"لم تمانع الجماعة من أن تكون لها أفرع في بقاع العالم، يكون لها مأوى بديل، في حال قست الظروف السياسية عليها".. كان هذا هو التفسير الذي توصلت إليه الباحثة أليسون بارجتر، في كتابها "الإخوان المسلمون بين السلطة والمعارضة"، حول انتشار جماعة "الإخوان" في دول كثيرة، بخاصة الأوروبية، حتى أُثير عقب إعلان زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى ألمانيا بدعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل؛ لبحث تدعيم أواصر التعاون الألماني المصري السياسي والاقتصادي والثقافي، أن "الإخوان" يسعون لإفساد هذه الزيارة. يبلغ عدد من ينتمون إلى جماعة "الإخوان" في ألمانيا نحو 3 آلاف عضو تحت اسم "رابطة المسلمين في ألمانيا" IGD، وفقًا لما أشار إليه الدكتور عمار علي حسن أستاذ العلوم السياسية، في إحدى مقالاته، وأوضح منتدى الشرق الأوسط للأبحاث MEF أن الوضع في ألمانيا على وجه الخصوص يفصح عن أن "الإخوان" أحرزوا نفوذًا وقبولًا سياسيًا، أكثر من أي مكان آخر في أوروبا، وأن التنظيمات الإسلامية في البلدان الأوروبية الأخرى، تقتدي الآن بشكل واع بنموذج نظيراتها الألمانية. وأرجع منتدى الشرق الأوسط، تاريخ "الإخوان" في ألمانيا، إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حيث غادر الآلاف من الطلاب المسلمين الشرق الأوسط، للدراسة في الجامعات الألمانية، ليس بفعل جذب السمعة التقنية للمعاهد الألمانية وحسب، بل لرغبتهم في الفرار من النظام الحاكم في مصر في عهد جمال عبدالناصر، الذي واجههم بشدة، فغادر مصر عدد من أعضاء تنظيم "الإخوان" فرارًا من الاعتقال أو الاغتيال، وقدمت لهم ألمانياالغربية ملجأً. وشرح الخبير في شؤون الإرهاب خالد دوران، في دراساته حول الجهادية في أوروبا، أسباب استضافة ألمانية الغربية لهم، التي تعود إلى أن حكومة ألمانياالغربية قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع البلدان التي اعترفت بألمانياالشرقية، وعندما أقامت كل من مصر وسوريا علاقات دبلوماسية مع الحكومة الشيوعية، قررت ألمانياالغربية استضافة اللاجئين السياسيين المصريين والسوريين، وكان أغلب اللاجئين إسلاميون، كما أن العديد من أعضاء تنظيم "الإخوان" كان على ألفة بألمانيا، فالعديد منهم تعاون مع النازيين قبلًا وأثناء الحرب العالمية الثانية. حتى أسس سعيد رمضان أحد الرواد الأوائل ل"الإخوان" في ألمانيا، الجمعية الإسلامية في ألمانيا، التي ترأسها من 1958 إلى 1968، وساهم رمضان في تأسيس "رابطة مسلمي العالم"، وكانت الحكومة الأمريكية راقبت عن كثب نشاطات رابطة مسلمي العالم، المتهمة بتمويل الإرهاب، وأسس جمعية المسلمين في ألمانيا، التي خلفه فيه غالب حمت، وهو سوري يحمل الجنسية الإيطالية، وأشرفا الاثنين على بناء المركز الإسلامي في ميونخ في العام 1960. ومن "المركز الإسلامي في ميونيخ" الذي يمثل الفرع الرئيسي ل"الإخوان" المصريين في ألمانيا، تنامت الجمعية الإسلامية في ألمانيا، وتوغلت في أوروبا، ونمت بشكل لافت عبر السنين، وتتعاون مع عدد كبير من التنظيمات الإسلامية في البلاد، واندرج تحت مظلتها مراكز إسلامية من أكثر من 30 مدينة ألمانية، وتعتبر ألمانيا بوابة عبور "الإخوان" إلى أوروبا، ووصلت المنظمات المرتبطة ب"الإخوان"، إلى مواقع بارزة في أوروبا، وأنشأت خلال الأعوام ال15 الماضية، سلسلة من المنظمات في كل أوروبا، مثل فيدرالية المنظمات الإسلامية في أوروبا، حيث يمكن لممثلين من المنظمات القومية أن يلتقوا ويخططوا لمبادراتهم، وربما كان أكبر ارتباط لتنظيم "الإخوان" عبر أوروبا كلها، هو ارتباطهم مع منظمتهم الشبابية، كما مع الجمعية الإسلامية في ألمانيا، بحسب منتدى الشرق الأوسط. كل ذلك جعل هيئة حماية الدستور الألماني - التابعة لوزارة الداخلية الألمانية - تراقب عن كثب الجماعات الإسلامية مثل "الإخوان" ونظيرتها التركية، المعروفة باسم ملي غوروس، وأصبح الانتماء إلى تلك الجماعات أو الاتصال بها، قد يعرض الشخص لعدم الحصول على الجنسية الألمانية، وعدم الحصول على الدعم الحكومي، وفقًا لتقرير نشرته شبكة أخبار BBC عام 2007. وقال الدكتور إكرام بدرالدين أستاذ العلوم سياسية، إن "الإخوان" موجودين في أكثر من بلد، وتأثيرهم لم يقتصر على مصر والدول العربية فقط، بل لهم تواجد في الدول الأوربية ومنها ألمانيا ويعتمدوا في تعاملهم على رأس المال والجانب الاقتصادي بالتحديد. وأضاف بدر الدين ل"الوطن"، أن ألمانيا من المناطق الموجود بها بعض قيادات "الإخوان" من الصف الأول، وبالتالي لهم تأثير قوي هناك، لكن ألمانيا لن تسمح لهم بأي مصالح تتعارض معها، ودعا إلى وجود مواز للرد على الادعاءات والأفكار المغلوطة، لبعض أفراد الجماعة، ويتحقق ذلك عن طريق تكوين جالية مصرية مترابطة في ألمانيا، للمحافظة على الأمن القومي والعلاقات المتبادلة.