أيام قلائل تلك التى تفصل مذبحة استاد بورسعيد التى دبرها العسكر بليل وأودت بحياة 74 شابا من مشجعي النادي الأهلي، عن تلك الجريمة الشنعاء التى جرت فى ملعب الدفاع الجوي "30 يونيو" بأيدي شرطة الانقلاب، وأسفرت عن مقتل 20 من أنصار الزمالك، وما بين هذه الذكري وتلك يقف نظام السيسي على طراف أصابعه من أجل المرور الآمن من غضبة الأولتراس وتجنب ثورة الشباب من أجل القصاص. هتافات "الشعب يريد إعدام المشير" لا يزال صداها يتردد بعد انطلقت مدوية من ملعب مختار التتش فى الذكرى الرابعة لمذبحة "بورسعيد" مطالبة بالقصاص ومحاكمة كل من تورط فى إراقة دماء الشباب، وهو ما أجبر قائد الانقلاب على إجراء مداخلة سريعة عبر إحدى الفضائيات لامتصاص غضبة 30 ألف من أولياء الدم، إلا أنه وجد نفسه بعد أيام قليلة على موعد مع الذكرى الأولى لمجزرة الدفاع الجوي، التى يظهر اسمه شخصيا على رأس المتورطين فيها. مذبحة "الدفاع الجوي" تحديدا لا تزال تعصف بأركان الكرة المصرية، بعدما تجاهل المسئولون على الرياضة فى دولة الانقلاب دماء الشباب التي سالت على عتبات ملعب "30 يونيو" قبيل مباراة الزمالك مع إنبي فى الدوري المصرى، وقررت أن تطلق العنان لصافرة حكم المباراة ليعلن "اللعب" وسط سحب من الغاز المسيل للدموع وتراص عشرات الجثث إلى جوار سور الاستاد، فيما عمل العسكر على محاكمة شباب الأولتراس بأحكام قاسية وتركت القاتل والمحرض ليواصل التآمر بل ويعتلي لجان حقوق الإنسان. المشهد الذي راح ضحيته قرابة 20 من شباب مصر وأضعاف هذا الرقم من المصابين، أعاد للأذهان سيناريو سقوط 74 من مشجعي النادي الأهلى في بورسعيد في الشهر ذاته وقبل 4 سنوات، في نسخة كربونية بإخراج عسكري فاشل، يلجأ إليه في كل مرة دون تعديل أو تبديل من أجل استغلال الدم للتغطية على جرائمه وفساده التي زكمت الأنوف أو لترسيخ ملكه وخلق فزاعة الفوضى لدي بسطاء الشعب الجائع. إلا أن التعاطي الإعلامي مع المأساة تلك المرة من قبل "أذرع الانقلاب" حمل الكثير من التخبط والتشتت ربما لعدم تلقى تعليمات مباشرة من مكتب قائد التسريبات، حيث حمل البعض الجماهير المسئولية ولصق بروابط الأولتراس تهم الإرهاب وتلقي الأموال من الإخوان وحازمون و6 إبريل، فيما ذهب البعض إلى ضلوع التيار الإسلامي في الحادث لتأجيج المشهد، بينما جنح لاعقو البيادة كثيرًا زاعمين أن الإخوان ارتدوا ملابس الشرطة لقتل المتظاهرين. تركيب المشهد وفقًا لرواية الإعلام، يرسم ملامح الجريمة ويظهر الجاني بوضوح؛ "حيث تلقى الأولتراس أموالًا من الإخوان لإحداث الفوضى، ثم اندس الإخوان أنفسهم وسط الجموع من أجل إشعال الموقف، بينما كان على الطرف الآخر الإخوان يرتدون ملابس شرطية لقتل من دفعوا لهم ومن اندسوا منهم، سيناريو هزيل من إعلام أدمن الباطل حتى بات يتحرى الكذب، وشعب غيب عقله وتوارى خلف البيادة" فى كوميديا سوداء تليق بدولة العسكر وأكاذيبها الفجة. صرخة العشرين نظام السيسي الهش يرتجف الآن من جديد على وقع صرخة العشرين، التى أطلقها أعضاء أولتراس وايت نايتس من أجل القصاص لدماء زملائهم، حيث توعد أعضاء "الجروب" بالثأر لدماء الضحايا: "دور في التاريخ واقرأ الحكاية، الحق بينتصر آخر الرواية، سامع النداء دمك دين علينا، وفي يوم الحساب هنجيبه بإيدينا، صرخة العشرين إحنا مكملين". تلك الكلمات التى أحيا بها أعضاء وايت نايتس الذكرى الأولى لمذبحة "الدفاع الجوي" في 8 فبراير 2015 والتي راح ضحيتها 20 مشجعا من مشجعي النادي الزمالك بعد أن تم حبس الجماهير في أحد الممرات المؤدية لاستاد الدفاع الجوي بالقاهرة ثم أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والذي أدى لموت عدد منهم اختناقا جراء استنشاق الغاز، ومن استطاع الهرب من رائحة الغاز لم يتركه تدافع الكتل البشرية الهاربة من الاختناق ليلقى حتفه دهساً تحت الأقدام. الصفحة الرسمية لرابطة "وايت نايتس" عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أعلنت إحياء ذكرى المذبحة، التي لم يقدم إلى المحاكمة فيها سوى بعض أعضاء الرابطة والمشجعين، على عكس ما وثقته الكاميرات وقتها من تورط عناصر الشرطة في إطلاق الغاز بكثافة، وتأكيد الطب الشرعي على مقتل أفراد الرابطة جراء استنشاقهم الغاز والتدافع. البيان الذي حمل عنوان "وعاد شباط الأسود" أكد أن ما حدث في استاد الدفاع الجوي كان جريمة مدبرة ومكيدة لجماهير الزمالك وتم استدراجهم إليها، وقتل فيها من قتل وسجن من سجن، ولفقت الاتهامات دون حق للأبرياء، حسب وصف البيان، متمسكا بإحياء ذكرى أحداث استاد "30 يونيو"، اليوم الاثنين، ليتم خلالها تكريم ضحايا الغدر ضاربا بتهديدات مليشيات العسكر عرض الحائط. "وأطلق الأولتراس الأبيض أغنية "صرخة العشرين" لإحياء ذكرى المذبحة، ما لبثت أن تحولت إلى هاشتاج احتل صدارة تريندات التواصل الاجتماعي إلى جانب تلك اللافتة التى تحدت منصور أمام بوابة النادي السبت الماضي "مرتضي منصور القاتل.. عاوزينه" ضمن فعاليات وتحركات الرابطة بمناسبة الذكرى الأولى لضحايا الدفاع الجوي. وجددت الرابطة اتهام رئيس النادي الزمالك بالمسئولية المباشرة عن تلك الأحداث لتحريضه المسبق على مواجهة الشرطة لأعضاء الرابطة وعدم سماحه ببيع تذاكر تلك المباراة بين الزمالك وإنبي وتوزيعه التذاكر على معارفه حسب الرابطة، فيما توعد منصور بمواصلة حربه ضد الشباب حتى يتم إبادتهم من المجتمع كما حصل من قبل على حكم قضائي يصنفهم جماعات إرهابية. فلاش باك اللاعب عمر جابر -متوسط ميدان الزمالك- خرج رغم قتامة المشهد الدامي، ليفضح مزاعم المسئولين على رءوس الأشهاد ويعري مجلس إدارة ناديه الفلولي الانقلابي، ويكشف عورات الجبلاية، حيث أكد اللاعب الذي رفض خوض المباراة احترامًا لدماء جماهير ناديه، أن مجلس الإدارة واللاعبين ومن ثم اتحاد الكرة كان يعلم بالكارثة قبل المباراة ومع ذلك لعب أمام إنبي، وتجاهل صراخ الأنصار وقوافل القتلى وسُحب الغاز. الضجيج الذى أثاره مستشار الفلول مرتضى منصور –نائب برلمان الدم- قبل الحادثة بنصب فخ للشباب من أجل الحضور بأعداد كثيفة إلى الملعب وبعدها باتهام الأولتراس بالإرهاب وقتل الجماهير، شهد أول رد فعل -متأخر- داخل المجلس الأبيض من جانب مصطفى عبد الخالق، الذي قدم استقالته من المجلس، مشددا على أنها نهائية لا رجعة فيها، حتى يعود حق شهداء مجزرة الدفاع الجوي. وأرجع عبد الخالق الاستقالة إلى تقاعس مجلس الإدارة تجاه الأزمة وعدم دعوته لعقد جلسة طارئة حتى وقتنا هذا، مشيرا إلى أن المجلس كان يدعو لجلسة طارئة إذا حدثت مشكلة صغيرة مع الفريق الكروي، لكن عند سقوط شهداء لم يتحرك ولم يدعو لاجتماع حتى الآن، متهما الإدارة بعدم اتخاذ موقف إنساني تجاه أسر الشهداء، والتقاعس في البحث عن حقوقهم، فضلا عن هجوم رئيس الزمالك على الجماهير، واتهام وايت نايتس بإحداث الشغب، والتسبب في وقوع الحادث. 20 شهيدا من جمهور الأولتراس فى شهر فبراير وتحت مظلة حكم عسكرى فاشى، جاءت عقب ساعات قليلة من تسريبات مكتب السيسي حول ابتزاز أموال الخليج، وقبل يوم من زيارة الرئيس الروسي بوتين، وضعت علامات استفام كبيرة حول الحادث، وفتحت الباب على مصراعيه عن هوية الطرف الثالث الذى قتل من قبل جمهور الأهلى، والأهم متى يحاسب المسئول؟.