على طريقة الفنان الكوميدي محمد سعد في فيلم "عوكل" الشهير، واصل قضاء الانقلاب "الهرتلة" التي بدأها منذ ثورة 25 يناير وزادت حدتها بعد الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، ولأن العفن والفساد هو أساس اشتراط العمل في سلك القضاء بعهد الانقلاب، ونادرا ما يمر شخص نظيف في هذه المؤسسة منذ أن احتكرها العسكر، تتواصل المهازل وآخرها حيثيات كتبها المستشار "حسن فريد"، الشهير بالأخطاء من كل نوع وكأنه طفل غفي مرحلة الابتدائي! الحيثيات "المضحكة" تضمنت مغالطات تاريخية وجغرافية وسياسية .. الخ الخ، وجاءت تعليقاً على مجزرة جديدة قام بها قضاة السيسي، بإعدام 28 متهماً والسجن المؤبد ل15 آخرين والسجن المشدد 15 سنة ل8 متهمين والمشدد 10 سنوات ل15 متهماً، في قضية اغتيال نائب عام الانقلاب هشام بركات.
القلعة والبحر!
الأمر أشبه بذهول "عوكل" عندما استيقظ فوجد نفسه في تركيا بالخطأ بدلا من القاهرة، ورأى قلعة أمامها البحر فقال عبارته الشهيرة " إيه اللي جاب القلعة جنب البحر؟!"، ولعل هذا ما سيردده من يطالع مغالطات محكمة "فريد" الموقرة، وأولى هذه المغالطات رواية خاطئة تاريخيًا سردتها المحكمة لتأسيس جماعة "الإخوان المسلمين"، عندما قال المستشار "فريد" أن مؤسس جماعة "الإخوان" حسن البنا تم إعدامه، بدلاً من اغتياله عام 1949، وأنه أُعدم مع القيادي سيد قطب، وأن الإعدام تم عقب حادثة المنشية ومحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، علماً أن قطب أُعدم عام 1966 بعد اتهامه بقيادة تنظيم 1965 الشهير، وليس عقب حادثة المنشية عام 1954.
ولأن "حيثيات عوكل" أو حيثيات المستشار فريد لن يراجعه فيها أحد، ظهر فيها جهل السادة قضاة العسكر وضمور عقولهم تاريخياً، للدرجة أنهم قالوا أن حركة "حماس" الفلسطينية توجد في العراق، وأن "الإخوان" هم من اغتالوا رئيس الوزراء الراحل أحمد ماهر، الذي اغتاله فعلياً شاب من الحزب الوطني القديم على مبادئ الزعيم مصطفى كامل، وأنهم المسئولون عن اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات بدلاً من جماعة "الجهاد الإسلامي"، وأنهم مسئولون أيضاً عن اغتيال رئيس مجلس الشعب الراحل رفعت المحجوب بدلاً من جماعة "الجهاد"!
عوكل على المنصة!
ويمضي المستشار "حسن فريد" في هذيانه معتمداً أن أحداً لن يراجعه في كوارثه تلك، ويقول عن جماعة الإخوان :"في القرن الماضي قتلوا الكثير من رموز مصر، فهنا استباح الإخوان قتل المصريين، فقاموا باغتيال أحمد ماهر رئيس وزراء مصر والقاضي أحمد الخازندار في عام 1948، وبعده بشهور قاموا باغتيال محمود فهمي النقراشي باشا رئيس وزراء مصر".
مضيفاً على طريقة "عوكل" وهو يجلس غائب الوعي على قهوة المصريين، قائلاً :"ونسفوا السنيمات، وتفجير المنشآت العامة، ومات فيها الكثير من المصريين الأبرياء من المسلمين والمسيحيين، ومحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر".
وفي فقرة أخرى على طريقة نأخذ من كل رجل قبيلة، يقول "فريد":"نحن في حرب فكرية ضد المتطرفين سفاكي الدماء البريئة التي تراق والأرواح المظلومة التي تزهق من قبل هؤلاء المنافقين المتطرفين الذين يُظهرون خلاف ما يبطنون، ظناً منهم النيل من الدولة المصرية"، وهى الفوبيا التي أشار لها السفيه السيسي في إحدى مؤتمراته وأمر أذرعه في الإعلام بإغراق الناس في رعب "إسقاط الدولة"، وهو يقصد إسقاط الانقلاب.
وبطريقة السجع وعبارات قارئي الفنجان وفاتحو المندل، قرأت حيثيات فريد الطالع لجماعة الإخوان بالقول: "إن تاريخهم ينهار وهم في حالة الاحتضار وليس لديهم سوى هذا الخيار"!
الفيس توك!
وحلت روح المستشار "الزند" بين صفحات الحيثيات التي وصلت إلى 600 صفحة، عندما هاجم في وقت سابق نشطاء الفيس بوك ونطقها هكذا "الفيستوك"، وحمّلت المحكمة، مواقع التواصل الاجتماعي، المسؤولية عن الخلل الثقافي والديني لدى الشباب، داعية سلطات الانقلاب إلى تشديد الحصار عليها، ولأن قضاة الشامخ تخطاهم الزمن منذ انتهاء عصر الحمام الزاجل، رأت المحكمة أن حجب الفيس بوك عن التداول، حفاظاً على الأمن القومي المصري!
يشار أن المستشار "حسن فريد" اشتهر من بين قضاة الانقلاب، نظراً لإصراره على الأخطاء والمغالطات وبثها في القنوات الفضائية، فجرى تداول مقاطع مكتظة بالأخطاء اللغوية والنحوية، علاوة على فشله في تلاوة آيات من القرآن.