محافظ شمال سيناء: طرح رفح الجديدة وقرى الصيادين والتجمعات التنموية أمام المنتفعين    عيد القمح    نائب محافظ البحيرة تبحث مع الصيادين وتجار السمك دراسة إدارة تشغيل ميناء الصيد برشيد    مقترح أمريكي لاستخدام عوائد الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا    المغرب يستنكر بشدة ويشجب اقتحام متطرفين باحات المسجد الأقصى    الصين ترسل طاقما مكونا من ثلاثة أفراد إلى محطة تيانجونج الفضائية    الدوري السعودي، رياض محرز يقود أهلي جدة أمام الرياض    "كسر رقم جوزيه ومعادلة الترجي".. أرقام قياسية تنتظر الأهلي في مباراة مازيمبي بدوري الأبطال    "أنا مشجع كبير".. تشافي يكشف أسباب استمراره مع برشلونة    الأهلى يخسر أمام بترو الأنجولي فى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لسيدات اليد    طاقم تحكيم نسائي بالكامل لإدارة مباراة في الدوري الإيطالي    التصريح بدفن مدرس لقي مصرعه داخل أسانسير في المرج    عامل يتهم 3 أطفال باستدراج نجله والاعتداء عليه جنسيا في الدقهلية    بعد تكريم والدها.. ريهام عبد الغفور تتصدر التريند    الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    «القطر مش هيتأخر».. مواعيد القطارات المتحركة بالتوقيت الشتوي بعد تطبيق الصيفي    وزارة التخطيط تشارك في الدورة العاشرة للمنتدى الأفريقي للتنمية المستدامة    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    الأسواق الأوروبية تغلق على انخفاض .. وارتفاع أسهم التعدين 1.9%    في اليوم العالمي للملاريا.. أعراض تؤكد إصابتك بالمرض (تحرك فورًا)    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    "إكسترا نيوز": معبر رفح استقبل 20 مصابًا فلسطينيًا و42 مرافقًا اليوم    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    وزير الرياضة يشهد انطلاق مهرجان أنسومينا للألعاب الإلكترونية    تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية برئاسة وزير التعليم العالي    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    تداول 10 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    ضبط عامل بتهمة إطلاق أعيرة نارية لترويع المواطنين في الخصوص    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    "ميناء العريش": رصيف "تحيا مصر" طوله 1000 متر وجاهز لاستقبال السفن بحمولة 50 طن    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    محافظ قنا: 88 مليون جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال العام الحالي    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    أول تعليق من ناهد السباعي بعد تكريم والدتها في مهرجان قرطاج السينمائي    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة أمريكية: الولايات المتحدة ساعدت في بناء دولة السجون بمصر

نشرت مجلة “jacobin”، الأمريكية دراسة حديثة حول دور الولايات المتحدة في ترسيخ أركان الدولة القمعية التي أنشأها عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب في مصر.
وحسب الدراسة التي ترجمتها “الحرية والعدالة”، كان سقوط حسني مبارك في عام 2011 بمثابة التهديد لعلاقة واشنطن بأحد أكثر زبائنها أهمية. ولكن منذ ذلك الحين، استخدمت المساعدات العسكرية الأمريكية لبناء آلية جديدة من القمع التي تخنق آمال الثورة.
ونشرت وسائل الإعلام نعيا للدكتاتور السابق في مصر، حسني مبارك، إلى جانب عدد من أحاديثه السنوية عن “حالة مصر” المنهكة بمناسبة ذكرى الإطاحة به في عام 2011. وسط تجاهل تام للأزمات التي تمر بها مصر اليوم.
ويتعلق أحد هذه الأزمات بتغير العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، وتأثيرها العميق على الشعب المصري، ولا ينبغي لنا أن نستهين بأهمية هذه العلاقة: فمنذ اتفاقيات كامب ديفيد في عام 1979، تلقت مصر ما يزيد على 70 مليار دولار من الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعلها في المرتبة الثانية بعد إسرائيل كمتلق للمساعدات الأميركية.
