في إحدى القضايا التي حوكم فيها الراحل أحمد فؤاد نجم وجه وكيل النيابة للفاجومي سؤالا “يا عم أحمد هل أنت بتعمل على قلب نظام الحكم”، فكان الرد “لا يا بيه ده مقلوب وأنا بحاول أعدله”، بهذا الرد سخر الفاجومي من تلك التهمة التي وجهت لكافة المعارضين للعسكر خلال العقود الماضية. وكان آخرهم ما وجهته النيابة إلى الدكتور محمد زهران مؤسس تيار استقلال المعلمين والخبير التربوي، واستدعائه إلى جهات التحقيق بتهمة قلب نظام الحكم، ذلك الحكم الذي جاء أصلاً عن طريق انقلاب نفذه جنرال إسرائيل السفيه السيسي، ويصف سياسيون ومختصون عام 2019 بأنه عام التصفيات السياسية لخصوم الانقلاب، مؤكدين أن العام الذي بدأ هادئا سرعان ما شهد سخونة تلو الأخرى، وصلت إلى حد إعدام الأبرياء التسعة في هزلية اغتيال هشام بركات. إهدار المال العام يقول الدكتور محمد زهران:”بعد تقديمي بلاغ للنائب العام ضد وزير التربية والتعليم يوم الخميس بتهمة إهدار المال العام رجعت البيت لقيت إعلان من النيابة العامة للحضور يوم الاثنين القادم : 25 / 2 / 2019 بتهمة المطالبة بحقوق المعلمين على الفيس بوك”. مضيفاً:”وعلشان الموضوع يبقى خطير والتهمة تليق بالعبد لله عملوا قايمه بالاتهامات : إثارة البلبلة، ونشر أخبار كاذبة، والدعوة لقلب نظام الحكم!!!، واستأجروا واحد خاين لتقديم البلاغ مدعيا أنه وطني وخايف على البلد من العملاء أمثالي!!!”. وتابع ساخراً:”قلب نظام حكم إيه يابني، دا أنا ما بقدرش أقلب الشراب ولا القميص الصبح وأنا رايح الشغل، ولو نمت على الجنب اليمين بفضل على جنبي اليمين لحد الصبح ولا بتقلب لا يمين ولا شمال، حتى التلفزيون ما بعرفش أقلب القنوات، الصحة يا ابني بقت على قدها، تقوم تتهمني بقلب نظام الحكم؟!!!، إلهي تتقلب في نار جهنم انت واللي مسلطينك قادر يا كريم”. وختم بالقول:”فيه حد من الاخوة المعلمين هيحضر معايا في النيابة يوم الاثنين، أو يبعت محامي، بحكم إن التهم دي بسبب المعلمين؟.أنا عارف إن ولا معلم هيحضر كالعادة، لكن أنا كتبت علشان فيه زملاء بيعتبوا علي إن أنا ما قلتش، أنا قلت قبلها بفترة، والله المستعان”. يقول أحد الحقوقيين ل”الحرية والعدالة”، إن تهمة قلب نظام الحكم التي يشهرها العسكر في وجه ما يحاول كشف فسادهم، منصوص عليها بالباب الثاني بقانون العقوبات، تحت عنوان “الجنايات والجنح” المضرة بأمن البلاد من الداخل، ومنها محاولة “قلب نظام الحكم علنا”، وعقوبة المحرض هي عقوبة الفاعلين الأصليين حتى لو لم يشارك المحرض بالتنفيذ على أرض الواقع، ويعتبر شريكا أو مساهما في الجريمة بمعنى التفسير الجنائي العلمي “هو من صنع الجريمة صنعا وخلقها خلقا ولم تكن أصلا في تفكير المنفذين”. وأكد أنه لتوجيه هذه التهمة لابد من توافر جانبين أساسيين، الجانب المادي الملموس أي الدليل المادي الملموس بجانب النية بالجريمة، ولكي تتوافر أركان الجريمة يجب أولًا إجراء تحريات أمنية تدل على وجود أدلة جنائية،لتقديمها في هذه الجريمة، وتابع أن التحريات بمفردها ليست دليلا ولكنها خريطة قضائية تحليلية أي ليست دليل إدانة ولكنها قرينة قضائية