أمام متاريس الأمن التي امتدت لمئات الأمتار أمام مجلس النواب لتأمين قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي أثناء زيارته للمجلس صباح اليوم، وقفت سيدة تصرخ مرارا "الحق ابني .. ابني بيموت"، وظلت ترددها لعله يسمع صراخها وأنينها ويعمل على إنقاذ ابنها"، إلا أن السيسي لم يسمع صوتها؛ لأنه جاء إلى ذلك المكان لسماع التصفيق الذي بلغ 21 مرة خلال كلمته التي استمرت نصف ساعة. جرت هذه الحادثة أمام كردونات الأمن المتراصة وحشود الأمن المركزي في شارع قصر العيني من ناحية سور مجلس الوزراء، حيث حالت تلك الحشود الأمنية بين الناس وقائد الانقلاب، وهو ما يعكس حالة الخوف والفزع الشديد من جانب السيسي على حياته بعد جرائمه المتواصلة وسفكه لدماء الآلاف من الأبرياء وظلمه الذي امتد لملايين البشر.
وبحسب صحيفة "الشروق"، قاطعها عدد من المواطنين الواقفين منتظرين فتح الشارع "امشى يا أمى ماحدش هيسمعك"، "خلاص يا ستى مشى"، "بطلى صريخ.. مشى" ولكنها تمادت فى الصراخ لعل أي من المسؤولين أو النواب يستمع ويسأل عن مطلبها. إلا أن محاولاتها باءت بالفشل ؛ فلا الوزراء كان لديهم من الوقت ما يسمح بأن ينزل أحدهم من سيارته ليتعرف على مطالب سيدة "غلبانة" ، ولا النواب كانوا قد أفاقوا من نشوة الجلوس تحت قبة البرلمان الذي طالما اشتاقوا إليه منذ سنوات ولم يتمكنوا من دخلوه إلى على "أسنة " دبابات العسكر. وأوضحت السيدة وتدعي كريمة محمد أنها كانت تصرخ لحظة دخول قائد الانقلاب إلى البرلمان من أجل إنقاذ ابنها من الموت، حيث يعاني من ورم فى المخ، بعد محاولات مضنية من أجل استجابة حكومة العسكر لعلاجه على نفقة الدولة فى ظل تراجع حالته الصحية، إلا أن الانقلاب لم يخصص لها سوى مبلغ ضئيل لا يكفي لعلاج حالة الطفل .
السيدة التي دخلت في حالة انهيار ورفض لمحاولات تهدئتها، كانت تحدثت مع اللواء المسؤول عن التأمين وأطلعته على بعض الأوراق التى تحملها وتبين تدهور الحالة الصحية لنجلها مطالبة بمساعدتها وإرساله للعلاج بالخارج.
وقف بجانبها سيدة أخرى تحكى للآخرين عن الشرطة التى ضربت أحد ذويها فيما وقف موظف بلحية بيضاء "مخبر أمن" يمنعها من الحديث مع وسائل الإعلام مرددا: "أنا سأحل مشكلتها أنا رئيس الوزراء وهحل المشكلة ما حدش يصور هياخدوا الصور يدوها للجزيرة"، وسط صمت وابتسامات من قيادات الأمن المشاركين فى تأمين محيط مجلس النواب.
شارع قصر العيني المغلق من ناحية شارع حسين حجازي، بجوار مجلس الوزراء شهد زحاما مروريا شديدا وهبط قائدو السيارات من سياراتهم علهم يلتقطون الصور بهواتفهم المحمولة للجزء الخالي من الشارع الذي لا تتحرك فيه سوى سيارات كبار المسؤولين والزوار، الذين شاركوا نواب المجلس فى الاستماع لخطاب السفاح.
"نفسى بس يحس بينا، احنا غلابة الناس بتنام جعانة، كيلو الرز بأربعة جنيه، دخل جوزي 800 جنيه يعملوا إيه دول"، جملة وجهتها سيدة ثلاثينية إلى اللواء المسؤول عن التأمين وسط صمت وتجهم من جانبه.
فيما ترجل أحد قائدي السيارات من عربته وتحدث مع أحد الضباط الشباب "أنا بس عايزك تقوله إن قفل الشارع مدة طويلة مشكلة وياريت يعملوا له مطار فى مجلس الشعب"، وتابع الطلب، ضحكات من الضابط الشاب الذي قال "انت متخيل أن أنا اقدر أوصل رسالتك دي".
تجمعات المواطنين والصحفيين والمصورين أمام صف الأمن المركزي استمرت لأكثر من نصف ساعة بعد مغادرة السفاح مقر المجلس. أعطى اللواء إشارة بفتح الشارع ليهرول الصحفيون ناحية المجلس، ويسرع قائدو السيارات لعرباتهم فيما صمتت الأم المستنجدة بالسفاح واختفت وسط جموع المواطنين الذين تحركوا بعد فتح الطريق.