خلال فعاليات مهرجان "كام" السينمائى الدولى للأفلام القصيرة عقدت ندوة بعنوان "دور القنوات الفضائية نحو دعم ونشر الأفلام القصيرة" بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة التى أدارها الإعلامى إمام عمر. فى البداية، قال الفنان السعودى محمد أبو لبن: إن الفترة المقبلة ستشهد اهتماما كبيرا بالفيلم القصير فى الوطن العربى، وذلك لعدة أسباب، أهمها أن مدته قصيرة وتتراوح بين 5 دقائق إلى 15 دقيقة وفى بعض الأحيان يصل إلى 20 دقيقة، بالإضافة إلى وضوح الرسالة التى يحملها الفيلم، سواء أكان ثقافيا أو سياسيا أو تعليميا، وهو مناسب لنوعية المشاهدين الذين ينزعجون بسرعة من طول الأفلام، وأتمنى أن تهتم القنوات الفضائية سريعا بهذه النوعية من الأفلام دعما للشباب واهتماماتهم وأحلامهم. وذكر الفنان الليبى طارق الشيخى أن القنوات الفضائية ستتساءل: ما العائد من عرض مثل هذه النوعية من الأفلام القصيرة؟ وقال: "لقد أجبرنا أحيانا على التعاون مع منتجى السلع الغذائية كالحليب والدجاج، كراع لمثل هذه النوعية من الأفلام، وذلك حتى نتمكن من عرض أفكارنا". وأضاف أن هناك شيئا آخر هو التوجه السياسى، فكل قناة فضائية الآن لها أجندة وتوجه معين، وأصبحت تفرض على المبدع أن يلبى أجندتها عن طريق إمكانياتها فى إنتاج مثل هذه الأفلام وتوجه المبدع لأن يتكلم عن موضوع دون الحديث عن موضوع آخر، "قل هذا ولا تقل هذا"، وإذا ما حاول الحديث معهم يقولون نحن قناة خاصة ولنا توجهنا، كما أن الدولة لم تضع سياسة محددة لدعم مثل هذه النوعية من الأفلام. وتفاءل الصحفى أحمد السرساوى بانتشار الفيلم التسجيلى فى المستقبل، قائلا: إن ثورة الاتصالات الحديثة تساعد على نشر الفيلم التسجيلى وإنتاجه، بالإضافة إلى مهرجانات تقام خاصة بصانعى سينما الموبايل، مشيرا إلى أن الموبايل فى السنوات المقبلة سيعمل على نشر مثل هذه النوعية من الأفلام إضافة إلى اليوتيوب مثلا، فعدد المترددين عليه يوميا بالملايين، ومعظم ما ينشر عليه هى أفلام قصيرة يتم تطويرها فى كثير من الأحيان لتتحول إلى أفلام تسجيلية. وأضاف السرساوى أنه على الرغم من تاريخ مصر فى صناعة الفيلم التسجيلى، إلا أنه من المهم الآن هو النظر للقادم، فالفضائيات ستعرض ما ينشر على الإنترنت، خصوصا من إنتاج الهواة الذى يتميز بالثراء، على عكس السنوات الماضية كان الإنترنت ينشر ما يعرض فى الفضائيات. أما الإعلامى أشرف الغزالى، رئيس قناة النيل الثقافية، فقال إننا الآن فى حاجة إلى تغيير النسق الفكرى لدى المشاهد ولدى المبدع، ونفكر بشكل مختلف عما مضى، فكل مرحلة ولها تفكيرها، فهناك الآن تقنيات جديدة دخلت فى صناعة الفيلم التسجيلى التى تعمل على خروجه بشكل ثرى ومبهر، ويجب الاستفادة من التجربة الدنماركية بتخصيص وقت للأفلام التسجيلية لفرض هذه النوعية على المشاهد وسيكتب لها النجاح. وأضاف أن التقنيات المستقبلية ستعمل على إنهاء عصر الأقمار الصناعية، لتنتقل إلى الإنترنت، ولن يكون هناك أى قيود على التعددية الفكرية لدى المبدع، فبكل بساطة يتمكن أى مبدع من إقامة أى قناة يضع عليها ما ينتجه من أفكار إبداعية. يحاول المخرج الفلسطينى سميح النادى نقل تجربته فى تجاوز عقبات عرض الفيلم التسجيلى من خلال تجربته الشخصية قائلا: "قمت بعرض فيلم غزاوى، ويجب أن يكون لدينا أمل، ولا نتوقف عند الحديث عن المشاكل فقط، ونتحدث فيما يبنى عليه العمل"، وتابع: "أتصور أن المخرجين عليهم أن يخرجوا من عباءة المنتج، حتى يستطيع أن يتحرر بفيلمه