحية والحراك العمالي الذي بدأ مع تظاهرات عمال المحلة في 2007 من ناحية أخرى. دور فاعل في ثورة يناير وفي 2009/2010 شاركت الحركة في عدد من الفعاليات التي ساهمت في تسييس قطاعات واسعة من الشباب مثل حملة البرادعي وحركة كلنا خالد سعيد مما أسهم في إضعاف شرعية ومصداقية كل من النظام الحاكم وقوى المعارضة التقليدية. وكانت حركة 6 أبريل واحدة من الحركات الفاعلة الرئيسية في تنظيم تظاهرات 25 يناير 2011، التي تحولت إلى حراك شعبي واسع ثم ثورة عارمة أفضت إلى الإطاحة برأس النظام حسني مبارك وانهيار الحزب الوطني الحاكم وتراجع دور الأجهزة الأمنية. ومضت الحركة خلال المرحلة الانتقالية التي اعقبت الإطاحة بمبارك تشارك في فعاليات مكثفة تحذيرا من الحكم العسكري وللضغط على المجلس الأعلى للجيش من أجل تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، وهو ما تحقق في منتصف 2012م بفوز الرئيس محمد مرسي ذي المرجعية الإسلامية، والذي دعمته الحركة في جولة الإعادة ضد مرشح الدولة العميقة الفريق أحمد شفيق، وهو ما أدى إلى انشاق بالحركة وتحولت إلى كيانين: الأول 6 أبريل الحركة العامة والتي كان يقودها وقتها مؤسس الحركة المهندس الشاب أحمد ماهر؛ حيث دعموا مرسي ضد شفيق. والثاني هو الجبهة الديمقراطية والتي تتشكل من عناصر يسارية أقرب إلى فكر الاشتراكيين الثوريين، وهؤلاء رفضوا دعم الرئيس الإسلامي محمد مرسي وفضلوا المقاطعة. ورغم الحريات الواسعة التي حظي بها الجميع بما فيهم عناصر الحركة وشبابها فإنهم شاركوا في فعاليات احتجاجية بعضها كان سافرًا ضد الرئيس المنتخب وأسهموا في نجاح أركان الدولة العميقة في إعاقة حكم الرئيس المنتخب وتسليم السلطة حقيقة لا بشكل صوري. مشاركة في الثورة المضادة لم تقف معارضة حركة شباب 6 أبريل عند الاحتجاجات ضد الرئيس المدني المنتخب بل شاركت في فعاليات الثورة المضادة التي انطلقت منذ بداية 2013م وصولا إلى 30 يونيو حيث شارك الحركة بعناصرها كتفا بكتف إلى جانب أركان نظام مبارك وضباط الشرطة المتهمين في جرائم تعذيب منذ عهد مبارك وحشود طائفية أشرفت عليها قيادات الكنيسة الأرثوذوكسية. وقد كتب مؤسس الحركة الناشط أحمد ماهر مقالا بعنوان “للأسف كنت أعلم” والذي نشر في منتصف مايو 2014م؛ يعترف فيه أنه كان على علم في فبراير 2013م بأن انقلابا عسكريا يتم تجهيزه على الرئيس محمد مرسي، وكشف في مقاله الذي تم تسريبه من داخل السجن، حيث كان معتقلا في قضية تظاهر، العديد من الأسرار والكواليس التي كان يعرفها عن تدبير قادة العسكر والفلول والدولة العميقة، للانقلاب على الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي، وأنهم سيحدثون أعمال عنف ويريقون الدماء من أجل الانقلاب على إرادة الشعب، والزج بقيادة وعناصر الإخوان في السجن، وإعادة العسكر من جديد إلى السلطة. وأكد ماهر في مقاله أنه عندما رفض مسلسل العنف والدم وعودة العسكر إلى السلطة، كانت الرسالة التي جاءته واضحة جدا بأنه سيتم اعتقاله وأن 6 أبريل لن تكون موجودة على الساحة خلال الفترة المقبلة، مشددا على أن الجميع أخطأوا عندما تركوا السلطة العسكرية تعتقل وتقتل الإخوان؛ لأن هذا يمهد الطريق لاعتقالهم وقتلهم، وللأسف الجميع كان يعرف ذلك. الحظر في عهد السيسي لكن العلاقة بين الحركة ونظام الانقلاب سرعان ما شهدت توترا حادا في أعقاب صدور قانون منع التظاهر المشبوه من جانب حكومة جبهة الإنقاذ برئاسة الدكتور حازم الببلاوي المحسوب على التيار الليبرالي العلماني، في أواخر سنة 2013م، وهو القانون الذي اعتبرته 6 أبريل مؤشرا على تراجع الحريات والمكتسبات السياسية والمدنية التي حققتها ثورة يناير وتراجعا حادا عن أجواء الحريات التي شهدتها البلاد في أعقاب الإطاحة بمبارك وحتى ما قبل 30 يونيو. وبحسب خبراء ومحللين، فإن مذابح رابعة والنهضة ثم إقرار قانون منع التظاهر أسهمت في دخول نظام 30 يونيو في مواجهة مباشرة مع القوى الثورية الليبرالية، وفي مقدمتها حركة 6 أبريل. وبدأت تلك المواجهات بتظاهرات نظمتها قوي شبابية أمام مجلس الشورى للاعتراض على وتحدي القانون الجديد مما أدى إلى اعتقال عدد من قادة تلك الحركات، مثل أحمد ماهر ومحمد عادل وأحمد دومة وعلاء عبد الفتاح. لكن النظام الانقلابي تعامل بعنف مفرط واتخذ قرار حظر حركة 6 ابريل في 28 إبريل 2014م بعد أربعة أيام فقط من قيام قوى ثورية ومن ضمنها حركة 6 إبريل بتنظيم مسيرة أمام قصر الاتحادية للاعتراض على قانون حظر التظاهر والمطالبة بالافراج عن النشطاء المعتقلين في تحد واضح للقانون الجديد. وهكذا انتهى المطاف بالحركة إلى تنظيم محظور وقادته بين معتقل وملاحق ومهاجر لكن الحركة تبقى رغم ما علي بعض مواقفها من تحفظات واحدة من القوى الثورية المؤمنة بيناير ومبادئها.. فهل تستعيد الحركة روحها وعافيتها من أجل جولة جديدة تنتزع فيها القوى الثورية الإسلامية والليبرالية واليسارية مكتساب الثورة المجهضة وإزاحة ديكتاتورية كبار جنرالات العسكر ووصايتهم على مصر وشعبها وجيشها؟.