في ظل عجز تام لنظام النعامة العسكري الحاكم لمصر، والذي يسعى للقيام بأدوار دولية لحل الأزمات الدولية كالأزمة الأوكرانية، متجاهلا فشله في حل أزمة سد النهضة التي تهدر حقوق مصر المائية، يقترب الخطر الداهم على مصر، التي تسارع الخطا نحو الفشل المائي والزراعي وسط تحذيرات دولية وأممية حول التصحر والجفاف وتقارير وزارة الري والزراعة حول مشكلات مائية جمة تواجه زراعات القصب والأرز والقطن والذرة. ومؤخرا، فشلت المحاولات الرامية لترتيب لقاء بين عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، على هامش قمة المناخ ، المنعقدة في مدينة شرم الشيخ على الرغم من محاولات فرنسية لعقده. ويعود السبب إلى تمسك رئيس الحكومة الإثيوبية بحصر أية محادثات أو مفاوضات جديدة بين بلاده من جهة ومصر والسودان من جهة أخرى، بشأن أزمة السد، على الجوانب السياسية فقط، من دون الحديث عن الجوانب الفنية، التي تعتبر من وجهة نظره أنها حُسمت خلال مفاوضات الفرق الفنية من البلدان الثلاثة خلال جولات سابقة. فيما تعتبر القاهرة رفض إثيوبيا المفاوضات الفنية والتأثيرات السلبية للسد على كل من مصر والسودان "محاولة من جانب أديس أبابا للتهرب من أية اتفاقات تلزمها بتعديل مسار عملية ملء خزان السد، التي تتم بشكل أحادي يخالف اتفاق المبادئ الموقع بين البلدان الثلاثة". كذلك تتمسك إثيوبيا برفض أي اتفاق ملزم ينص على وصول كميات محددة من المياه بعد تشغيل السد لدول المصب، وهي تعتبر أن هذا الأمر مرتبط بطبيعة موسم الفيضان، وترى إثيوبيا أن التوقيع على أي اتفاق ملزم بشأن حصص خاصة بكل من مصر والسودان، يحملها أمر لا يخصها ويلزمها بالتصريف من مخزون سد النهضة في مواسم الجفاف، وهو ما تعتبره أمرا "غير عادل". وتحصل مصر بموجب اتفاقية موقعة عام 1959 على 55.5 مليار متر مكعب سنويا من مياه النيل، في مقابل 18.5 مليار متر مكعب للسودان، باعتبار أن الإيراد الكلي للنهر هو 84 مليارا، يضيع منها نحو 10 مليارات أثناء الاندفاع من الجنوب إلى الشمال بسبب التبخر والتسرب. ووفق مصادر دبلوماسية ، تعكف الإدارة الأمريكية على محاولة جديدة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة، تحديدا خلال القمة الأميركية الأفريقية التي تستضيفها واشنطن، بين 13 ديسمبر المقبل و15 منه. وأوضح دبلوماسي أمريكي في حديث لوسائل إعلام عربية أن إدارة الرئيس جو بايدن "معنية بدرجة كبيرة للتوصل إلى اتفاق ينهي تلك الأزمة، خصوصاً أنها بين اثنين (مصر وإثيوبيا) من الأطراف التي تعول عليها الإدارة الأميركية كثيراً كحلفاء استراتيجيين في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي". ويأتي هذا في الوقت الذي قال فيه المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، سام ويربرغ، إنه "يجب أن يكون هناك حل دبلوماسي بين الدول الثلاث، والولاياتالمتحدة في هذه الإدارة مستعدة لتقديم أي مساعدات سلمية للأطراف الثلاثة، ولدينا المبعوث الخاص الأميركي (مايك هامر) وهو يزور المنطقة مرارا وتكرارا وفي تواصل مع كل الأطراف". وأضاف ويربرغ خلال تصريحات تلفزيونية الإثنين الماضي، أن "الولاياتالمتحدة تدرك أهمية مياه النيل للمصريين، ولذلك نقدم كل ما في وسعنا للوصول إلى حل الأزمة". وكان المتحدث باسم رئاسة الانقلاب بسام راضي، كشف في بيان، في 11 نوفمبر، أن الجلسة المغلقة التي جمعت بايدن بالسيسي في شرم الشيخ على هامش قمة المناخ، تناولت قضية سد النهضة، ولفت إلى أن السيسي عرض الموقف المصري من السد والقوانين الدولية التي تنص على حق مصر في المياه وأضرار السد. وكانت عدة تقارير كشفت مؤخرا غن رغبة استراتيجية لدى إسرائيل وحلفائها الدوليين لتمرير مياه النيل إلى أراضي النقب المحتلة عبر نقلها عبر سيناء من خلال سحارات سرابيوم التي افتتحها السيسي، مقابل مساعدات مالية لأثيوبيا، وتعويض مصر باستثمارات إماراتية وخليجية وتبني مشاريع زراعية لحساب مصر في أثيوبيا، وهو ما يتوافق مع مخططات سابقة للبنك الدولي، بتسليع المياه، لضمان وصولها لإسرائيل ولمن يريد الشراء من الدول الفقيرة مائيا. إلى ذلك ،كشف عباس شراقي أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عن تعطيل إثيوبيا مرور المياه عبر سد النهضة من التوربينين المعلن عن تشغيلهما مؤخرا، وهو ما يتسبب في تراجع كميات المياه الواردة لكلا من مصر والسودان، وهو الأمر الذي يتفاقم مع فترة الجفاف في ديسمبر المقبل.