ستظل المرأة الفلسطينية تقدم النموذج تلو الآخر فى تحدى الظروف الصعبة والتغلب عليها وتحقيق ما تريد لخدمة قضيتها والرقى بنفسها. أقول هذا بعد أن شرفت بحضور مناقشة أطروحة الماجستير الخاصة بالبرلمانية الفلسطينية "هدى نعيم" فى كلية التربية بجامعة عين شمس. فالبرلمانية والناشطة فى مجال العمل العام والاجتماعى فى قطاع غزة، سواء كونها برلمانية لها دورها النيابى أو ناشطة فى مجال العمل العام والزوجة والأم لخمسة من الأبناء، التى تعيش فى قطاع شهد ثلاثة حروب عدوانية صهيونية فى أقل من خمس سنوات دمرت الأخضر واليابس.. لم تكتفِ "نعيم" بدورها السياسى والاجتماعى؛ بل اجتهدت لنيل درجة الماجستير فى قضية جمعت فيها بين علمى الاجتماع والتربية، وهى "أثر الإنترنت على قيم الطلاب فى الجامعات الفلسطينية"، وهو موضوع لمن يعرف من الأكاديميين صعب؛ ليس فقط بسبب القضية التى يعالجها لكن أيضا لوجود متغيرات يجب قياسها عمليا، فهى دراسة عملية وليست نظرية فقط، وهو ما يضيف صعوبة على الصعوبات الموجودة على الباحثة خلال عملها، لكن من يعرف "نعيم" يعى جيدا لماذا اختارت الموضوع على صعوبته؛ فهى ليست برلمانية فقط لكن لها دورها المهم على الجانب الاجتماعى ومهتمة بوضع أبنائها الشباب فى فلسطين، وترى أن صلاحهم هو بداية تحرير الأرض، كما أن إفسادهم هو المخطط الذى يقوم عليه الاحتلال لتعطيلهم عن أن يكونوا شبابا مقاوما للاحتلال. إن "نعيم" تريد أن تقدم المرض والعرض لصانعى القرار، وتساعدهم فى وضع روشتة للعلاج، فسعيها لنيل الدرجة ليس الهدف؛ بل الهدف أن يستفيد صنّاع القرار من دراسة علمية تقدم لهم جاهزة لوضع الخطط والإستراتيجيات بناء عليها. لقد تغلبت "نعيم" على الحصار والاحتلال، ليس فقط باجتهادها لنيل درجة الماجستير لكن أيضا لاختيارها لجنة مناقشة وإشراف من مصر، وهو ما يعنى مزيدا من صعوبات التواصل والسفر فى ظل وضع غزة، ولكنها اختارت أيضا الأصعب لتنال الأفضل.. هكذا هى المرأة الفلسطينية وهكذا هو الشعب الفلسطينى الذى طالما امتلك هذه الروح القتالية وهذا الأمل والثقة بنصر الله فلن يخزيه الله أبدا، وسيأتى اليوم الذى سيحقق فيه حلمه الأكبر.. تحرير الأرض.