تكميلية يلزم تعزيزها بمعنى أنها ليست دليل إدانة ولكنها اتهام فقط. سلاح البلطجية من جهته يقول الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون الجنائي، أن تحريات الشرطة من الناحية القانونية في القضايا الخاصة بقلب نظام الحكم، لا تكفي وحدها كي يتم اتهام الشخص والزج به في السجن، فالتحريات تقدم أدلة كافية وليست قاطعة تتبناها المحكمة. ويرى مختصون أن اعتماد السفيه السيسي على قوته الغاشمة في إسكات المعارضين والزج بهم إلى السجون تحت مظلة قضاء فاشي وفاسد، تديره المخابرات الحربية، وسيطرته الكاملة على الإعلام، أمور مكنته من تصفية خصومه سياسيا وإعلاميا، وساعده في ذلك حالة التشرذم التي تعيشها الأحزاب والقوي السياسية. ويحدد الباحث والكاتب السياسي أحمد الشافعي أبرز المحطات التي قام بها السفيه السيسي تجاه تصفية خصومه، والتي بدأت قبل الذكرى السابعة لثورة 25 يناير بيومين، باعتقال الفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، والذي كان وقتها مرشحا محتملا للانتخابات الرئاسية، وبعده بأيام اعتقال نائبه المحتمل المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق. ويري الشافعي أن السفيه السيسي اختار التوقيت بعناية فائقة، وبشكل أعاد للأذهان العهد الذهبي لحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق الذي استخدم البلطجية كسلاح فاعل في مواجهة خصوم المخلوع مبارك، موضحا أن اختيار توقيت تصفية عنان، تزامن مع ذكرى ثورة يناير التي يعاديها السفيه السيسي بشكل كبير، وهو أراد بذلك أن يغلق صفحة التغيير الثوري التي كان يعول عليها البعض. ويستكمل الباحث السياسي بأن المحطة الثانية كانت في منتصف فبراير باعتقال رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح واتهامه بالدعاية لجماعة الإخوان المسلمين ونشر أخبار كاذبة في وسائل معارضة، وقد أراد السفيه السيسي بهذا الاعتقال غلق الباب أمام أي تحرك شعبي أو جماهيري يكون تيار الإسلام السياسي طرفا فيه، حتى لو كان هذا التيار من مؤيدي انقلابه في السابق. ووفقا للشافعي فإن الضربة القاضية للسفيه السيسي كانت بإقالة وزير الدفاع صدقي صبحي في مخالفة واضحة للدستور الذي وضعه السفيه السيسي من أجل تحصين منصب وزير الدفاع، وهي الإقالة التي استتبعها عزل صبحي عن الحياة السياسية والعسكرية رغم تعيينه مساعدا لجنرال إسرائيل. ويري الشافعي أن اعتقال صدقي صبحي تحديدا كان بمثابة رسالة واضحة من السفيه السيسي بأنه الأوحد داخل المؤسسة العسكرية، بعد الحياة السياسية، وأن الولاية الثانية له ستكون بلا مجاملات أو دفع فواتير لصالح شركائه بالانقلاب، ومن هنا كان ضربته الأخيرة في 23 أغسطس باعتقال السفير السابق ورئيس التيار الشعبي معصوم مرزوق لدعوته بالتواجد بميدان التحرير للبحث عن مخرج، من خلال مبادرة طرحها للرأي العام لحلحلة للوضع السياسي المتأزم. استدعائي للنيابة العامة بتهمة قلب نظام الحكم!!! بعد تقديمي بلاغ للنائب العام ضد وزير التربية والتعليم يوم الخميس بتهمة… Gepostet von محمد زهران am Samstag, 23. Februar 2019