الخلفية الحمراء باتت ثابتة لم تنتفض لدماء مصبوغة باللون ذاته سالت على الأرض دون احترام لحُرمتها، سواد البدلة الكاملة أركانها، كان حدادًا على رفض "الإعلان الدستوري"، وليس على أرواحًا أُزهقت بغير نفس، اكتمل المشهد، الذي لم ينتظره الشعب بعد "أربعاء دامي"، بكلام مدون على ورق رصَّه الرئيس المعزول محمد مرسي مُحملًا أصحاب من ماتوا دماء رفقاءهم دون استحياء. بنبرة حملت مشاعر الغضب من اقتراب المعتصمين أمام قصر الاتحادية في 4 ديسمبر 2012 من الممتلكات الرئاسية بالاعتداء على بعض سيارات الرئاسة، ما أدى إلى إصابة سائق أحداها، وأخرى عبرت عن تهديد صريح لمن يدعون للانقلاب على الشرعية "القائمة على الخيار الحر لشعب مصر العظيم"، طلَّ الرئيس المعزول على الشعب في 6 ديسمبر 2012، مُلقيًا الاتهامات يمينًا وشمالًا لتصيب المعتصمين تارة وبعض القوى السياسية تارة ثانية والطرف الثالث من البلطجية مرة ثالثة دون أن تصيب إحداها جماعة "الإخوان" المنتمي إليها والمتهم الأول في الأحداث. "أكثر من 80 متورطًا في أعمال العنف وحامل للسلاح ومستعمل له وحققت النيابة العامة مع بعضهم والباقون محتجزون قيد التحقيق بمعرفتها ومن المؤسف أن بعض المقبوض عليهم لديهم روابط عمل واتصال ببعض من ينتسبون أو ينسبون أنفسهم إلى القوى السياسية وبعض هؤلاء المستخدمين للسلاح والممارسين للعنف من المستأجرين مقابل مال دفع لهم كشفت عن ذلك التحقيقات".. نص ما قاله مرسي في خطابه ونفاه المستشار مصطفى خاطر، المحامي العام الأول لنيابة شرق القاهرة، ما أدى إلى نقله لنيابة استئناف بني سويف، بناء على قرار النائب العام حينها المستشار طلعت عبدالله، على خلفية التحقيقات التي جرت مع المتهمين في أحداث اشتباكات قصر الاتحادية وقرار "خاطر" بإخلاء سبيل جميع المتهمين ل"عدم وجود أدلة وأن الذين ألقوا القبض عليهم هم شباب من الإخوان لا يملكون ضبطية قضائية، وأن الشرطة لم يكن لها دور سوى تسلم المتهمين من شباب الإخوان وتحرير المحاضر وتسليمهم للنيابة". البدلة الرسمية نقصت أركانها، ثبات المشهد صار مهزوزًا، الكلمات الخطابية الطويلة اختصرت في جملة تتغير أشكالها والمعنى واحد: "الاستجواب غير قانوني لأني رئيس الجمهورية الشرعي".. هكذا ظهر المعزول أمام القضاء بصفته متهمًا بقتل من لم يقتص لحياتهم وقت رئاسته ومعه 14 إخوانيًا آخرين. الحديث عن المؤامرة والبلطجية والمندسين والطرف الثالث، لم يجل بخاطره أمن البلاد كما كان يذكر، وفي محاكمته كان الحديث عن نفسه هو الأهم، فلم يدافع عن نفسه أو يبرىء ذاته من قتل المتظاهرين في أحداث الاتحادية وظل متمسكًا بشرعيته التي لا يبرح جلسة محاكمة دون أن يتحدث عنها وأنه عقب خروجه سيحاكم كل ممن يحاكموه بقوله: "كيف تحاكمني وأنا رئيسك، بحملك المسؤولية كاملة عن إعاقة عملي كرئيس للبلاد". ما بين أمس انصرف من عامين كان فيه محمد مرسي رئيسًا وحاضر جعله متهمًا بقتل من ترأسهم يومًا، ينتظر المعزول حكم محكمة جنايات القاهرة عليه في القضية المعروفة إعلاميًا ب"أحداث الاتحادية" بجانب عدد من قيادات الإخوان في قضية أحداث اشتباكات الاتحادية، التي دارت في الأربعاء الدامي 5 ديسمبر 2012، بين أعضاء جماعة الإخوان والمتظاهرين، ما أسفر عن مصرع 10 أشخاص على رأسهم الشهيد الصحفي الحسيني أبوضيف، إضافة إلى إصابة العشرات.