يومًا بعد يوم يتعرض الأطباء المصريون لسيل من الإهانات والضرب والشتم، والمعاناة اليومية التي لا تتوقف منذ تفشي وباء كورونا. بدأت الإهانات من قبل النظام الانقلابي، حيث رفض العسكر مطالب الأطباء وسلطوا كلابهم في الإعلام عليهم، مقللين من دورهم، وساخرين من مطالبهم وحقوقهم المهدرة. ومع نقص إمكانات المستشفيات وعجز الأجهزة الطبية وغياب المستلزمات الطبية ونقص الأدوية والأسرة الطبية، تسارع الكثير من المواطنين بالضرب والإهانة للأطباء وشتمهم وسبهم. وهو ما يضاعف أزمة أطباء مصر، الذين يعملون في أسوا ظروف يمكن أن يعملون بها على مستوى العالم. إذ يفقد بعضهم بصره ويموت كثير منهم بسبب الإعياء؛ لطول فترة العمل لإنقاذ المرضى، وهو ما تجلى أخيرا في وفاة 60 طبيبا خلال جهودهم لمكافحة وباء كورونا. وكشفت الدكتورة منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء السابقة، عن وجود اعتداء على طبيب بمستشفى القناطر الخيرية، مما أسفر عن إصابات بالطبيب، ووجود تلفيات في المستشفى، معلقة "كأن المواجهة اليومية مع الموت مش كفاية". وقالت "مينا"، في منشور عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "انقض أهل مريض كورونا توفاه الله بمستشفى القناطر الخيرية، على الطبيب المعالج طبيب مقيم عبد الناصر محمد علي، وأحدثوا إصابات بالطبيب وتلفيات بالمستشفى، الموضوع من الصبح، وكالعادة المعتدي عمل محضر كيدي". وأضافت أن هناك ضغوطا شديدة على الطبيب للتنازل عن حقه "بيتقال له" في إيه بس يا دكتور ما انتم بتضربوا كل يوم".. التحقيقات انتهت من الساعة 7، ولكن لسه لم يطلق سراح الطبيب .. لسه موجود عشان في بلاغ كيدي اتقدم ضده مع الطبيب مدير المستشفى د.عمرو مصطفى ونائب المدير د.سيد النحاس. وطالبت عضو مجلس نقابة الأطباء السابقة المسئولين بأن ذلك يجعل الأمور تخرج عن السيطرة، معلقة "محدش في الدنيا ممكن يستحمل يقف أمام الموت وكمان يُهان ويتعرض للاعتداء ويتحبس لو تجرأ على الشكوى، السودان أصدرت قانونا جديدا بتجديد عقوبة الاعتداء على الأطقم الطبية ل10 سنوات سجن واحنا لسه بنعمل محضر كيدي للمعتدي قصاد محضر الطبيب لو رفض يتنازل.. انتبهوا.. كده خطر كده بتخربوا الدنيا بجد". لا إمكانات وبحسب مراقبين، يعمل الأطباء بدون إمكانيات، كما أن أهل المريض يبحثون عن أقل الحقوق المدنية وهي رعاية صحية متوسطة، وانفعالهم هو رد فعل طبيعي في حالة وفاة شاب هو كالزهرة في وسط مجتمعه، مؤكدين أن الخطأ ليس من الطبيب المغلوب على أمره، وليس من المريض المصاب ولا أهله، إنما الخطأ هو في جعل مستشفى غير مؤهلة، وإدارة غير مستعدة لحجر صحي وبدون تأمين أمني ولا إمكانيات، ما يؤكد ضرورة محاسبة الدولة والنظام عما آلت إليه الأوضاع في المستشفيات المهملة. وأمس الخميس، أثار مدير عام المستشفى الجامعية في محافظة بني سويف "محمد شعبان" حالة من الاستياء والغضب بين الأطقم الطبية العاملة لمكافحة تفشي "كورونا". وارتفع عدد المصابين من الأطقم الطبية بالمستشفى إلى نحو 30 حالة إصابة ما بين طبيب وممرض وإداري. وتعليقًا على مطالبات التمريض بنقل إدارية بالمستشفى، تدعى "شيماء جمال"، أصيبت ب"كورونا"، من مستشفى الصدر إلى المستشفى الجامعية لتلقي الرعاية بين زميلاتها، قال "شعبان" ساخرا: "ياكش كلهم يموتوا" (ليتهم يموتوا جميعا). واتهم أطباء بالمستشفى "شعبان" بالإهمال والتقصير في توفير بدل الوقاية ومستلزمات التعقيم؛ ما تسبب في زيادة عدد الإصابات بين العاملين بها. واسطة بالعافية! وروى مرضى، واقعة أخرى تتعلق بقيام مدير المستشفى المذكور بإخلاء سرير من مريضة بالفيروس قبل إتمام شفائها لصالح أخرى؛ خدمة لقيادة أمنية بجهاز الشرطة بالمحافظة. وشهدت المستشفى الجامعية ببني سويف قبل ساعات وفاة ممرضة في الطاقم الطبي، عقب 3 أيام من ولادتها بالمستشفى، بسبب تشنجات حدثت لها عقب الولادة. وقال عميد كلية طب بني سويف، "عاطف مرسي"، في تصريحات صحفية، الأربعاء، إنه تم أخذ مسحة من الممرضة "ريهام عبد الله" قبل الوفاة؛ للتأكد من إصابتها ب"كورونا" من عدمه. ووفق نقابة الأطباء في مصر، ارتفع عدد الوفيات بين صفوف الأطباء في البلاد إلى 58 حتى الآن "الخميس". وتجري مصر 6 آلاف مسحة للكشف عن مصابي فيروس كورونا نصفها في العاصمة. وقالت الدكتورة نانسي الجندي، رئيس الإدارة المركزية للمعامل بوزارة الصحة والسكان، في تصريحات متلفزة، إنّ المعامل المركزية في القاهرة تجري نحو 3 آلاف مسحة للكشف عن فيروس كورونا يوميا، وفروعها تجري 3 آلاف مسحة أخرى يوميا. يأتي ذلك في الوقت الذي تتزايد فيه شكوى المواطنين المصريين من رفض المستشفيات إجراء مسحات لهم، حيث أعلنت وزارة الصحة في وقت سابق أنه لا يتم إجراء المسحة إلا للذين تظهر عليهم أعراض شديدة، أما من تظهر عليهم أعراض بسيطة يتم توجيههم للعزل المنزلي دون مسحة. والاثنين، قال الدكتور حسام حسني رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس "كورونا" في مصر: "إننا نتوقع تسجيل 2000 إصابة يومية خلال يونيو الجاري"، مُحذرًا من "سيناريو أسوأ" قد تصل فيه الحالات إلى 2500.