أعرب السودان مؤخرا عن تفاؤله بشأن حل الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي الكبير المثير للجدل (GERD) بينما تستعد إثيوبيا للملء الثالث للسد هذا الصيف. وقال رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، مؤخرا إن "المشاورات استؤنفت بعد توقف دام قرابة عام". وقال البرهان في مقابلة مع الشرق الأوسط خلال زيارته للرياض في 23 مارس «نأمل أن تكلل المشاورات بالنجاح وأن نتوصل إلى توافق يرضي جميع الأطراف المعنية».
نزاع مرير دخل السودان ومصر وإثيوبيا في نزاع مرير دام عقدا من الزمن حول سد النهضة على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، ومع ذلك، وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود وسط مخاوف متزايدة من نشوب صراع عسكري في المنطقة المضطربة بالفعل. وشدد عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة بناءً على القانون الدولي. وفي مؤتمر صحفي مع نظيره الرواندي بول كاغامي في القاهرة يوم 26 مارس، قال السيسي إن "مصر ترفض أي إجراء أحادي الجانب من شأنه أن يضر بالشعوب التي تعتمد على نهر النيل، وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي في بيان صدر بعد الاجتماع إن السيسي وكاجامي اتفقا على تكثيف التنسيق بين البلدين بشأن القضية". تأمل مصر والسودان في استئناف المفاوضات قبل أن تبدأ أديس أبابا في ملء خزان السد للمرة الثالثة في موسم الأمطار المقبل، بين يونيو وسبتمبر. يتوقع ريكاردو فابياني، مدير المشاريع في شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، أن يجتمع الطرفان قريبا ، وقال للمونيتور «من المحتمل أن تكون هناك محاولة جديدة للتفاوض على صفقة بشأن سد النهضة قبل الحشو الثالث ومصر حريصة على استخدام كل الوسائل الدبلوماسية الممكنة لإيجاد حل وهناك رئاسة جديدة للاتحاد الأفريقي، السنغال، من شأنها أن تقود عملية الوساطة». في عام 2021، دعا مجلس الأمن الدولي الدول الثلاث إلى استئناف محادثاتها تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، الذي سعى عبثا منذ ذلك الحين لاستئناف المفاوضات.
تداعيات غزو أوكرانيا قال جوليد أحمد، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط وخبير الطاقة المتجددة والبنية التحتية للمياه ل Al-Monitor إن "المفاوضات الثلاثية يجب أن تستأنف لعدة أسباب، بما في ذلك نقص الغذاء الناتج عن الحرب الروسية الأوكرانية، وأشار أحمد إلى أنه يمكن ممارسة الضغط من قبل الشركاء الدوليين، بما في ذلك أصحاب المصلحة الرئيسيين مثل الاتحاد الأفريقي". تخشى القاهرة والخرطوم من نقص محتمل في القمح بسبب الحرب الأوكرانية، حيث يعتمد كلا البلدين على روسياوأوكرانيا في أكثر من 80٪ من وارداتهما. مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم. تخطط الحكومة لزيادة زراعة القمح بمقدار 1.5 مليون فدان إضافية خلال السنوات الثلاث المقبلة، تقدر احتياجات مصر من القمح حاليا بحوالي 18 مليون طن سنويا، ويصل الإنتاج المحلي إلى 10 ملايين طن.
أزمة اقتصادية حادة في غضون ذلك، يعاني السودان من أزمة اقتصادية حادة قد تتطور إلى أزمة نقص الغذاء، وفقا لتقديرات الأممالمتحدة. تعتبر مصر والسودان سد النهضة تهديدا لإمدادات المياه من نهر النيل، حيث يعتمدان عليه بالكامل تقريبا لتلبية احتياجاتهما من الشرب والزراعة. على الرغم من أن سد النهضة يمكن أن يفيد السودان من خلال تنظيم مياه النيل الأزرق وتوليد الكهرباء، إلا أنه يريد ضمانات من أجل الحفاظ على سدوده الخاصة، بما في ذلك سد الرصيرص أكبر سد سوداني. تقول إثيوبيا إن "سد النهضة، أكبر سد في إفريقيا، والذي اكتمل بناؤه بنسبة 80٪ بتكلفة 5 مليارات دولار، مهم لتنميته الاقتصادية ولتوفير الطاقة". لأكثر من عقد من الزمان، فشلت مصر والسودان في إقناع إثيوبيا بالاتفاق على عملية ملء السد وتشغيله، خاصة خلال سنوات الجفاف. وأشار أحمد إلى أن إثيوبيا تعتزم ملء سد النهضة في غضون أربع سنوات لتوليد إيرادات من تصدير الكهرباء، بينما تريد مصر والسودان سبع سنوات على الأقل، فضلا عن الأبحاث لتقييم الآثار السلبية على دول المصب خلال سنوات الرطب والجفاف.
تعنت إثيوبي ومن القضايا الأخرى التي لم يتم حلها إصرار مصر والسودان على اتفاقية ملزمة قانونا لملء السد وتشغيله، تصر إثيوبيا على مبادئ توجيهية غير ملزمة. توقفت المفاوضات الثلاثية منذ أوائل أبريل 2021، عندما فشل الطرفان في تحقيق أي تقدم في اجتماعهما في جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي كانت آنذاك رئيسة الاتحاد الأفريقي، وألقى كل طرف باللوم على الآخر. ومما زاد الوضع تعقيدا، أعلنت إثيوبيا في 20 فبراير أن السد بدأ في توليد كهرباء محدودة. ونددت مصر والسودان بهذه الخطوة، قائلة إن "بدء توليد الطاقة يعد انتهاكا لإعلان المبادئ". في أوائل مارس، اتهم وزير الخارجية المصري سامح شكري إثيوبيا ب «استغلال الأنهار الدولية من جانب واحد» خلال خطاب ألقاه في الدورة العادية 157 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في القاهرة. ودعا شكري الدول العربية الأخرى والشركاء الدوليين إلى دعم موقف مصر. طغت الحرب الروسية الأوكرانية على الجدل حول سد النهضة مؤخرا، لكن من المرجح أن تصبح محور الاهتمام الدولي مرة أخرى إذا استمرت إثيوبيا في الملء الثالث. في 18 مارس، ذكرت صحيفة سودان تريبيون أن الإمارات العربية المتحدة كانت تتوسط بين الدول الثلاث، ونقلت الصحيفة عن مصادر مجهولة قولها إن "وفودا اجتمعت في أبو ظبي لمناقشة القضايا العالقة دون الكشف عن نتائج هذه الاجتماعات". وقال فابياني «كانت هناك بالفعل محاولة من قبل الإمارات في الماضي للوساطة، لكنها لم تسر على ما يرام، خاصة وأن المصريين رأوا أبو ظبي مؤيدة للغاية لإثيوبيا» "من الواضح أن الإمارات العربية المتحدة لديها المزيد من الموارد للاستثمار ويمكن أن تقدم حوافز مالية لكلا الجانبين لتخفيف مواقفهما، لكن الحقيقة هي أن سد النهضة أصبح مسألة سياسية وأمنية بارزة وأشك في أن الحوافز المالية البسيطة يمكن أن تكون كافية للتوسط في حل وسط "