تعرض مستخدمو الهواتف الذكية في مصر، في الفترة الممتدة من يناير إلى يونيو 2020، إلى هجمات تخريبية بلغ عددها 217,173 هجومًا، بحسب تقرير لكاسبرسكي، أظهر أن الإغلاق الناجم عن الأزمة الصحية الراهنة أحدث تأثيرًا سلبيًا في مشهد التهديدات في مصر، وضاعف من مستوى النشاط الرقمي التخريبي. وقد ارتفعت أعداد الهجمات في المتوسط بنحو 35,000 هجوم. وعلى سبيل المقارنة مع بلدان أخرى في الشرق الأوسط، بلغت أعداد الهجمات في المملكة العربية السعودية 160,000، وفي دولة الإمارات 70,000. ومع تزايد الاعتماد على الأجهزة المحمولة، يتزايد بسرعة الدور الذي تلعبه الهواتف الذكية في العمليات التجارية والحياة اليومية، ما يدفع المجرمين الإلكترونيين إلى زيادة اهتمامهم بكيفية توزيع البرمجيات الخبيثة والاستفادة من نواقل الهجمات المستخدمة، ما يزيد من وتيرة نشاطهم في أوقات الأزمات. ويمكن في العديد من السيناريوهات، أن يكون التوقيت المختار لشنّ الهجمات جزءًا أساسيًا من نجاح الحملة التخريبية، مع الحرص على استغلال المستخدمين الذين يغيّرون ممارساتهم الأمنية جرّاء الضغوط الحاصلة، مع افتقارهم لأية حلول أمنية موثوق بها على هواتفهم. في حين أن الشهرين الأولين من العام شهدا معًا أكثر من 39,000 هجوم، وارتفعت الهجمات في شهري مارس وإبريل معًا بنحو ثلاثة أضعاف لتتجاوز أعدادها 115,000، في حين استمر هذا التوجه في مايو. ووفقًا لملاحظات كاسبرسكي، تعرض المستخدمون للهجوم 62,000 مرة على الأقل خلال الشهر الأخير من فصل الربيع. عسكر أم هاكرز؟ يشار إلى أنه في نهاية العام 2019، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا ألمح لاحتمال ضلوع السلطات المصرية في محاولات لاختراق حسابات نشطاء وحقوقيين مصريين. ولم يكن هذا هو التقرير الأول، لكنّ نشطاء وحقوقيين مصريين أكدوا تصاعد وتيرة هذه الهجمات مؤخرا. التحقيق أجراه الفريق التقني بمؤسسة العفو الدولية "أمنستي" بشأن موجة جديدة من الهجمات الإلكترونية يرجح أن تكون مدعومة من جهات رسمية مصرية وقعت 2019 تضمنت محاولات عدة لاختراق البريد الإلكتروني لعدد من الحقوقيين المصريين البارزين الى جانب عاملين بمنظمات إعلامية ومنظمات للمجتمع المدني. تقول "أمنستي"، إن هذه الهجمات وقعت ما بين 18 يناير و13 فبراير 2019، وأنه بسبب هوية الجهات والشخصيات التي تم استهدافها وتوقيت هذه الهجمات وتنسيقها كلها أمور ترجح وقوف السلطات المصرية وراءها. من ناحيته قال المحامي جمال عيد: إنه وعدد غير قليل من زملائه في المجال الحقوقي يتعرضون لهجمات إلكترونية منذ فترة طويلة، لكن الملفت أن وتيرتها قد زادت بشدة في الفترة الأخيرة، خاصة العامين الأخيرين، وفق ما قاله في مقابلة معDW عربية. وأضاف أن المستهدف من هذه الهجمات هم العاملون في المجتمع المدني والحقوقيون بشكل أساسي "وهذا ما أبلغني به الكثير من الزملاء خلال لقاءاتنا الأخيرة، وهذا أيضا ما حدث معي، حيث تم استهداف حسابي على تويتر كما جرت عدة محاولات لاختراق بريدي الإلكتروني." ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها تقرير كهذا، فقبل عدة أشهر تم رصد عدة هجمات تصيد عرفت باسم عملية "نايل فيش "Nile Phish، واكتشفتها منظمة سيتزن لاب الكندية بالتعاون مع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، غير أن هذه الهجمات الأخيرة بدأ أنها شديدة التركيز ولاحظتها برمجيات جوجل ما جعلها ترسل رسائل تحذير للضحايا المحتملين من تعرضهم "لهجمات من جهات حكومية". ووفق تقارير حقوقية دولية، فإن مصر ترزح تحت وطأة قبضة أمنية هائلة منذ أحداث 2013. منظمة العفو الدولية قالت في أحد تقاريرها، إن حملة القمع ضد حرية التعبير في ظل حكم السيسي بلغت مستويات مقلقة وغير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث، وأن انتقاد الحكومة المصرية حاليا أخطر من أي وقت مضى في تاريخ البلاد الحديث ما جعلها "سجنا مفتوحا للمنتقدين" بحسب وصف المنظمة. وأقر البرلمان الانقلابي عشرات القوانين والتشريعات التي تحد من الحريات على الإنترنت والاتصالات عموما بشكل لم يسبق له مثيل كان أخطرها قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. تفسيرات أخرى واعتبر فيكتور تشبيشيف، الخبير الأمني في كاسبرسكي، أن الأمر لا يدعو إلى الذعر، معتبرًا أن حدوث التغيّرات العالمية “تفرض علينا إعادة تقييم ممارساتنا اليومية للتكيف مع عوامل الهجوم الجديدة، عندما يتعلق الأمر بالأمن الرقمي”. وأضاف: “فرضت جائحة فيروس كورونا المستجد التحوّل بالعمل من المكاتب إلى المنازل، ما دفع مجرمي الإنترنت إلى استغلال نواقل الهجوم الجديدة وتجربة ممارسات جديدة ربما لم يكن المجتمع جاهزًا لها؛ فقد مرت 5 أشهر فقط من العام 2020، إلاّ أنه شهد لغاية الآن ظهور بعض الأساليب الهجومية والتخريبية المبتكرة التي من شأنها أن تسمح للمهاجمين بمفاجأة المستخدمين، الذين ندعوهم إلى البقاء متيقظين للحيل الخبيثة القائمة على استغلال الجائحة، والحرص على اتباع قواعد النظافة الأساسية للأمن الرقمي". توصيات للوقاية ويوصي خبراء الأمن المستخدمين باتباع التدابير التالية لحماية أجهزتهم: قصر تنزيل تطبيقات الهاتف المحمول على متاجر التطبيقات الرسمية، مثلGoogle Play لأجهزة Android وApp Store لأجهزة iOS. تجنّب تخطي القيود التي تضعها الأجهزة؛ لأن ذلك قد يمنح المجرمين قدرات لا حدود لها لتنفيذ هجماتهم. الحرص على تثبيت تحديثات النظام والتطبيقات بمجرد إتاحتها، فهي تعمل على تصحيح الثغرات والحفاظ على حماية الأجهزة. كما ينبغي عدم تنزيل تحديثات نظام تشغيل للهاتف المحمول من مصادر خارجية، إلا إذا كان المستخدم مشاركًا في اختبار تجريبي رسمي. ولا يمكن تثبيت تحديثات التطبيق إلا من خلال متاجر التطبيقات الرسمية.