كشفت نتائج استطلاع رأي أجراه معهد زغبي للأبحاث الدولية، عن تشاؤم 80% من المصريين بسبب أوضاع بلادهم وغموض مستقبلها في ظل نظام الحكم العسكري الراهن؛ بينما تراجعت معدلات الثقة في الجيش المصري إلى حدود بالغة الخطورة؛ حيث أعرب 40% فقط عن ثقتهم في الجيش مقابل 90% قبل انقلاب 03 يوليو 2013م على المسار الديمقراطي واعتقال أول رئيس مدني منتخب في البلاد، وما أعقب ذلك من عشرات المجازر واعتقال عشرات الآلاف من النشطاء، وعودة سلخانات التعذيب في أقبية الأمن الوطني وأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز. الاستطلاع أجراه المعهد، في سبتمبر الماضي، ونشر حوله موقع Lobe Log الأمريكي، في ثماني دول عربية، بالإضافة إلى تركيا وإيران. نتائج الاستطلاع تؤكد أن الانقلاب في مصر كان كارثة حلت بالبلاد وأجهضت المسار الديمقراطي، يقول جيمس زغبي، وهو أكاديمي أمريكي من أصل عربي، ومؤسِّس المعهد العربي الأمريكي: إنه عندما سُئِل المشاركون في الاستطلاع، هل يشعرون أنَّهم أفضل حالا أم أسوأ حالا ممَّا كانوا عليه قبل خمس سنوات، قال 21% فقط من التونسيين و20% فقط من المصريين إنَّهم «أفضل حالا»، بينما قال 59% من التونسيين و64% من المصريين إنَّهم «أسوأ حالا». تقول المؤسسة، تجدر الإشارة هنا إلى أننا حين أُجري استطلاع رأي في كلا البلدين قبل خمس سنوات، أخبرنا 94% من التونسيين و85% من المصريين أنَّهم «متفائلون بأنَّ بلديهما على المسار الصحيح»، بعد نجاح الثورات في إسقاط نظاميهما الحاكمين. ثقة المصريين بالجيش كما كشفت نتائج الاستطلاع عن تراجع حاد في مستويات ثقة المصريين بالجيش، يقول زغبي: إن هذا النقص في التفاؤل والرضا بين المصريين يمكن رؤيته أيضا في نقص ثقتهم تجاه مؤسساتهم الأساسية. فعلى سبيل المثال، سألنا بعض الأشخاص في الاستطلاع الذي أجريناه العام الجاري عن مدى ثقتهم في الجيش والشرطة والقضاء والمؤسسة الدينية والإعلام والبرلمان، فوجدنا أنَّ مستويات ثقة المصريين منخفضة للغاية؛ إذ كان هناك 41% يثقون في الجيش، و37% يثقون في الشرطة، و39% في القضاء، و50% في مؤسساتهم الدينية، و28% في الإعلام، و27% فقط في البرلمان. ويعلق على أنّ أبرز نتيجة هنا هي الانخفاض الحاد في ثقة المصريين الآن في جيشهم، ففي استطلاعات الرأي التي أجريناها في عام 2013، قُبيل ضلوع الجيش في الإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين، وبعده بوقتٍ قصير، قال أكثر من 90% من المُشاركين إنهم يثقون في جيشهم. وبحلول أواخر عام 2013 انخفضت النسبة إلى 70%، حتى وصلت الآن إلى 40%، أي أنَّها انخفضت 50 درجةً في خمس سنوات. وحول أولويات المصريين بحسب استطلاع الرأي، كان إنهاء الفساد والمحسوبية (الأولوية القصوى في مصر)، وتحسين النظام التعليمي، والإصلاح السياسي والحكومي. وبحسب المعهد، يُثبت استطلاع هذا العام عمق ذلك الإحباط. مشيرا إلى أنه ضمَّ 1036 مصريا، مشيرا إلى أن هذه النتائج تشير إلى مشكلاتٍ حقيقية موجودة، وينبغي عدم تجاهلها. تآكل الشعبية يمثل عدم ثقة المصريين في الجيش مؤشرا خطيرا يؤكد أن المؤسسة العسكرية تمضي في الطريق الخطأ، والأرجح أن نسبة عدم ثقة المصريين في الجيش أكبر بكثير من نتائج الاستطلاع؛ لعدم شعور المصريين بالحرية والأمان أو التعبير عن آرائهم بحرية، خوفا من أن يكون القائمون على الاستطلاع موالين للأجهزة الأمنية التي تلاحق جميع المعارضين للنظام والرافضين له. وقد تآكلت شعبية الجيش للأسباب الآتية: أولا: المشاركة في تدبير انقلاب 03 يوليو على المسار الديمقراطي، وفرض الاستبداد على البلاد عبر التعامل غير القانوني مع جهات أجنبية، مثل البنتاجون الأمريكي، ونظم الحكم في الإمارات والسعودية وإسرائيل، وهو ما كشف عنه الصحفي الأمريكي المخضرم “كير كيباتريك”، مدير مكتب النيويورك تايمز بمصر سابقا، في كتابه “بين أيدي العسكر”. ثانيا: تغيير العقيدة القتالية للجيش من توجيه السلاح لصدور العدو، إلى توجيه السلاح إلى صدور الشعب، وارتكاب عشرات المذابح بحق المصريين في رابعة والنهضة واستاد الدفاع الجوي بحق مشجعي الزمالك، وقبلها مذابح محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية وماسبيرو، وقد شاهد المصريون هذه الجرائم بثًّا مباشرًا على القنوات الفضائية. المشهد السياسي ثالثا: احتكار الجيش لمفاصل المشهد السياسي وتكريس الحكم العسكري الشمولي في جميع مفاصل الدولة، من الرئاسة حتى رئاسة الوحدات المحلية في المدن والأحياء. وكذلك تأميم الفضاء الإعلامي واحتكار مفاصل الاقتصاد، حتى باتت المؤسسة العسكرية مؤسسة ربحية وليست جيشا أهم وظائفه حماية حدود البلاد. رابعا: تبني المؤسسة العسكرية نظام عبد الفتاح السيسي، باعتباره مندوبا لها في قصر الرئاسة، وتبني سياساته الاقتصادية التي أفضت إلى تعاظم معدلات الديون حتى وصلت إلى “5.5 تريليون جنيه، بعدما كانت “1,7” تريليونا فقط قبل انقلاب 30 يونيو 2013م. كما أدى ذلك إلى هبوط عشرات الملايين من المصريين تحت خط الفقر. خامسا: مباركة الجيش لتنازل جنرال النظام عبد الفتاح السيسي عن أراض مصرية، والتفريط في السيادة الوطنية عليها، كما حدث مع جزيرتي “تيران وصنافير”، حيث تحدى السيسي الرفض الشعبي العارم لهذه الخيانة، وكذلك تحدى حكما باتا من المحكمة الإدارية العليا بمصرية الجزيرتين دون أن يقدم دليلا واحدا أو مستندا واحدا يدلل على سعودية الجزيرتين. سادسا: التعاون الوثيق بين الجيش والكيان الصهيوني دفع عشرات الملايين من المصريين إلى عدم الثقة في هذه المؤسسة التي تم اختطافها لحساب جنرالات كبار، هم بالأساس عملاء للعدو الرئيس للبلاد، والذي احتلال أرضنا ولا يزال، وسفك دماء مئات الآلاف من الجنود المصريين في معارك 48 و56 و67 و73م.