يعيش العمال -بشكل عام- أسوأ فترات حياتهم بظل الانقلاب، ولكن عمال قطاع الأعمال العام باتوا الأكثر تأثرا بوقف صرف المرتبات الشهرية، فضلا عن صرف العلاوات والحوافز، تمهيدا لتصفية الشركات عبر خصخصتها وبالتالي؛ إنهاء خدمات العمال ومحاولة تعويض العمال بالمعاش المبكر بمبالغ هزلية لا تزيد عن راتب أكبرهم خدمة لثلاثة أشهر. ويرى مراقبون أن الاحتجاجات تنتقل بصورة عفوية من شركة لأخرى ومن محافظة إلى التي تليها، مضيفين أن العمال يستخدمون أساليب مختلفة في سبيل الوصول إلى حقوقهم -ولو بتقبيل أيادي شانئيهم بداية من زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي أو حتى داخليته التي تحاصر احتجاجاتهم وتجمع أسماء قادة احتجاجاهم لنيابة الانقلاب التي تصدر قرارات العزل والسجن دون أدنى شفقة، أو حتى بالتوسل إلى نواب الانقلاب في برلمان العسكر والذين لا يقدمون ولا يؤخرون، سعيا من العمال إلى أن تستكمل شركاتهم المنهوبة عملها ولو بطلب تدخل الجيش لإدارة شركاتهم. ويشير المراقبون إلى أن ممثلي العمال سواء كان زملاؤهم في مجالس إدارة الشركات يتم شراء ذممهم، كما أن النقابات والاتحادات العمالية لا يتعدى رفضها وعمل لجانها أكثر من صفحات "الفيسبوك" وقاعات مناقشة مشكلات كل شركة على حدة. ويؤكد المراقبون أن هذه النقاط الاحتجاجية مع إقرار قانون العمل الجديد ولائحة الموارد البشرية التي يتضمنها ، والتي بها كثير من الإجحاف بحق العامل المصري، يمكن أن تشكل إذا اتحدت نواة صلبة لثورة عمالية تعيد للعمال مستحقاتهم وتضمن استقرارا لأسرهم بظل تخوف آلاف العمال في مصر من هذه النقاط المحفزة على الثورة. ويضيف المراقبون أن الشركات القابضة تعلن عن نظام للتعويضات يشمل تعويض العمال بواقع قيمة الأجر الشامل في شهرين عن كل سنة من الخدمة دون حد أدنى أو أقصى، في حين تطرح النقابة وممثلي العمال على ممثلي إدارة الشركة نظاما للتعويضات "يقوم على قيمة الأجر الشامل في خمسة أشهر من كل سنة خدمة بالإضافة لخمسة عشر جنيها عن كل سنة من سنوات الخدمة مع تقرير حد أقصى يبلغ 450 ألف جنيه وحد أدنى مئة ألف جنيه بواقع إحدى الشركات. عمال سنيوريتا ونظم عمال شركة الصناعات الغذائية بالسادات -المنوفية "سنيوريتا" إضرابا سلميا خلال اليومين الماضيين، قال العمال إنه لحين تحقيق مطالبهم وضمان وصولهم إلى مستحقاتهم متعهدين بالعمل صفا واحدا أمام محاولات التفتيت بالتحويل للنيابة أو بالاستدراج لحقوق فردية من بعضهم. وشركة "سنيوريتا" للصناعات الغذائية تبيع منتجات "ويندوز" و"بريك" و"شبسي لايون" و"بسكوت سنيوريتا" وقبل نحو عامين كانت تنشر إعلانات توظيف لمندوبي مبيعات التوزيع داخل أماكن مختلفة بالمحافظات بمرتب شامل ثابت 2850 جنيها. يشار إلى أن الشركة من أوائل الشركات التي أظهرت تضاربا على مستوى نسب الأرباح والخسائر في 2011، فقدرت أرباحها في يناير 2011، بزيادة 77.3% خلال عام 2010، وأحصت في مارس من العام 2011، إجمالي الخسائر ب25.15 مليون جنيه. المستودعات المصرية وعلى مدى الأسبوعين، انتفض عمال شركة المستودعات المصرية بالأسكندرية أمام قرارات وقف رواتبهم وحرمانهم من العلاوات والإضافي واعتراضهم على قانون