في كتابه الصادر في عام 2016 بعنوان “المصريون”، زعم جاك شينكر أن الشعب المصري أظهر للعالم كيف يبدو النضال من أجل الديمقراطية أثناء ثورته، وكان المحتجون في مصر يريدون شيئا أكثر جوهرية من مجرد الانتخابات عندما انتفضوا ضد مبارك في عام 2011، كان المصريون يحلمون بمستقبل سياسي مختلف، ويطرحون بعض الأسئلة الأساسية حول الطبيعة الحقيقية للديمقراطية، وتداعياتها على الحياة اليومية، والتزامات الدولة. بعد وقت قصير، رد جنرالات البلاد على هذه المعارضة المتفائلة بقمع قمعي، وسجن أعداد غير مسبوقة من الناس. وكان القمع يستهدف غير الملتزمين والمنظمين السياسيين المشتبه بهم، من الإسلاميين إلى الليبراليين واليساريين.
لقد أدت انتفاضة 2011 إلى أزمة وجودية في الدولة المصرية. الحياة اليومية للمواطن العادي في مصر مبارك كانت بطيئة، طاحنة، وعنيفة، وأنهت الثورة نظام المخلوع مبارك وبدأت في التخلص من التسلسل الهرمي الروتيني للدولة ومؤسساتها وممارساتها.
ولم تعد العلاقات القديمة مع الولايات المتحدة قادرة على الصمود لأن جهاز الدولة أصبح في حالة من الضعف، ولابد من بناء نظام سياسي جديد، وتعاقب على مبارك أكثر من أربعة رؤساء أمريكيين، لكن ظلت العلاقة قائمة على مراقبة الرحلات البحرية لسنوات، حتى مع وجود خلافات بين الدولتين.
ومن جانبها، كانت إدارة أوباما على استعداد لدعم أي شيء تقريبا يحافظ على التحالف الأميركي مع القاهرة، لكن بعد فض الانقلاب مجزرة اعتصام رابعة العدوية في أغسطس 2013 والذي قتل فيه ما يقرب من ألف شخص، أعادت الولايات المتحدة صياغة رؤيتها للتحالف، ولقد أسفر هذا التغيير عن عواقب بالغة الضرر على الحياة اليومية، والتنقل، والمعارضة السياسية.
وفي لحظة حاسمة بعد استيلاء عبد الفتاح السيسي على منصب الرئيس في عام 2014، غيرت الولايات المتحدة طريقة توزيع مساعداتها، محولة الأموال نحو تكنولوجيا مراقبة الحدود ومكافحة الإرهاب، وكان من الواضح أيضا أن السيسي معجب بفكرة السجون الجماعية على الطريقة الأميركية: يذكر أن مصر بنت 19 سجنا منذ عام 2011، وفي الوقت الراهن، يقبع أكثر من 60 ألف سجين من مجموع 106 آلاف سجين كسجناء سياسيين.
عميل نموذجي
وكما ذكر جايسون براونلي ، فإن التحالف بين الولايات المتحدة ومصر في عهد مبارك قدم نموذجا لما ينبغي أن تكون عليه العلاقة الإمبريالية “المستقرة”، لم يكن الحاكم المصري مذهلا، كان قائدا عميلا منخفض الصيانة يقدر الاحترام المتبادل بين النخب، قد يتذمر مبارك ويشعر بعدم التقدير، ولكنه كان ليتواجد هناك دوما حين تحتاج الولايات المتحدة إليه لتأمين مصالحها، وحتى عندما كان صناع السياسات في العاصمة واشنطن يصدرون الاحتجاج العرضي ضد اعتقال ناشط معارض، فإن الرئيس المصري أبقى كفيله سعيدا بالحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، والمساعدة في تسهيل الحملات العسكرية الأمريكية في المنطقة، ووضع الإسلاميين المصريين تحت السيطرة.