وفكرته، فالمبدع يضع فكره فى فيلمه ويجب أن لا يضع حسابا سياسيا لمنتج؛ لذلك يجب أن يفرض المخرج سياساته هو لا سياسة القناة أو المنتج". وطلب النادى من المخرجين والمنتجين والكتاب والعاملين فى هذا المجال بالضغط على القنوات الفضائية لتخصيص ساعات بث معينة لفتح مجالات للفيلم الوثائقى أو القصير أو التسجيلى، ليعرض لجمهور هذه النوعيات فى وقت مناسب، يجد فيه كثافة مشاهدة، لا فى الوقت الذى تكون فيه الناس نائمة. وأوصى النادى العاملين فى هذا المجال بالانطلاق نحو الإبداع لا الإحباط أو البكاء على الأطلال، ولا بد أن نفرض أجندتنا على وزارات الثقافة العربية، فعلى المثقفين العرب واجب بالضغط على وزارات الثقافة العربية لتحديد توجهاتهم. وأشار إلى أن المجتمع العربى بشكل عام أصبح لا يقرأ، فالكتاب من الممكن أن تقرأه فى يومين، بينما فيلم قصير لا يتجاوز نصف الساعة من الممكن أن يوصل فكرة كتب كاملة أو منهج، سواء تعليميا أو ثقافيا أو تربويا، وأتمنى أن نخرج من الفكر الحزبى أو الدينى إلى مستوى الفكر الإنسانى ودراسة الحالة الإنسانية للمجتمع فى كل أطروحاته. وطالب الصحفى حسام عبد الهادى بإشراك نجوم العمل السينمائى فى هذه النوعية من الأفلام سواء ممثلين أو مخرجين أو مونتيرين لجذب المشاهدين، فالنجوم الذين يعملون فى هذه الأنواع من الأفلام يكونون قليلى الشهرة وبلا أجر فى غالبية الأحيان وكمجاملة فى كثير منها، وبالتالى فإن الناس لا تقبل على هذه الأفلام مثلما تقبل على الأفلام الطويلة. وشدد على ضرورة أن يتم التوقف عند الشريحة المطلوب أن تصل لها مثل هذه النوعية من الأفلام؛ لأننا نصنع مثل هذه الأفلام، إما للنخبة أو المثقفين ولا تصل للناس، وإما للشعب الذى نسبة الأمية التعليمية فيه تصل إلى 50% والأمية الثقافية إلى 90%، كما يجب أن تراعى وزارة الثقافة المصرية هذه النوعية من الأفلام التى لا تتعدى 800 ألف جنيه فى ميزانيتها، فى حين أن ميزانية المسرح تفوق الثلاثين مليون جنيه فى العام، لافتا إلى أن السينما القصيرة تلعب على عقل المشاهد، بينما السينما التجارية والطويلة تلعب على جيب المشاهد، كما يجب توفير منافذ عرض مفتوحة لهذه الأفلام كالمقاهى ومراكز الشباب والمنتديات العامة بهدف توعية الناس. من جهتها، قالت الناقدة ماجدة موريس: إن النظرة للمثقف العربى على أنه ضعيف وهش وليس فى ثقل أهل السياسة، وذلك على عكس الواقع، فهم أرجح عقلاً وثقلاً، وبالتالى فإن الكيانات هى التى تستطيع الدفاع عن الحقوق، فإذا كان هناك اتحاد للأفلام التسجيلية والقصيرة، فأعتقد أنهم سيكونون قوة كبيرة؛ لأن عددهم مستمر، كما أن الاستعانة بالنجوم ليست هى الأساس، فمثلا منذ خمس سنوات لم نكن نعلم شيئا عن المسلسل التركى، ولكن الآن أصبحوا نجومنا؛ لأنهم فرضوا علينا فى كل القنوات. وأضاف: "أتصور أن البداية هى ثقافة العرض بأن يتم تحديد موعد محدد للفيلم التسجيلى أو القصير فى قناتين أو ثلاثة، مع الوقت سنجد أن لهذه الأعمال جمهورا، فلها ميزة، أنها تلبى اتجاها عصريا فى قصر مدته، وعلينا تربية عين المشاهد على الاختلاف فى الأفكار والموضوعات سنكون رصيدا ثقافيا". وقال المخرج علاء نصر: إن الاهتمام بالفيلم الروائى القصير قليل جدا، على الرغم من أن هذه النوعية من الأفلام يقوم على صناعتها طلاب المعهد العالى للسينما والهواة الحاصلون على دورات فى صناعة الأفلام كمشاريع تخرج ويخرج للنور أعداد كبيرة من هذه الأفلام، ولكن لا تلقى الدعم الكافى؛ لأنها لا تدر ربحا على منتجيها.