على مدى السنوات الماضية تشهد العلاقات المصرية- الصينية، تطورا كبيرا عبرت عنه مجالات التعاون المتشعبة بين البلدين، التي تشمل تقريبا مختلف المجالات، ولعل حجم ما بلغته العلاقات بين «القاهرة»و«بكين» كان واضحاً بشكل كبير خلال جائحة كورونا، أو فى ظل تطابق وجهات النظر تقريباً بين البلدين فى كثير من المواقف السياسية. فى هذا السياق، يقول عماد الأزرق، مدير مركز التحرير للدراسات السياسية والمتخصص فى الشأن الصينى، إن العلاقات المصرية - الصينية تشهد طفرة كبيرة للغاية ونقلة كبيرة، خاصة منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة مصر وزيارته الأولى إلى الصين فى ديسمبر 2014، والذى رفع مستوى علاقات البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، مضيفاً أن العلاقات بين «القاهرة»و«بكين» أخذت منذ هذا التاريخ منحنى جديداً، نظراً لأنها تنوعت بشكل كبير وازدادت عمقاً، خاصة على مستوى القيادة السياسية. وأوضح «الأزرق» ل«الوطن» أن الرئيس عبدالفتاح السيسى حرص على زيارة الصين تقريباً بشكل سنوى وهناك تعاون كبير ما بين مصر والصين فى كل المجالات، خاصة فيما يتعلق بتوطين التكنولوجيا والتنمية الصناعية، خاصة فى المنطقة الاقتصادية بقناة السويس لتشهد توسعاً كبيراً وتم توسعة المنطقة ومضاعفة مساحة المنطقة، وأصبحت من أكثر المناطق جذباً للصناعات التكنولوجية عالية الجودة، ويكفى على سبيل المثال أن مصر فى المرتبة الثالثة فى صناعة الألياف الضوئية بعد الولاياتالمتحدةالأمريكيةوالصين. «حلمى»: الصين أول دولة رحبت بثورة 30 يونيو بدورها، لفتت الدكتورة نادية حلمى، الخبيرة فى الشئون السياسية الصينية والآسيوية، إلى أن الصين كانت أول دولة رحبت بنجاح ثورة 30 يونيو فى مصر وشارك وزير الصناعة الصينى وقتها فى حفل تنصيب الرئيس السيسي رئيسا للجمهورية المصرية فى عام 2014، كما تصدت الصين لجميع المحاولات الغربيةوالأمريكية لعرض ملف مصر بعد نجاح ثورة 30 يونيو 2013 فى مجلس الأمن. وأضافت أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنى سويف، فى اتصال ل«الوطن»، أنه من هنا جاءت العلاقات الرئاسية على المستوى القيادى بين الرئيسين المصرى عبدالفتاح السيسى ونظيره الصينى شى جين بينج، كما كانت الصين من أوائل الدول التى دعمت مصر اقتصادياً بعد ثورة 30 يونيو مباشرةً، لذا تعددت الاستثمارات الصينية فى مصر، وتنوعت استثمارات الصين فى مصر، لا سيما فى المنطقة الاقتصادية الخاصة بقناة السويس، التى بها عدد من المشروعات الواعدة فى مختلف المجالات أمام المستثمرين الصينيين للانطلاق من خلالها نحو الأسواق المجاورة لمصر سواء فى المنطقة العربية أو القارة الأفريقية. وذكرت «حلمى» أن زيارات الرئيس السيسي إلى الصين تعددت وكذلك تعددت دعوات نظيره الصينى شى جين بينج لحضور عدة فعاليات ولقاءات، آخرها مشاركة الرئيس السيسي فى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية فى «بكين» فى فبراير 2022، فكانت أول زيارة للرئيس السيسي بعد ثورة 30 يونيو 2013 مباشرةً إلى الصين. كما شارك الرئيس السيسي فى القمة الثالثة التى جمعته مع الرئيس الصينى «شى جين بينج» فى الفترة من العشرين إلى الثانى والعشرين من يناير 2016، وذلك خلال الزيارة التاريخية للرئيس الصينى شى جين بينج إلى مصر كأول زيارة لرئيس صينى إلى القاهرة منذ 12 عاماً، استجابة لدعوة من الرئيس السيسي لنظيره الصينى. «الإسلامبولى»: تطابق كبير فى المواقف والحفاظ على وحدة الدول قالت السفيرة هاجر الإسلامبولى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، بدورها، إن العلاقات مع الصين من أهم العلاقات، وهناك تعاون كبير بيننا وتطابق فى المواقف الرئيسية فى المنطقة، كأهمية الحفاظ على وحدة وسلامة أراضى الدول وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، وهناك اتفاق تام بين «القاهرة»و«بكين» بالنسبة للقضية الفلسطينية وتسوية الصراعات وتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة. وأضافت «الإسلامبولى»، أن هناك نقطة مهمة وهى أن الصين لا تزال تعتبر نفسها دولة نامية، ولذا فإن هناك تعاوناً تنموياً كبيراً بين البلدين فى ظل مساعى «بكين» لدعم الدول النامية. وأشارت إلى أن الصين أصبحت دولة قوية ومصنعاً تكنولوجياً وطبياً للعالم، ومن ثم تكتسب العلاقات معها أهمية كبيرة، مؤكدة أن لها علاقات قوية مع مصر لأنها علاقات بين حضارتين كبيرتين، كما أن «بكين» لا تنسى أن مصر كانت أول دولة عربية وأفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية وتقيم علاقات دبلوماسية معها.