فقد تسببت احتجاجات 2011 في إسقاط نظام مبارك، وبدأت الدولة في التفتت. وقد أدت الانتفاضة إلى حل مؤسسات مثل الحزب الحاكم، وإقالة بعض الوزراء الذين قضوا وقتا طويلا في السرقة. وكانت الشرطة مستاءة، لكنها قبلت خطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة للانتقال الذي سيحميها. كما أيدت جماعة الإخوان المسلمين الدور القيادي الذي لعبه جنرالات المجلس الأعلى للقوات المسلحة في هذه المرحلة الانتقالية.
وعندما أجريت الانتخابات، كان قادة الإخوان المسلمين يأملون في محاكاة النموذج التركي للساسة الإسلاميين الذين تمكنوا من طرد المؤسسة العسكرية تدريجيا من مواقع السلطة. ولكن الجيش أجج المعارضة القوية ضد سياسات الرئيس محمد مرسي، واستغل الفرصة لشن انقلاب ضد مرسي وطرح المشير السيسي رئيسا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لنظام جديد.
“استعادة الديمقراطية”
وكان انقلاب يوليو 2013 حدثا مفصليا للعلاقات بين مصر والولايات المتحدة، فالتدخل العسكري ضد الرئيس المنتخب يضع إدارة أوباما في مأزق، حيث يقضي القانون الأميركي بقطع المساعدات إذا أقيل زعيم ما من السلطة بوسائل غير ديمقراطية، ولكن وزارة الخارجية رفضت إطلاق كلمة “انقلاب”، حتى أن جون كيري زعم، بعد أقل من شهر من استيلاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة على السلطة، أن جنرالات مصر “يستعيدون الديمقراطية”.
واضطرت الولايات المتحدة إلى الرد بطريقة ما بعد الهجوم العسكري على مجزرة فض اعتصام ميدان رابعة عدوية بالقاهرة بعد ستة أسابيع من الانقلاب الذي أودى بحياة حوالي ألف شخص. وجمد أوباما المساعدات مؤقتا، ولكن حكومته بذلت قصارى جهدها لتجنب إحراج حكام مصر الجدد، وبحلول مارس 2015، كان أوباما على استعداد للموافقة على تسليم المروحيات إلى الجيش المصري.
وجاء استئناف المساعدات العسكرية التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار بعد اتفاق على أن تمارس الولايات المتحدة السيطرة على مشتريات الأسلحة، فمصر لديها عدد من الدبابات يفوق عدد الدول في أفريقيا وأمريكا اللاتينية مجتمعة، ولكن شركات تصنيع الأسلحة في الولايات المتحدة تحولت من خط الإنتاج إلى واحد من أسرع الصناعات الدفاعية نموا: معدات مراقبة الحدود، والطائرات بدون طيار، والتقنيات الجديدة المتطورة لممارسة السيطرة على حدود الدولة.
والواقع أن صناعة “الأمن الداخلي” من المتوقع أن تولد أكثر من 700 مليار دولار في هيئة مبيعات خلال العقد المقبل، وتضاعفت الأرباح في هذا القطاع في السنوات العشر الأخيرة، إن تكنولوجيا الحدود تشكل البقرة الذهبية الجديدة للنزعة العسكرية، ولقد بدأت الولايات المتحدة في تعديل الأسواق وفقا لذلك.
ومن ناحية أخرى، هبطت المساعدات الأميركية غير العسكرية لمصر إلى مستوى ضئيل، الأمر الذي يبعث برسالة واضحة مفادها أن المشاريع الاجتماعية ومشاريع البنية الأساسية التي من شأنها أن تعود بالفائدة على المصريين العاديين لم تعد تشكل أي أهمية. وعلى حد علمنا، فإن الولايات المتحدة لم تسعى بنشاط إلى تحويل مصر إلى دولة أمنية، ولم تقترح سياسة تقييد حرية الحركة لمواطنيها، ولكن هذا النهج كان يتدفق “بشكل طبيعي” من المنظور الأمني الذي يتسم به النظام الاستبدادي العميل المهتز وراعيه الإمبراطوري.