العمل الجديد ولائحة الموارد البشرية، ورفضهم لتصفية العمال وتسريح بعضهم بدعوى خسائر الشركة. ووفق تقارير فإن حكومة الانقلاب تصدر رؤساء شركات قطاع الأعمال -جانب كبير من كان قيادات سابقة بالجيش- للتعامل مع العمال ففي شركة المستودعات جاءت غضبة العمال واحتجاجاتهم بالتنديد في رئيس مجلس الإدارة فؤاد الملا، كما حدث من موظفي ماسبيرو تجاه رئيس الهيئة الوطنية للإعلام. رئيس مجلس إدارة المستودعات تعامل مع العمال بطريقتين؛ الأولى باستدعاء الأمن الوطني وقيادات الداخلية بالإسكندرية للعمال، ولم تشفع رفع العمال صور السيسي ورفع لافتات لتهنئة الداخلية ب"عيد الشرطة" في 25 يناير الماضي، فتم تحويل 12 من قيادات العمال المشاركين في الاحتجاجات إلى نيابة ميناء الأسكندرية بتهمة التظاهر والإضراب. المصرية للملاحة وفي توقيت متقارب، تبحث القابضة للنقل البحري والبري مالكة شركة المصرية للملاحة حاليا إعادة التفاوض حول تعويضات العاملين في الشركة بعد سنتين تقريبا من تصفيتها، بناء على تعليمات من وزير قطاع الأعمال. المحكمة الإدارية أجلت، إلى 13 فبراير الجاري، النظر في دعوى قضائية أقامها ما يزيد عن 300 من عمال الشركة الذين يقترب عددهم الإجمالي من 400، ضد شركتهم بسبب قرارها المتعلق بنظام التعويضات، عن قرار مصفي الشركة بإنهاء خدمة العاملين ما يعني وقف صرف رواتبهم لأول مرة منذ التصفية في فبراير 2020! ونقل موقع "مدى مصر" عن محمد خليل، مهندس بحري كان يعمل في الشركة المصرية للملاحة لفترة استمرت لتسع سنوات قوله إن "النظام الذي اعتمدته الشركة القابضة للتعويضات يعني بالنسبة له الحصول على تعويض قدره 19 ألف جنيه فقط، بناء على خطة التعويضات القائمة على قيمة الأجر الشامل في شهرين عن كل سنة، خاصة وأن أجري الشامل قبل خصم الضرائب والتأمينات لا يتجاوز 3300 جنيه شهريا أصلا". وأضاف أن "الكثير من العاملين الذين يتصل عملهم بالبحر -أي على السفن- قد تعرضوا له، وهو عدم احتساب كامل مدة خدمتهم، موضحا أن التنقل من العمل على سفينة إلى أخرى كان يستوجب توقيع عقد عمل جديد، وبالتالي لجأت الشركة القابضة لاحتساب مدة الخدمة وفقا لآخر عقد وقعه العمال في هذه الحالة، حتى أن أحد الزملاء أمضى في الشركة 23 سنة، لكنه فوجئ أن الشركة قررت له تعويضا بناء على سنتين خدمة فقط". تخسير الشركة وأشارت "مدى مصر" إلى نموذج متكرر في عهد الانقلاب وعهد المخلوع من قبله، وهو أن تصفية الشركة المصرية للملاحة، كان قد أثار جدلا كونه ارتبط بعملية تخسير متعمد مزعومة، وهي التي حذر منها عمال في الشركة عبر تظاهرة في 2014 أمام القاعدة البحرية في الإسكندرية، ثم عبر «استغاثة» اُرسلت إلى رئيس الوزراء في أبريل 2015. وبعدها بعدة أشهر، أدلى الرئيس الأسبق للشركة، اللواء نبيل لطفي، بتصريحات صحفية في 2015 قبل شهر من استقالته المفاجئة، حذر فيها من تراكم الخسائر والمديونيات التي أرجعها إلى تخلص رؤسائها السابقين من سفنها عبر البيع بدعوى الإحلال والتجديد كخردة أو بيعها كسفن لشركات أخرى، دون إحلالها عمليا، وصولا لتراكم المديونيات على الشركة، بما في ذلك مديونيات لهيئة التأمينات التي وصلت للحجز على سيارات الشركة.