تفجّرت في الفترة الأخيرة معارك وصراع بين أجهزة السيسي المختلفة تمثلت في ملفين مهمين: الأول الإعلام والثاني الانتخابات؛ وفي كليهما تمكن جهاز المخابرات العامة الذي يديره اللواء عباس كامل ونجل السيسي محمود والضابط أحمد شعبان في بسْط نفوذ الجهاز على باقي الأجهزة التي تقف مقلومة الأظافر أمام النفوذ الواسع لجهاز المخابرات الذي يفرض هيمنته على الجميع دون استثناء. في الملف الأول؛ هيمن الجهاز بمساندة جهاز الأمن الوطني على انتخابات مجلس الشيوخ والبرلمان بشكل كامل عبر حزب "مستقبل وطن"، المحسوب على الأجهزة الأمنية. وشكا مؤيدون غاضبون خلال فترتي الانتخابات وما قبلها من سوء إدارة المشهد السياسي بعد استبعادهم تماما، واتهموا المسؤولين في مكتب اللواء عباس كامل بالتفرد في اتخاذ القرار، وإفساد المشهد البرلماني والسياسي برمته. وبحسب مراقبين فإن المخابرات العامة هي الجهة التي تقف وراء تسريب مكالمة هاتفية للصحفي والإعلامي المُقرب من جهات أمنية عبد الرحيم علي مع زوج ابنته يتحدى فيه السيسي، ويؤكد أنه فوق القانون، وسب القانون والدولة عدة مرات بألفاظ نابية. أما فيما يتعلق بملف الإعلام؛ فقد انهزم وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، المحرر العسكري السابق والمحسوب على جبهة مدير مكتب السيسي اللواء محسن عبد النبي، بعد أن شن المقدم أحمد شعبان حربا على هيكل وحرّض الصحفيين والإعلاميين والبرامج على وزير الإعلام وسخرهم للهجوم عليه. وهو مشهد غريب؛ إذ لأول مرة منذ انقلاب 3 يوليو 2013م تشن الآلة الإعلامية للنظام العسكري هجوما على وزير عينه السيسي، ويقوم التلفزيون الرسمي بإذاعة تسريب من مبنى يفترض أنه يخضع لسيطرته لا سيطرة الجهاز الذي ألب عليه الجميع. ويؤكد عمرو عبدالهادي، الناشط السياسي، أن جناح عباس كامل وجهاز المخابرات العامة ربح معظم المعاك في إطار صراع الأجهزة على حساب الباقين؛ حيث انتصر في بعض المعارك بالضربة القاضية كما جرى في تعيينه مديرا لجهاز المخابرات العامة. وبعضها انتصر فيها بالمناورة والتسويف كما حدث في معاركه داخل المخابرات العامة ومعركة تحجيم دور الأزهر، وبعضها حسمها بعامل الوقت كما يحدث حاليا في إطار إعادة تصميم وهندسة جهاز المخابرات والتخلص من الحرس القديم الذي تربى على يد اللواء عمر سليمان. وبحسب محللين ومراقبين يمكن عزو أسباب هيمنة جهاز المخابرات إلى عدة أسباب: أولا، يمتلك جناح عباس كامل الذي يهمين على جهاز المخابرات العامة الأدوات والوقت التي تمكنه من حسم صراع النفوذ ضد أي جهاز آخر. فمعروف أن جهاز المخابرات يمتلك إمكانيات هائلة وميزانية تكاد تكون مفتوحة، ولا تخضع لأي رقابة من أي جهة، وهو ما يمنح الجهاز قوة لا يستهان بها في مواجهة باقي الأجهزة. ثانيا، يتمتع الجهاز بالقدرة على مواكبة آخر وأحدث التطورات في ملف أجهزة التنصب والجاسوسية؛ وبالتالي فإنه يملك الأدوات التي تمكنه من اختراق ومراقبة قادة الأجهزة التي تنافسه والتي لا تملك نفس القدرات التي يتمتع بها الجهاز. ثالثا، الصلاحيات المطلقة التي منحه زعيم الانقلاب لجهاز المخابرات العامة ولعباس كامل بشكل خاص باعتباره الذراع اليمني للسيسي وشريكه في الانقلاب وجميع الجرائم التي وقعت منذ اندلاع ثورة 25 يناير وما تلاها من فترة انتقالية شهدت أعمال فوضى كان يتهم فيها الطرف الثالث والذي ثبت للجميع أنه كان جهاز المخابرات الحربية الذي كان السيسي مديرا له وعباس كامل كان وقتها مديرا لمكتبه. وبحسب مراقبين فإن عباس كامل يحظى بمكانة عالية عند السيسي فهو الذي قدمه للمشير طنطاوي ثم شهد السجل الوظيفي للسيسي ترقيات سريعة حتى كان أصغر أعضاء المجلس العسكري سنا. رابعا، الثقة المطلقة من السيسي في عباس كامل؛ فقد تمكن السيسي من إقصاء كل قادة المؤسسة العسكرية الذين شاركوه في جريمة الانقلاب باستثناء ثلاثة فقط هم عباس كامل ومحمد ذكي وزير الدفاع الحالي والذي كان قائدا للحرس الجمهوري وقت الانقلاب والذي استند عليه السيسي في نجاح الانقلاب واعتقال الرئيس الشهيد محمد مرسي عليه رحمة الله، والثالث هو اللواء ممدوح شاهين الذي يتولى الملف القانوني للجيش. أما الرابع فهو اللواء محمد العصار الذي جرى تعيينه وزيرا للإنتاج الحربي حتى قضى نحبه.