فقد أعادت واشنطن توجيه مساعداتها من الأسلحة التقليدية والمناورات العسكرية نحو “الأمن الوطني”. على سبيل المثال، وقعت وزارة الخارجية الأميركية في يوليو 2015 على اتفاق مع القاهرة لبيع النظام المصري مائة مليون دولار من أجهزة استشعار المراقبة وتحسين الاتصالات، مع توفر العشرات من مقاولي الدفاع لتدريب الأفراد المصريين، وقال البنتاجون إن نقل التكنولوجيا والمهارات على هذا النحو من شأنه أن يزيد من قدرة مصر على إجراء عمليات المراقبة “على طول حدودها مع ليبيا وغيرها”.
الدولة الأمنية
يشرف كبار المسؤولين في مصر الآن على أجهزة الدولة المتعاقبة التي تعاني من خلل في الاقتصاد السياسي. ذلك أن الخدمات الحكومية والإعانات المقدمة للسكان يتم تقليصها على نحو مستمر، الأمر الذي يزيد من السخط الشعبي مع هبوط مستويات المعيشة. ولاستباق هذا، كانت الدولة تستثمر في أجهزتها الأمنية. وكلما زاد إنفاقها على القمع، قل ما يمكن أن تقدمه لتلبية الاحتياجات الاجتماعية، وتكررت الدورة نفسها. وأصبحت وظيفة المسؤولين الأمنيين القضاء على أي مشكلة قبل حدوثها.
القيود المفروضة على حركة المعارضين السياسيين تهدف إلى احتواء أي تراكم من الضغوط حول المظالم الاجتماعية مثل اتساع فجوة التفاوت، وانخفاض قيمة العملة، وأسعار الخبز، ناهيك عن الانهيارات المتكررة لحوادث البنية الأساسية. فالنظام يقوم بإقامة الجدران، المادية والسياسية، للسيطرة على السكان. تساعد علاقات مصر مع الولايات المتحدة على تطبيع أشكال أكثر غدرا من عنف الدولة.
لطالما غض المسؤولون الأمريكيون الطرف عن القمع في مصر. بينما كان باراك أوباما على وشك الصعود على متن طائرة متجهة إلى القاهرة في عام 2009، سأله أحد الصحفيين مباشرة عما إذا كان مبارك مستبد، و قد أصر الرئيس على أنه لا يريد استخدام “تسمية للناس” قبل أن يصف مبارك بأنه “قوة من أجل الاستقرار”. و في اليوم الذي قامت فيه الانتفاضة بإسقاط مبارك أخيرا، ادعى نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أنه من غير المناسب تسمية حليف واشنطن — الذي عرفه جيدا — دكتاتورا.
وكان دونالد ترامب أقل فرحا في امتداح خليفة مبارك السيسي، حتى أنه أشار إلى السيسي باعتباره “الدكتاتور المفضل لدي” في مؤتمر مجموعة الدول السبع في سبتمبر 2019، واستغل وزير خارجية ترامب مايك بومبيو، مناسبة خطاب في الجامعة الأمريكية في القاهرة في نفس العام ليعيب أوباما لعدم تأييده الكافي للدكتاتوريات العربية (واسرائيل). وفي كل الأحوال فإن مصر نادرا ما تظهر على أجندة الأخبار الأميركية هذه الأيام.
وقبل ثورة 2011، كان في البلاد ثلاثة وأربعون سجنا، وبنى المجلس الأعلى للقوات المسلحة سجنا جديدا خلال الفترة الانتقالية، كما أضافت رئاسة مرسي التي لم تدم طويلا، اثنين آخرين، أما الستة عشر الباقية فقد شيدت جميعها منذ انقلاب عام 2013، ولا يشمل رقم السجون الجديدة مراكز الاعتقال في معسكرات قوات الأمن المركزي أو السجون العسكرية. وفقا ل هيومن رايتس ووتش، هناك “خط تجميع للتعذيب” في جهاز أمن الدولة، وقد ظل بعض السجناء وراء القضبان لمدة تصل إلى خمس سنوات دون توجيه تهم إليهم بارتكاب أي جريمة.
كما تم حبس آخرين بتهم وهمية، مثل علاء عبد الفتاح الذي أمضى حكما بالسجن خمس سنوات بسبب التظاهر بدون إذن، وبعد إطلاق سراحه في مارس 2019، اضطر عبد الفتاح إلى البقاء بمركز شرطة الحي الذي يقطنه لمدة اثنتي عشرة ساعة من الاحتجاز كل ليلة.
وتفرض الدولة هذه الشروط الاختبارية المتطرفة على السجناء السابقين الذين تعتبرهم خطرة، وبطبيعة الحال، فإن هذا يحد بشدة من قدرة الشخص على السفر إلى أي مكان بعيدا عن بيته خوفا من تأخره عندما يأتي موعد الاحتجاز في المساء.
وفي سبتمبر 2019، أعيد اعتقال عبد الفتاح بعد احتجاجات ضد الفساد الحكومي والعسكري، وهو الآن في السجن، ولكنه لم يواجه أي تهمة، ورغم أن فريقه القانوني نجح في الحصول على حكم المحكمة الذي دعا إلى إطلاق سراحه، إلا أن النيابة استأنفت الحكم على الفور، ولا يزال قابعا في السجن.
السيطرة على المعارضة
كما ارتفعت أشكال العنف الأخرى في الدولة تحت رقابة السيسي، وكان مركز النديم المعني بضحايا التعذيب قد أبلغ عن 464 حالة اختفاء بحلول فبراير 2016، وقد شاركت قوات وزارة الداخلية في عدد غير عادي من المعارك المسلحة في المناطق الصحراوية، وقد وثقت وكالة رويترز 108 حالات تبادل لإطلاق النار بين منتصف 2015 ونهاية 2018، مما أدى إلى مقتل 465 شخصا، حتى لو لم نتمكن من التعرف على الأشخاص الذين قتلتهم قوات الأمن، يمكننا أن ننظر إلى صور جثثهم الميتة والدموية المعروضة على صفحة الوزارة على فيسبوك.
وقد حكم على أكثر من 2100 شخص بالإعدام خلال حكم السيسي، وتحتل مصر الآن المرتبة السادسة في العالم في عمليات الإعدام التي تنفذها الدولة سنويا، مقارنة بالسنوات الثلاث الأخيرة من حكم مبارك، التي أعدمت الدولة فيها أحد عشر شخصا، وفي عام 2011، لم يكن هناك سوى تنفيذ حالة واحدة، ولم يسجل أي منها في عام 2012 أو 2013، ولكن بعد الانقلاب شهد تنفيذ أحكام الإعدام زيادة كبيرة على النحو التالي: 15 حالة في عام 2014، 22 حالة على الأقل في عام 2015، و44 حالة في عام 2016، ثم 35 و43 حالة في عامي 2017 و2018.
وتتعرض المنظمات غير الحكومية التي تتواصل مع ضحايا التعذيب أو تنشر تقارير عن الانتهاكات بحقهم إلى الحجب، كما بتعرض الصحفيون المستقلون الذين يقدمون تقارير جادة إلى تهديدات دائمة، ويستهدف الانقلاب الصحفيين الأجانب: فقد اعتقلت السلطات الصحفي ديفيد كيركباتريك من صحيفة نيويورك تايمز عندما حاول دخول البلاد في فبراير 2019 ورحلته إلى بلاده، وكان كيركباتريك قد نشر تقريرا حول موافقة السيسي على شن غارات جوية إسرائيلية ضد المتمردين الإسلاميين في سيناء، ولإخفاء انتشار الطائرات الإسرائيلية والطائرات بدون طيار والمروحيات فوق الأراضي المصرية، حول النظام شمال سيناء إلى منطقة عسكرية مغلقة.
وعقب الانقلاب العسكري أصبحت العلاقات بين إسرائيل ومصر أكثر دفئا مما كانت عليه في عهد مبارك، وعندما نقل ترامب السفارة الأمريكية إلى القدس، أدان الدبلوماسيون المصريون هذه الخطوة رسميا، لكن تم نشر تسريب لمسؤول في جهاز الأمن الوطني يوجه مقدمي البرامج التلفزيونية إلى إقناع المشاهدين بأن على الفلسطينيين مواكبة مبادرة ترامب وقبول رام الله كعاصمة لإدارة الدولة.
ووفقا لدبلوماسي غربي مقيم في القاهرة، فإن الحكومة الإسرائيلية قد ردت الجميل موضحا: “أن الدبلوماسيين الإسرائيليين مصرون دوما على الدفاع عن مصر ضد الانتقادات التي تندلع في عواصم العالم الرئيسية، سواء كانت تلك الانتقادات مرتبطة بحالة حقوق الإنسان أو الوضع الاقتصادي”.
ويشكل حظر السفر شكلا آخر من أشكال القمع الرئيسية التي يفرضها النظام، ولم يعد يسمح لمعظم الناشطين بمغادرة مصر، سواء في الأعياد أو في المؤتمرات المهنية، خصوصا قيادات المعارضة، مثل عايدة سيف الدولة، جمال عيد، أو الصحافي المحقق حسام بهجت، ولا أحد يعرف من هو على القائمة مقدما: يمكنك فقط أن تعرف عن طريق الذهاب إلى المطار لتفاجئ بقرار حظر السفر، وكان هناك 56 حظر سفر فرضه النظام العسكري ومرسي في الفترة 2011-2013، وفى العامين التاليين للانقلاب ارتفع الرقم إلى حوالى 500.
ويعد التجسس على منتقدي النظام من الأمور الشائعة، ففي أكتوبر 2019، اكتشفت شركة أمن الفضاء الإلكتروني الأمريكية أن المسؤولين الحكوميين أنشأوا تطبيقا متطورا لتركيب البرمجيات على الهواتف المحمولة الخاصة بالنشطاء، الأمر الذي يسمح للدولة بتعقب تحركاتهم ومراقبة اتصالاتهم ورسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم، تطابق إحداثيات التطبيق الافتراضية مع تلك الخاصة بمقر أمن الدولة في القاهرة.
الحدود الداخلية
ومع تحرك المزيد من الناس على مستوى العالم، ومع تصدير الدولة الأمنية في الولايات المتحدة لتكتيكات مكافحة التمرد العسكرية والشرطة، وفقدان النخبة الحاكمة الجيدة التسليح والتمويل في البلدان الفقيرة القدرة على الحكم، فإن الرؤية الخطيرة تنشأ الآن لمستقبلنا السياسي. إن أغلب الناس لا يميلون إلى تجربة التقنيات الحدودية داخل أي بلد. ولكن هذا يتغير بسرعة.
وتقوم مصر حاليا ببناء جدار ثان إلى جانب غزة لعزل سكانها الفلسطينيين البالغ عددهم مليوني نسمة، وقد جرى الحديث عن بناء جدار على طول الحدود الليبية أيضا، ورغم هذا فإن هذه الضراوة الكاملة من الضوابط الحدودية تستخدم أيضا في الداخل، مع السجن الجماعي، وحظر السفر، والقيود الشديدة، والحواجز المادية التي قد تقيد نقاط الرمزية الثورية مثل ميدان التحرير، تقوم السلطات المصرية بإغلاق المقاهي والأنشطة الترفيهية في وسط مدينة القاهرة، بينما تقوم كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة بالقمع على قمم المباني المهملة والتي كانت رائعة.
تدرك الولايات المتحدة أنها لا تستطيع شراء مخرج لقادة مصر، إن الموقف الذي خلفه مبارك هو حالة من الفوضى والمديونية والعنف، ولكن الأمر سوف يتطلب وفرة من الأموال الأجنبية لمجرد دعم جهاز الدولة الضعيف، ومنذ عام 2011، شهدت واشنطن اعتماد الاقتصاد المصري بشكل أكبر على المساعدات الدولية من الولايات المتحدة، وأيضا من المملكة العربية السعودية ودول الخليج.
إن ديون مصر الخارجية حاليا أعلى مما كانت عليه في أي وقت مضى، حيث ارتفعت إلى عنان السماء منذ عام 2014، وقد تلقت البلاد ما يقرب من 12 مليار من الدولارات من المساعدات سنويا منذ الانقلاب من ثلاث دول خليجية: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت. وإلى جانب سلطنة عمان والبحرين وقطر، قدمت هذه الجهات المانحة ما مجموعه 92 مليار دولار منذ سقوط مبارك في عام 2011، وأصبح صندوق النقد الدولي في مصر الآن في وضع يسمح بتضخم الديون الخارجية التي يعوض عنها خفض الدعم الحكومي والخدمات التي يعتمد عليها المصريون.
ومع اضطرار الناس العاديين إلى الاستمتاع بأقل وأقل، فإن قوات الأمن تحتاج إلى استثمارات ورعاية ودعم منتظم من أجل الحفاظ على تماسك الدولة، فلم يعد هناك حزب حاكم كبير يمكن استخدامه لتنظيم الموالين للنظام، ونادرا ما أبدى أعضاء البرلمان مقاومة لما يريده السيسي، وصوتوا مؤخرا لتمديد فترة ولايته، ومن ناحية أخرى، تستخدم المؤسسة العسكرية احتكاراتها الاقتصادية الهائلة والمليارات غير المعلنة لتشكيل تحالفات مع رجال الأعمال المصريين وتوظيف أكبر عدد ممكن من العمال الفقراء.
السيسي منهمك في محاولة بناء جدران تمنع الناس من التواصل، لكن إعادة توزيع الثروة من الشعب المصري إلى النخبة الحاكمة يمثل وقودل لثورة شعبية أخرى، إن شبح الانتفاضة الأخيرة يطارد الجنرالات في كل منعطف. والآن يعاد تنظيم بنية السلطة من أجل مستقبل حيث تخلت الدول عن التزاماتها الاجتماعية ولكنها تحتاج إلى مساحات من أجل الحد من هؤلاء الذين لا يرغبون في تقبل الاختناق البطيء.
وخلصت الدراسة إلى أن نظاما كهذا لا يمكن أن يستمر إلا من خلال نشر أكبر للعنف والسجن ضد مواطنيه، وبدعم ملتزم من أقوى دول العالم، إن مؤسساتنا الأمنية الخاصة تقدر بحرارة دور السيسي كحصن قسري ضد الحركات الاجتماعية المصرية، وضد المقاومة الفلسطينية، وأيضا ضد تدفق الهجرة إلى أوروبا الحصينة، ولكنهم أيضا سيبحثون في المختبر المصري لاستراتيجيات مبتكرة للسيطرة والقمع، ذلك أن العالم المشوب بالحدود الذي يرغب فيه الأثرياء العالميين يرتبط ارتباطا وثيقا أكثر مما قد يتصور المرء.
لمطالعة الدراسة:
https://www.jacobinmag.com/2020/03/egypt-prison-state-client-mubarak-al-sisi


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.